بقلم : فيليب اولترمان/ برلين
ترجمة : سهاد حسن عبد الجليل
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: امير محمد
بينما تقوم أزمة فايروس كورونا باختبار مرونة الأنظمة الديمقراطية، تحولت ألمانيا من لعن نظامها السياسي اللامركزي السريع إلى التساؤل فيما إذا كانت سلحفاة النظام الاتحادي (الفيدرالي) التي تنافس أرنب المنطق قد وضعتها في مكان أفضل من الجميع لمجابهة الجائحة.
ففي النظام الاتحادي الألماني – الذي يمتلك جذور تعود إلى الإمبراطورية الرومانية المقدسة لكنها ترسخت بعد العهد النازي لإضعاف الحكم المركزي– فإن المجالات السياسية الرئيسية، مثل الصحة والتعليم والشؤون الثقافية، تقع ضمن السلطة القضائية لولايات البلد الستة عشر، كما تسمى بالألمانية (البلديات).
ومع بدء انتشار مرض كورونا ، قام نظام التفويض الشديد للحكم هذا بجعل المرأة المسؤولة اسميًا عن البلاد تبدو عاجزة بشكل غريب: حتى عندما أعلنت انجلا ميركل عن أول مجموعة من إجراءات التباعد الاجتماعي، لم يكن بإمكانها سوى إعطاء التوصيات بأن الولايات الاتحادية حرة بالتنفيذ او التجاهل.
وعندما بدأ العمل بإجراءات التباعد الاجتماعي، كانت هناك صرخات من الإحباط بسبب مدى التفاوت الكبير في الإغلاق العام بين الولايات: ففي برلين، على سبيل المثال، مازال شراء الكتب من المحلات مسموحًا به لكن القيام بنزهة في المتنزه غير مسموح بها. أما في (بادن ورتيمبرغ) فالأمر معكوس.
إن النظام الاتحادي مفيد في خلق بيئة عمل فعالة باستمرار (ديناميكية) بين مناطق مختلفة، لكنه يمكن أن يجعل الأمر صعباً على البلد كله لكي يتحرك بشكل متزامن بالكامل.
فالولايات في الشرق الاشتراكي السابق، التي ضربها الفايروس بشكل اقل شدة، كانت ممانعة لغلق مدارسها، مما أدى إلى نشوء غضب لدى الولايات الجنوبية التي خشيت أن يتعرض بذلك طلابها إلى الضرر.
مع ذلك، فبعد أسبوع ونصف من الإغلاق الكامل بحكم الواقع، بدأت ألمانيا باكتشاف الجوانب الإيجابية في نظام يقوم بتوزيع القوى، بدلًا من تمركزها.
يجد البلد نفسه فجأة يرتفع كمثال يحتذى به بسبب معدلاته المرتفعة للفحوصات – كما رآه الكثير بأنه التنظيم الوحيد القادر على القيادة في طريق الخروج من إجراءات الإغلاق الكامل.
إن خدمات الصحة العامة الألمانية لا توفرها السلطة المركزية وحدها بل يوفرها أيضا ما يقارب ٤٠٠ مكتب للصحة العامة تديرها المجالس البلدية وإدارات المقاطعات الريفية.
ويقوم مثل هذا المحيط بالسماح لمجموعة من المختبرات – بعضها مرتبطة بالجامعات أو المستشفيات وأخرى تدار بشكل خاص، أعمال متوسطة الحجم – والتي تعمل باستقلال، إلى حد كبير، عن السيطرة المركزية.
وقال (ماتياس اورث)، من معهد المختبرات الطبية لمستشفى البحرية في شتوتغارت ،” لست مضطراً لأن انتظر مكالمة تردني من وزير الصحة قبل أن أتمكن من البدء بالتحليل.”
وقامت بعض المختبرات الخاصة بتقديم تحاليل فايروس كوفيد19 ، قبل أن يقوم التأمين الصحي القانوني بالعرض للدفع مقابل التحاليل بفترة طويلة، مما يعطي ألمانيا السبق. والآن يقوم حوالي ٢٥٠ مختبر بما يتراوح بين ٣٠٠٠٠٠ و ٥٠٠٠٠٠ تحليل أسبوعيًا لكوفيد19.
ليس سيئاً بالنسبة للسلحفاة السريعة.
المصدر: هنا