في عالم الفنّ أيضا، شكّلت نهاية الحرب العالميّة الثانية بداية لحقبة جديدة، وقد إنعكس ذلك على فنّ الرسم التجريدي إذا أردنا ذكر مثال واحد على ذلك. ومن الجوانب المهمّة هنا إنتقاله إلى الولايات المتّحدة، حيث تمّ دمج ومعالجة دفعات عديدة من أوروبا بطرق جديدة. ولهذا السبب فقد ظهرت العديد من الإتّجاهات الجديدة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، كالمدرسة التعبيريّة التجريديّة على سبيل المثال. ولكنّ الحركات الفنيّة في أوروبا أيضا كانت قد بدأت تشهد المزيد من التطوّر في مكانها الذي نشأت فيه. وبهذه الطريقة إنبثق الفن البصري من المدرسة البنائيّة الهولنديّة، والذي يعتمد على صفّ أشكال هندسيّة بالأبيض والأسود أو التدرّجات الغامقة والفاتحة من لون ما وبهذه الطريقة يعتمد على الإدراك البصري “خداع بصري” للمتلقّي. وقد برز الفنّان فازاريلي على وجه الخصوص في هذا المجال. فيما وجدت طريقة ماليفيتش في الرسم صيغة جديدة في أعمال فرانك ستيلاّ: فلم يعد القماش هو من يحدّد الشكل الآن بل المجال اللوني نفسه. بعد العام 1945 وجد الفن التجريدي طرقا جديدة في التعبير من خلال المدرسة البقعيّة Tachism واللا رسميّة Art informel وقد منح هذا المفهوم المكاني “الفراغي” وضعا جديدا. فأدخل إيف كلاين قطعا من الإسفنج في أعماله الزرقاء لكي تبدو كقطع أثريّة قديمة، فيما كان فونتانا يفهم لوحاته منذ البداية كتصوّرات فضائيّة. وبذلك لم تعد قطعة القماش تخدم الأخير كناقل للصورة بالمعنى الكلاسيكي، بل كان يتمّ شقّها للحصول على البعد الثالث. وكما هو حال الفن التجريدي في بداياته، فقد بقي غياب الإرتباط بالعالم الخارجي القاسم المشترك للفن التجريدي بعد 1945.
الفن التجريدي قبل 1945: هنا
المصدر: هنا