الرئيسية / بايولوجي / خلايا عصبية في الدماغ قادرة على التنبؤ بالمستقبل

خلايا عصبية في الدماغ قادرة على التنبؤ بالمستقبل

قررنا أن نلتقي في حانة ، في الحانة احتسينا القليل من الشراب وتناولنا العشاء، بعد ذلك انحنيتَ نحوي من أجل قُبلة، اعتماداً على اختلاطنا السابق قمت أنتَ بالتخمين أو التنبؤ بذلك ولهذا أصبحت القُبلة متبادلة بدل أن أقوم بصفعك على وجهك.                        

كل فعالياتنا الإجتماعية تتطلب منا أن نخمن التصرفات والنوايا غير المقررة للأشخاص ألآخرين.اكتشف الباحثون مؤخراً خلايا معينة في الدماغ تمكن القردة من فعل ذلك، ومن المحتمل أن هذه الخلايا تؤدي نفس العمل في البشر. يقوم البروفيسور زيف ويليامز مع الباحثة كيرين هاروش(وهي طالبة ما بعد الدكتوراه) في كلية الطب جامعة هارفارد بتدريب القردة على لعب نسخة معدَّلة من ما يسمى بمعضلة السجين، وهي لعبة تستخدم لدراسة التعاون .

يجلس إثنان من القردة بجانب بعض ويقرران فيما إذا سيتعاون أحدهما مع رفيقه من خلال تحريك عصا تحكم اللعبة لإختيار أحد الخيارين، في حال تحريك العصا نحو الدائرة البرتقالية فإن ذلك يعني “التعاون” أما إذا كانت الوجهة نحو المثلث الازرق فذلك معناه “ليست هذه المرة”، كلاهما لا يستطيع رؤية وجه الآخر ولا إستلام أي إشارات حول ما يخطط له من فعل. في حال اختار كلاهما التعاون فإن كلاً منهما سيحصل على 4 قطرات من العصير، وإذا ما اختار أحدهما التعاون والآخر عدمه فإن من سيتعاون سيحصل على قطرة واحدة و غير المتعاون سيحصل على 6 قطرات من العصير، اما في حال قرر كلاً منهما عدم التعاون فسيحصل كلاهما على قطرتين من العصير.

الكشف الكبير

بعد أن يقوم كلا القردين بتحديد خياريهما، يكون بإمكان كلٍ منهما رؤية ما قرره رفيقه و سماع كمية العصير التي سيستمتع بها. قام القردة بإعادة هذه اللعبة لآلاف المرات، و كما هو الحال مع البشر فإن احتمالية تعاون كل منهما تزداد في حالة كون خصمه قد تعاون معه في اللعبة السابقة  .

خلال التجربة، قام الفريق بتسجيل فعالية الدماغ من خلال مراقبة خلايا في المنطقة الحِزامية الأمامية وهي الموضع الذي يُعتقد أن له دور في اتخاذ القرارات . اكتشف الفريق أن الفعالية لمجموعة محددة من الخلايا العصبية (النيورونات) كانت مرتبطة مع قرار القرد الخاص في كل لعبة .                                                           

لكن وفي معضلة السجين فإن توقعك لتصرف خصمك اعتماداً على سلوكه السابق يُعد هو المفتاح لكي تحصل على أفضل جزاء(عقوبة مخففة بدل السجن لمدة طويلة). وجد هاروش و ويليامز مجموعة أخرى من النيورونات ضمن نفس المنطقة (وهي المنطقة الحزامية الأمامية) وكانت مسؤولة عن تخمين ما ينوي أن يفعله الخصم قبل أن يقوم به بالفعل .

بإمكاني قراءة عقلك

في الحقيقة و عندما قام الفريق بمراجعة النتائج فإن فعالية الخلايا العصبية (النيورونات) في أحد القردة قد خمنت بشكل صحيح 79% من الخيارات اللاحقة للقرد الآخر خلال اللعب .                                                                                         

يقول الباحثون أنه و بخلاف الخلايا العصبية المرآتية –والتي يعتقد أنها تتحفز في حالة قيام الناس أو الحيوانات بفعل ما، و التي تنشط و بنفس الشدة عند مشاهدة شخص أو حيوان آخر يقوم بنفس الفعل- فإن تلك المجموعة من الخلايا العصبية التي قاموا بمراقبتها كانت تحاول أن تتوقع نوايا الآخرين.                                                    

من أجل تأكيد استنتاجاتهم، قام فريق البحث بإعادة التجربة مع نفس القردة ولكن مع جعل كل منهما يلعب ضد الكومبيوتر بدلاً عن رفيقه. في هذه الحالة فإن القردة كانت أقل استجابةً مع العرض السابق للتعاون من خصمها(الكومبيوتر).

أناني و منعزل

  يقول البروفيسور ويليامز إنه و عند اللعب في هذا النطاق المعزول فإن الخلايا العصبية المسؤولة عن اتخاذ القرار الخاص بالقرد ستنشط بشكل أكبر من تلك الخلايا التي كانت فاعلة أكثر و التي كانت تحاول أن تتوقع القرارات ويضيف قائلاً “هذا يمكن أن يفسر السلوك الأناني للقرد في مثل هكذا حالة “. ذهب الباحثون بعدها إلى خطوة أبعد من ذلك، حيث قاموا بعرقلة و تعطيل عمل الخلايا العصبية التي لها خاصية التنبؤ عن طريق تثبيطها بنبضات كهربائية خفيفة في الوقت الذي كان فيه القرود يلعبون اللعبة جنباً الى جنب، مرةً اخرى بدت القرود أقل احتمالاً للتعاون حتى وإن كان ذلك بعد قيام الخصم بالتعاون مسبقاً .                             

“يبدو هذا عملاً شديد الاتقان بوجود التشكيلة الأكثر جاذبيةً من مهام السيطرة مع الدراسات الاضافية المكملة”، هذا ما يقوله البروفيسور كريستوفر دونالد فريث عالم النفس و الذي يقوم بتدريس التفاعل الاجتماعي في كلية لندن الجامعية . يقول البروفيسور فريث إن الدراسات السابقة قد أشارت الى أن المنطقة الحِزامية لها دور في التنبؤ و يضيف قائلاً “إلا أن تحديد خلايا بحد ذاتها سيفتح الطريق لتوصيف أكثر دقة للآلية التي تمكن القرد- أو نحن أيضاً- من التنبؤ بسلوك الآخرين”.                            

أشار كل من البروفيسور ويليامز والدكتورة هاروش بأن هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد في تطوير علاجات جديدة لحالات معينة مثل التوحد و اضطرابات العداء للمجتمع أو الانطوائية وتضيف الدكتورة هاروش “من الممكن أن تكون المنطقة الحزامية مهمة لتعزيز التفاعلات الاجتماعية المفيدة المتبادلة بين الأفراد و لذلك ربما ستصبح الوجهة المنشودة لمعالجة الاضطرابات التي تكون فيها تلك القابليات مصابة بالتلف”.                                                    

المصدر: هنا

 

عن

شاهد أيضاً

“حمضٌ من بين ملايين الأحماض”: حمض الـ DNA ليس الجزيء الجيني الوحيد

تقديم: مات دافيس بتاريخ: 21. نوفمبر. 2019 لموقع: BIGTHINK.COM ترجمة: هندية عبد الله تصميم الصورة: …

“محرك الوعي” في الدماغ هي منطقة بالغة الصغر

بقلم: ستيفن جونسن بتاريخ: 12/شباط/2020 ترجمة: رهام عيروض بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: …