يعتبر الكريسماس بمثابة عطلة تقليدية ذات شيوعٍ كبير؛ إذ يحتفل بها أكثر من ملياري شخصٍ من شتى أنحاء العالم. ويتصلُ هذا الاحتفال الشعبيّ بالقرب من الديانة المسيحية بهدف اعلاء شأنِ ولادة يسوع المسيح, وعلى الرغم من هذا الا إن الأعداد المُحتفلة بهذه المناسبة في ازدياد كبير. مع التنويه الى قلة الناس المحتفلين او انعدامهم في الدول ذات الثقافة المسيحية و كما هو حاصلٌ في بعض الدول، بل ان المفارقة الأكبر ان اغلب التقاليد المتبعة من قبل المسيحيين نراها تطبق وتمارس في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن كون المحتفلين لهم أصول مسيحية أو لا.
- أكليل الزهور
يعتبر وضع أكليل من الزهور على الباب الأمامي للمنزل وقت بدء الميلاد هو جزء من زينة الإحتفال وبهجة الميلاد. ولكن وفي الحقيقة؛ تضرب جذور هذه العادة لأمد بعيد. فلعدة قرون مضت كانت أكاليل الزهور تمثل دورة لا تنتهي من الحياة وترمز الى النصر والشرف. لقد كان الدرويديون والسلتيون كما الرومان يستخدمون فروع دائمة الخضرة مصنوعة على شكل أكاليل في احتفالاتهم بمناسبة الانقلاب الشتوي. استخدمت أكاليل الزهور وفي وقت مبكر من عام 1444 لأول مرة كجزء من زينه الميلاد في لندن. أما في القرن السادس عشر وفي ألمانيا تشابكت الفروع الدائمة الخضرة على شكل دوائر لكي ترمز إلى محبة الخالق الواحد الأحد الذي لا حد أو نهاية له.
- الهولي
حسب المعتقدات القديمة فأن جلب الفروع دائمة الخضرة إلى المنزل واستخدامها في الطقوس الاحتفالية هو من شأنه ضمان عودة الربيع الأخضر في نهاية فصل الشتاء. كان يُعتقد بالأصل السحري للهولي وذلك يعود الى أوراقها اللامعة وقدرتها العجيبة على أن تثمر في برد الشتاء القارص. كما يظن البعض انه من الممكن أن نستخلص منها نوعاً من الشراب الذي يعالج السعال. كما قام آخرون بتعليق أغصانها على أسّرتهم للاستمتاع بأحلام سعيدة. ولا ننسى أنها كانت تعتبر هدية متعارف عليها يتبادلها الرومان كجزء من احتفالاتهم بعيد الإله ساتورن (Saturn). وبعد مضي العديد من القرون من ولادة المسيح بدأ المسيحيون يحتفلون بميلاد منقذهم في ديسمبر- كانون الأول – في حين ان الرمان كانوا يزاولون أنماط عباداتهم الوثنية. كما الرومان استخدم المسيحيون شجرة الهولي في تزيين منازلهم آملين تجنب الملاحقة والاضطهاد. لقد ربطت الكنيسة القديمة شجرة الهولي بعدة أساطير تدور حول دورها في تضحية المسيح وصلبه, فوفقاً لما تناقلته أحداها فان تاج المسيح ليلة صلب جسده تم تشكيله من شوك شجرة الهولي, كما جاء إن ثمار التوت كانت بيضاء بالأصل ولكنها تحولت الى اللون الأحمر حين تلطخت بدماء المسيح. لذا فحتى بالنسبة للكنيسة القديمة, فأن شوك هذه الشجرة المباركة صار رمز لتاج المسيح والتوت الأحمر رمزاً دينياً لقطرات دمه.
- الهدال (Mistletoe)
كذلك يعتبر هذا النبات كصنفٍ من النباتات المقدسة لكلا من الدرويديون والرومان على حد سواء, فقدكان يعتقد إن لديه قدرة عجيبة على الشفاء ودرء الشر والمفاسد و انه نوع من نباتات الجنة (نوع من الارتباط بين الأرض والسماء) ذلك لأنه عديم الجذور .. ينمو وكأن قدرة سحرية تعمل على بث الروح بجذوره ونماءه . لذا وبما انه كان رمزا للسلام .. فأنه حينما يجد الجنود المتحاربين أنفسهم تحت هذه النبتة فأنهم ينتحون الى السلم والهدنة على وجه السرعة. ومن الجدير بالذكر ان البريطانيين القدماء كانوا يعلقون نبات الهدال في المداخل الخاصة بهم لطرد الشر بعيدا. اما الذين يدخلون المنزل فقد كانوا يقبلون الهدال بأمان كقبله ترحيب ومن هنا بدأ تقليد تقبيل الهدال.
- سجل الميلاد (Yule log)
في الكثير من البلدان ولا سيما الأوربية منها فأنه بات من الشائع أن يقوم الناس بإضاءة الانوار للإشارة الى عيد ميلاد المسيح. ويقدم الكعك على شكل طوياتٍ ويسمى بإسم كعك ميلاد المسيح. حتى الاحتفال بالميلاد نفسه يشار إليه بـ ( Yule) والذي هو أصلا مشتق من الكلمة الاسكندينافية ( Juul) – اسم احتفال يعقد في وقت الانقلاب الشتوي في الدول الاسكندينافية. فأنه في هذه الدول وخلال أشهر الشتاء القارصة تختفي الشمس لفترات طويلة وبعد خمسة وثلاثين يوما من الظلام الدامس, فيُرسل مجموعه من الفتيان إلى قمم الجبال في انتظار عودة الشمس الواهبة للحياة السماوية, وعندما يشرق أول شعاع للشمس فأن الفتيان يعجلون بعودتهم إلى قراهم محملين بالأخبار السارة لكي يبدأ الشروع في عقد المهرجان الكبير ويسمى ( Yuletide) حيث تقدم وليمة خاصة حول النار المشتعلة والتي تستمر حتى تنطفئ النيران تماماً. الاحتفالية ( log) كانت مميزة ومذهلة لأن الغرض منها هو تكريم اله الرعد (Thor), حيث كان من ضمن اعتقادات الاسكندينافيين ان برق (Thor) سوف لن يضرب الخشب المحروق وان منازلهم ستكون آمنه من الرعد طالما لديهم مثل هذه العلامة. مما يجدر بالذكر إن تقليد احتفالية دخول ميلاد المسيح, له أيضاً جذور وثنية كما الطقوس لدى السلت والألمان و الدرويديين؛ أولئك الذين يقومون بحلقات حرق ضخمة في احتفالات الشتاء عند قدوم الشمس. وعندما انتشرت الديانة المسيحية في انجلترا وأوربا بقي تقليد العيد (Yule log) منتشراً في تلكم الدول.. ومن اجل تبرير مثل هذه الطقوس الوثنية، أعطى مسؤولي الكنيسة مبرر جديد, بأن هنالك ضوء انبعث من السماء حين ولادة المسيح من الجنة .. ولهذا فأن الأنوار تترك مشتعلة عشية عيد الميلاد وطوال اثني عشر يوما.
المصدر: هنا