إضيفوا آثراً جانبي مُقلق أخر لقائمة المشاكل الصحيّة التي تُسببها السجائر: التدخين قدّ يُسبب إختفاء الكروموسوم (Y) من خلايا دم الرجال.
وَجدت دراسة جديدة أن الرجال المُدخنين يفقدون كروموسوم (Y) في خلايا الدم بشكل مُتكرر أكثر من غير المدخنين- وكلما كان تدخينهم أكثف، كلما كان إمتلاكهم للكروموسوم (Y) أقل.
وقال الباحثون في دراستهم التي نُشرت في اليوم (4 من ديسمبر) في مجلة ساينس (Science)، إن فقدان كروموسوم (Y) هذا يُمكن أن يُفسر لماذا يكون المُدخنون الذكور مُعرضين للإصابة بالسرطان بمُعدلات أعلى من النساء المُدخنات.
قال لارس فورسبرغ (Lars Forsberg) – الباحث المُشارك في الدراسة، من قسم علم المناعة، الوراثة، وعلم الأمراض من جامعة
وبمزيدٍ من التحديد، أخبر (فورسبرغ) مجلة ليف ساينس (Live Science) بأن الخلايا المناعية في الدم المُكلفة بمَهمة مُكافحة السرطان قد تعطلت بدون كروموسومها (Y).
حالة فقدان الكروموسوم (Y):
كرموسوم (Y) هو أحد كروموسومي تحديد الجنس عند الرجال، الذين يمتلكون كروموسوم واحد من النوع (X) وآخر من النوع (Y) (وتمتلك النساء كروموسومين من النوع (X)). خلال إنقسام الخلية، عادةً ما تُصنع نُسخ من الكروموسومات كلها وتفرز إلى خليتين بُنويتين جديدتين. ولكن يقول فورسبرغ بأنهُ خلال عملية مُعقدة، تُفقد بعض الكروموسومات في بعض الأحيان.
عادةً ما يؤدي فقدان الكروموسوم إلى موت الخلية الجديدة، ولكن يمكن للخلايا العيش بدون الكروموسوم (Y).
قال، (فورسبرغ): بأن العلماء قد عرفوا منذ أكثر من 50 سنة بأن الكروموسومات (Y) يُمكن أن تختفي. فقدان الكروموسوم (Y) أكثر شيوعاً لدى الرجال كبار السن منهُ لدى الرجال الأصغر سناً. مع ذلك، نشر (فورسبرغ) وزملاؤه في أبريل النتائج في مجلة نيجر جينيتكس (Nature Genetics)، كاشفين إن فقدان الكروموسوم (Y) في خلايا الدم مُرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان لدى الرجال.
وقال، (فورسبرغ): أن المهمة التالية كانت معرفة ما العوامل التي تقود الرجال لفقدان كروموسومات (Y) الخاصة بهم. جمع هو وزملائه البيانات الصحية من إجمالي 6000 رجل، شاركوا في ثلاث دراسات وبائيّة مُختلفة حالية في السويد. استُجوبَ الرجال عن عوامل مثل مُمارسة التمارين الرياضية، ضغط الدم، تعاطي الكحول، التدخين، وأيضاً أُخذ منهم عينات من الدم لكي يتمكن الباحثون من إختبار إنتشار الكروموسوم (Y) في الدم (ولأن خلايا الدم الحمراء لا تحمل أي (DNA) فإن النتائج تنطبق فقط على خلايا الدم البيضاء أو الخلايا المناعية التي تنتشر في الدم).
الآثار الجانبية الغريبة للتدخين
أظهرت النتائج بأنهُ من الشائع جداً لدى الرجال في الدراسة أن يفقدوا كروموسومات (Y) في خلاياهم. تراوحت أعمار الرجال في الدراستين مابين سن 70-80 سنة. في المجموعة الأولى، كان 12.6 بالمائة من الرجال فقدوا كرموسومات (Y) في خلايا دمهم. وفي المجموعة الثانية كانت نسبة فقدان كروموسومات (Y) هي 15.6. وتراوحت أعمار الرجال في المجموعة الثالثة مابين 48-93 سنة، وفقد فقط 7.5 بالمائة كروموسومهم (Y). وقال باحثون بأن نتائج هذه المجموعة أبرزت تأثير العمر. حيثُ أنهُ بين الرجال بالعمر 70 وأكبر، فقد 15.4 بالمائة منهم كروموسومهم (Y)، بالمقارنة مع 4.1 بالمائة من الرجال الذين تقل أعمارهم عن 70 سنة.
بالأرقام المؤكدة هذه، قارن الباحثون المُشاركين على أساس عوامل نمط الحياة والصحة، ووجدوا بأنه بغض النظر عن العمر، للتدخين فقط علاقة بفقدان الكروموسوم (Y). يتعرّض المدخنون لِخطر التعرض لفقدانهم للكرموسوم (Y) أكثر ب 2.4 إلى 4.3 مرة بالمقارنة مع غير المُدخنين.
المزيد من العمل التجريبي سيكون ضروري لإثبات أن للتدخين علاقة مُباشرة بإختفاء الكروموسوم (Y)، ولإثبات كيف تُسبب السجائر الآثار الجانبية هذه بالضبط. ولكن تُشير عدة أدلة في النتائج بقوة أن السجائر هي المُسبب، لسَبب إن الرجال الذين دخنوا أكثر فقدوا كرموسومات (Y) أكثر. وبين الرجال الذين توقفوا عن التدخين، كانت مستويات الكرموسوم (Y) في دمهم يمكن تميزها عن تلك التي في الرجال غير المدخنين.
إن النتائج الأخيرة مشجعة، وقال (فورسبرغ): «عندما تتوقفون عن التدخين، تُستنسخ تلك الخلايا، وميزة فقدانها للكرموسوم (Y) سوف تختفي بالتداول». وقال، بعبارة أخرى: إختفاء الكرموسوم (Y) قابل للإنعكاس.
يقول (فورسبرغ): الباحثون ليسوا متأكدين عن مدى شيوع فقدان الكرموسوم (Y) المرتبط بالتدخين بين الخلايا الأخرى في الجسم. وإقترحت دراسات أخرى أجريت على رجال أكبر بأن الكرموسوم (Y) يختفي في الأنسجة الأخرى مع العمر.
إرتباط الأمر بالسرطان؟
ليس لِفقدان الكرموسوم (Y) في الدم تأثير كبير على الرجولة، بالرغم من إرتباط الكرموسوم بالجنس. قال، (فورسبرغ): «للكرموسوم (Y) الكثير من المهام التي يشارك بها غير تحديد الجنس والتكاثر». بدلاً من ذلك، إختفاء الكرموسوم هذا قد يكون الرابط الذي يُفسر لمَ يتعرض الرجال لخطر الإصابة بالسرطان بشكل أكبر (بسبب التدخين أو بصورة عامة) من النساء. يقول، (فورسبرغ): إحدى الإحتمالات هي إن الكرموسوم (Y) المفقود غير مؤذي بحد ذاتهُ، إنهُ بمثابة الكناري في منجم الفحم¹؛ إشارةٌ بأن الخلايا التي دمرها التدخين والطفرات المُتأنية يُمكن أن تسبب السرطان.
ولكن يعتقد فورسبرغ وفريقهُ أن الموضوع أكثر تعقيداً، وقال: «وبما إننا درسنا خلايا الدم من بين الدم بأكملهُ، فإننا ندرس بالأساس النظام المناعي ». وأضاف: «واحدة من وظائف الجهاز المناعي هي مكافحة السرطان في جميع مراحل الحياة».
ويقول، إذا كانت بعض الشفرات الوراثية المحمولة على الكرموسوم (Y) تُساعد في وظيفة القتال ضد السرطان، فقدان الكرمسوم (Y) في الدم قد يجعل الجسم أكثر عرضة للأورام. يخطط الباحثون فيما بعد لمعالجة أنواع الخلايا المناعية الواحدة تلو الأخرى. لمعرفة أيها يتضرر أكثر بِفقدان الكروموسوم (Y).
الهامش:
(¹): الكناري في منجم الفحم (a canary in a coal mine) هي عبارة تستخدم لوصف التحذير من خطر.
المصدر: هنا