الرئيسية / إقتصاد / كيف صارت قطر دولة ثرية بهذه السرعة؟!

كيف صارت قطر دولة ثرية بهذه السرعة؟!

بقلم هاريسون جاكوبز

الكثير من الدول تمتلك الوقود الأحفوري، لكن القليل منها استفادت من تلك الثروة ومنها قطر.

العراق وفنزويلا وليبيا ونيجيريا كانوا ضحية لعنة الموارد، حيث أدت وفرة الموارد وسوء استغلالها إلى تشوهات إقتصادية ونمو محدود، بينما فعلت قطر الكثير لإعادة استثمار أموال الطاقة وتنويع إقتصادها، بدعم من الولايات المتحدة، فضلاً إن لدى قطر عشرات السنين من الاحتياطات في الموارد التي تعزز الاستقرار.

شبه الجزيرة تلك لديها أعلى نصيب فرد من الناتج المحلي الاجمالي في العالم حيث يصل إلى 98800 دولار في السنة.

قطر لديها ما يكفي من المال لبناء مدينة ضخمة في الصحراء من أجل الفوز باستضافة كأس العالم 2022 – وقد حصل ذلك بالفعل – وهناك مزاعم إنها دفعت ملايين الدولارات من الرشاوى من أجل تلك البطولة.

تاريخيا، فقد حكمت قطر أُسرة آل ثاني منذ وقت مبكر جدا، حيث بدات الحكم منذ أوائل القرن العشرين، وأصبح الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر في 17 تموز 1913.

في ذلك الوقت، كانت الأعمال الأولية من التقاط اللؤلؤ وصيد الأسماك هو السائد، وتميز البلد بانتشار الفقر وسوء التغذية والأمراض وخصوصا بعد انهيار تجارة اللؤلؤ عام 1920.

في عام 1939 تم اكتشاف النفط في منطقة دخان. مما ولد تنمية بطيئة حتى عام 1949 بسبب الحرب العالمية الثانية. رغم إن اكتشاف النفط كان حدثا كبيراً الا إنه لا شيء مقارنة مع احتياطات الغاز الطبيغي التي وجدت بعد 30 عاما من اكتشاف النفط!.

الايرادات الجديدة من صادرات النفط بدأت تملأ جيوب الاسرة الحاكمة شيئا فشيئا وبدأت عملية تحديث بطيئة. فالمدرسة الأولى في البلاد والمستشفى ومحطة تحلية المياه ومحطة الطاقة ومبنى البريد كلها فتحت في الخمسينيات.

زيادة عائدات النفط بشكل مطرد خلال الستينيات أدت إلى تعزيز أُسرة آل ثاني لسيطرتها على السلطة عن طريق تثبيت أقاربهم في السلطة ومنحهم مناصب حكومية عالية وتم منح أسرة آل ثاني مخصصات عالية من الأموال.

حصلت قطر بعد ذلك على استقلالها عام 1971 بعد أن أعلنت بريطانيا العظمى ازالة جميع التزاماتها العسكرية شرق قناة السويس.

في 22 شباط 1972 خلع الأمير خليفة بن حمد والده الأمير احمد بن علي الذي كان يصيد الصقور في إيران. قام خليفة بن حمد بتقليل نفقات العائلة المالكة وزيادة الإنفاق على البرامج الإجتماعية والإسكان والصحة والتعليم والمعاشات التقاعدية.

في عام 1971 تم اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم وهو حقل بارس الجنوبي والشمالي قبالة سواحل قطر – وهو حقل مشترك بين إيران وقطر، المترجم –  لكن رغم ذلك فان إنتاج النفط كان عاليا في ذلك الوقت لذلك لم يتم تطوير الحقل بسرعة.

وبفضل حقل الشمال فان قطر لديها أكبر احتياطات الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران وتقدر احتياطات قطر للغاز ب 896 قدم مكعب من الغاز.

كانت عوامل إنهيار أسعار النفط فترة الثمانينات وقيام الأمير بأستنزاف عائدات النفط حدثت أزمة في الإقتصاد القطري ولكن تلك الأزمة أدت إلى تطوير حقل الشمال للغاز عام 1989 رغم أن الإنتاج كان بطيئاً.

بحلول عام 1995 فإن الأوضاع لم تتحسن كثيراً. وفي هذا العام تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني العرش في إنقلاب غير دموي على الأمير خليفة بن حمد، حين كان الأمير خليفة في سويسرا. قام الشيخ حمد بالإتجاه إتجاهاً جديداً كلياً لهذا البلد.

كان واحد من أهم تحركات الشيخ حمد هو تسريع تطوير حقل الشمال وقد تضاعف الإنتاج وصار المسار تصاعدياً وبدأت قطر بتصدير الغاز الطبيعي المسال للمرة الأُولى.

لاستيعاب زيادة الإنتاج والطلب، بدأت قطر بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي السائل. على مدى السنوات الـ15 الماضية تم بناء 14 محطة للغاز الطبيعي السائل في شراكة كع شركات النفط الدولية.

في أواخر عام 1990 دخلت قطر في اتفاقات لتقاسم الإنتاج مع العديد من شركات النفط الدولية. حيث بدأت الشركات الجديدة باستخدام أساليب الحفر الأُفقي نتيجة الانخفاض في إنتاج النفط. وقد اسفرت شراكة قطر مع شركة ميرسك للبترول – وهي شركة دنماركية – لبناء أطول وأفضل مسار أُفقي في العالم.

في عام 1996 قامت قطر ببناء قاعدة العيديد الجوية العملاقة بمبلغ مليار دولار. وكانت هذه المنشأة بمثابة منشأة للخدمات اللوجستية والقيادة للجيش الأمريكي. وقد اعطت تلك الشراكة مع الجيش الامريكي لقطر مستوىً غير مسبوق من الامن.

في عام 1997 بدات قطر بتنفيذ اتفاقات طويلة الأجل لتوفير كميات هائلة من الغاز الطبيعي لاسبانيا واليابان. ثم على مر الزمن سعت قطر إلى التنوع في العملاء التجاريين وإلى المزيد منهم.

لقد إتخذت قطر العديد من التدابير لتنويع إقتصادها أملاً في تجنب “لعنة الموارد”، حيث قامت في عام 1998 بإنشاء المدينة التعليمية وهو حرم جامعي ضخم يضم ستة من الجامعات الأُوربية إضافة إلى جامعتين أوربيتين فضلاً عن مراكز الأبحاث ومراكز الفكر.

لقد جمعت قطر 170مليار دولار في صندوق الثروة السيادية بفضل عائدات النفط والغاز الطبيعي بل قد بدأت باستثماره بما يسمى صناديق التحوط – هي صندوق استثمار يستخدم سياسات وأدوات استثمارية متطورة لجني عوائد تفوق متوسط عائد السوق أو معيار ربحي معين بدون تحمل نفس مستوى المخاطر -.

في عام 2003 إنشأت قطر هيئة الاستثمار القطرية لإعادة تدوير عائدات النفط والغاز إلى مصادر دخل أُخرى. حيث حققت هيئة الاستثمار القطرية استثمارات كبيرة في بنك باركليز وكريدي سويس وهارودز، شركة بورش، وشركة فولكس واجن وحصة رئيسية في فريق باريس سان جيرمان لكرة القدم. كما أصبحت قطر واحدةمن أكبر أصحاب العقارات في لندن من خلال هيئة الاستثمار القطرية. حيث تمتلك الآن برج شارد وهو أكبر ناطحة سحاب في أوربا الغربية إضافة إلى أجزاء أُخرى كبيرة من كناري وورف وأجزاء أُخرى من المدينة.

في عام 2005 تم بناء المركز المالي في قطر لتطوير صناعة الخدمات المالية في البلد. ويُعتقد إن البلد يمكن إن تصبح زعيما للخدمات المالية لدول الخليج وذلك بفضل استقرارها النسبي والقاعدة الكبيرة من رأس المال الذي تمتلكه.

في ديسمبر 2010 تم اختيار قطر لاستضافة كاس العالم 2022. وقد وعدت قطر ببناء 12 تحفة فنية كملاعب مضافة لها تقنية التبريد للتخلص من الحرارة اللاهبة. وقد وضعت قطر نفسها كمركز رياضي للمنطقة حيث استضافت أو تخطط لاستضافة العديد من الأحداث الرياضية العالمية.

لقد تم بناء 58 ناطحة سحاب منذ العام 2000 أو يتم التخطيط لبناءها جنبا إلى جنب مع المتاحف والملاعب ومشاريع البنى التحتية.

تعرضت قطر إلى اتهامات واسعة النطاق بسوء المعاملة وظروف العمل المروعة للعمال المحاجرين اليها والذين يساهمون في بناء منشآت كأس العالم وغيرها من المشاريع. وهي ليست المرة الأُولى التي تتعرض فيها قطر لهذا النوع من الانتقادات حيث تعامل العمال كمواطنين من درجة أدنى.

السؤال الأهم هو: هل تصبح قطر هونغ كونغ الشرق الأوسط أم إن لعنة الموارد ستلاحقها أيضاً وبالأخص نتيجة عدم الاستقرار المزمن في المنطقة؟ إنه سؤال يُصعب الإجابة عليه!

 المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

كيف ربحت أنجيلا ميركل مقامرتها في استقبال اللاجئين

بقلم: فيلب اولترمان لموقع: ذا كارديان بتاريخ:30/آب/2020 ترجمة :رهام بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم …

الجواز الأمريكي لا فائدة منه

يمكنني التنقل حيث شئت بجواز سفري الألماني. ولكن عدد الدول التي تسمح للأمريكيين بالدخول تكاد …