الرئيسية / بايولوجي / كيف تتغير أجسام الرجال عندما يصبحوا آباء

كيف تتغير أجسام الرجال عندما يصبحوا آباء

بقلم: آنا ماشين
بتأريخ:13 يونيو 2019
ترجمة: سارة الأعرجي
تدقيق: ريام عيسى
تصميم: نورا محمود
تلميح: لا يحصلون على إيقاع كلمة “أبي” فقط.
كوني عالمة أنثروبولوجيا اُدرس الأبوة البشرية في جامعة أكسفورد واجهت اعتقادًا راسخاً بين الآباء أنهم غير مؤهلين لأن أجسادهم لم تشهد التغيرات البيولوجية العديدة المرتبطة بالحمل والولادة والرضاعة الطبيعية فإنهم غير مؤهلين بيولوجياً ونفسياً بالقدر الكافي كما النساء.
نتيجة لذلك فإنهم يشعرون بقدر أقل من الثقة ويشككون في قدراتهم كآباء: هل سيكونون اباء “جيدين”؟ هل سيرتبطون مع أطفالهم؟ كيف سيعرفون ماذا يفعلون؟
كما تملي تجربتي الشخصية والمهنية، فإن فكرة أن الآباء “أقل استعدادًا بيولوجيًا” للأبوة من غير المرجح أن تكون حقيقية فأن دور الأبوة والأمومة ليست غريزية لأحد.
أتذكر منحنى التعلم الحاد في الأيام الأولى من الأمومة – تعلم ما تعنيه كل صرخة لطفلي، وإتقان التغيير السريع لحفاضات الأطفال وتجنيد الكمية الهائلة من المعدات اللازمة لمجرد إخراجه من الباب.
وفي حين أن التغييرات البيولوجية التي يمر بها الآباء ليست مفهومة جيدًا مثل تلك التي تمر بها الأمهات. بدأ العلماء للتو في اكتشاف أن كل من الرجال والنساء (لا أحاول أن أبدو درامية) يخضعون لتغيرات هرمونية ودماغية تشير إلى تحول رئيسي في حياة أحد الوالدين.
في جوهرها أن تكون أبًا ظاهرة بيولوجية مثل أن تكوني أماً.
التستوستيرون يتراجع
هرمون التستوستيرون هو الهرمون “الذكري” النمطي الذي يلعب أدوارًا مهمة في نمو الجنين والبلوغ. التستوستيرون مسؤول إلى حد كبير عن تحفيز الرجال على إيجاد شريك، وتشير الدراسات إلى أن الرجال الذين لديهم مستويات أعلى من التستوستيرون يميلون إلى أن يكونوا أكثر جاذبية لشركائهم المحتملين.
لكن كونك أبًا (إنساناً) ناجحًا يعني التركيز على الأسرة ومقاومة الدافع للبحث عن شريك آخر. لذلك يعتقد الخبراء أن الرجال تطوروا ليقل هرمون التستوستيرون لديهم.
في دراسة رائدة مدتها خمس سنوات نشرت عام 2011 على سبيل المثال، تابع الدكتور لي جيتلر (عالم أنثروبولوجيا أمريكي) مجموعة من 624 رجلاً عازبًا في الفلبين من سن 21 إلى 26 عامًا.
وجد الدكتور جيتلر أنه على الرغم من أن جميع الرجال الذين شملتهم الدراسة قد تعرضوا لانخفاض طبيعي مرتبط بالعمر في هرمون التستوستيرون، فإن الرجال الـ 465 الذين أصبحوا آباء خلال فترة الخمس سنوات هذه شهدوا انخفاضًا أكبر بنسبة 34 % في المتوسط (عند قياسه في الليل) – من أولئك الذين بقوا غير متزوجين أو متزوجين.
عالمياً دراسة بعد دراسة بما في ذلك نتائجي غير المنشورة في المملكة المتحدة – وجدت نتائج مماثلة مع الإشارة إلى أن هذا الانخفاض في هرمون التستوستيرون يمكن أن يحدث قبل وبعد ولادة الطفل الأول للرجل مباشرة.
وبينما لا يتضح بالضبط ما سبب هذا الانخفاض، يشير الدكتور جتيلر إن نتائجه الأولية تشير إلى أنه كلما كان الانخفاض أكثر دراماتيكية كلما كان الرجل أكثر اهتماماً لتقديم مزيداً من الرعاية.
وجد جيتلر: “كلما انخفض هرمون التستوستيرون لدى الآباء الجدد في اليوم التالي لولادة أطفالهم، فإن هذا يعني قيامهم بالمزيد من مهام الرعاية المنزلية للرضيع لعدة أشهر”.
في حين أن خبر انخفاض التستوستيرون يُقابل من الرجال بشيء من التذمر والهرب-لأن اختيار طريق الأبوة هو اختيار العجز الجنسي كما يعتقدون-في حين كلما اخفض التستوستيرون كلما أُفرز هرمونات مكافأة وهي الأوكسيتوسين والدوبامين عند التفاعل مع طفله، كما تظهر بعض الدراسات.
رعاية طفلك لا ينتج عنه ارتباطاً قوياً فحسب بل مكافأة كيميائية عصبية تحفز لديك مشاعر السعادة والرضا والدفء وهي مقايضة مرحبٍ بها.
الأدمغة تتغير!
يبدو أن الدماغ يخضع لتغيرات هيكلية لضمان أن الآباء لديهم المهارات الأساسية للتربية.
عام 2014 أخضع د. بيليونج كيم -دكتوراه في علم الأعصاب التطوري في جامعة دنفر- 16 أبًا جديدًا للرنين المغناطيسي، مرة واحدة بين أول أسبوعين إلى أربعة أسابيع من حياة طفلهم، ومرة أخرى بين 12 و 16 أسبوعًا.
وجد د. كيم إن بعض المناطق داخل أجزاء من الدماغ المرتبطة بالتعلق والتغذية والتعاطف والقدرة على التفسير والتفاعل بشكل مناسب مع سلوك الطفل تحتوي على مادة رمادية وبيضاء تتراوح ما بين 12 و 16 أسبوعًا مقارنة بما كانت عليه بين أسبوعين وأربعة أسابيع.
يعتقد كيم أن ارتباط ضخامة الدماغ تعكس زيادة المهارات المتعلقة بالأبوة والأمومة-رعاية وفهم احتياجات طفلك- حيث يخضع الآباء والأمهات الجدد لتعلم مكثف خلال فترة قصيرة للتأقلم مع المتغيرات.
وخاصة الرجال لأنهم لا يعانون من التقلبات الهرمونية التي تمر بها المرأة بسبب الحمل والولادة” تكوين ارتباط عاطفي مع الطفل هو الأهم من كونه أباً”، بينت الدراسة أن التغييرات الدماغية تدعم التعلم التدريجي من خلال التجارب للآباء على مدى عدة أشهر.”
كما يُظهر كل من الأمهات والآباء الجدد نشاطاً في مناطق المخ المرتبطة بالتعاطف وفهم الحالة العاطفية لطفلهم ونواياه السلوكية.
تشير دراسة 2012 أجراها علماء الأعصاب في جامعة بار إيلان في إسرائيل إلى أن أجزاء الدماغ التي تضيء أكثر تختلف بشكل مذهل لكل من الوالدين- بالنسبة للأمهات المناطق القريبة من لُب الدماغ التي تمكن الأم من الرعاية والانتباه لرصد أي خطر محتمل، ولكن للآباء فإن الأجزاء التي كانت أكثر سطوعًا موجودة على السطح الخارجي للمخ المسؤولة عن وظائف إدراكية أكثر وعيًا مثل التفكير وتوجيه الأهداف والتخطيط وحل المشكلات.
وجدت الدكتورة روث فيلدمان-دكتوراه في علم النفس الاجتماعي- ومقرها في إسرائيل دراسة عن 112 من الأمهات والآباء في عام 2010 والتي وجدت أن الذروة في الأوكسيتوسين عند النساء كانت عندما رعوا أطفالهم، في المقابل فإن ذروة الرجال حدثت عندما شاركوا في اللعب القاسي، لأن أدمغة الأطفال الصغار تبدو وكأنها تحاكي نفس مستويات الأوكسيتوسين لدى والديهم.
وهذا يعني حصولهم على تدفق مماثل للأوكسيتوسين الذي يشعر بالرضا عندما يلعب مع أبيه وعندما ترعاه أمه، ويكونوا أكثر عرضة للانخراط في هذا السلوك مرارًا وتكرارًا مع الوالدين، وهو أمر بالغ الأهمية لتنمية اللعب التقليدي لأنه لا يؤدي إلى تقوية الروابط بين الأب والطفل فحسب، بل يلعب أيضًا دوارًا حاسماً في تطور الطفل الاجتماعي.
بعد 10 سنوات من الدراسة نحتاج الآن إلى تكرار نتائجنا على مجموعات أكبر وأكثر تنوعًا، بالطبع لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها في المجال الجديد نسبيًا لبيولوجيا الأبوة، ولكن بما أنني حصلت على الفرصة سأخبر الآباء الجدد بأن التطور سيهيأهم ليصبحوا آباء كما فعل مع الامهات، البيولوجيا تحمي ظهوركم.
الدكتورة آنا ماشين دكتوراه وعالمة أنثروبولوجيا تطورية مقرها في جامعة أكسفورد. وهي مؤلفة كتاب “حياة الأب: صناعة الآب الحديث”.
المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

“حمضٌ من بين ملايين الأحماض”: حمض الـ DNA ليس الجزيء الجيني الوحيد

تقديم: مات دافيس بتاريخ: 21. نوفمبر. 2019 لموقع: BIGTHINK.COM ترجمة: هندية عبد الله تصميم الصورة: …

“محرك الوعي” في الدماغ هي منطقة بالغة الصغر

بقلم: ستيفن جونسن بتاريخ: 12/شباط/2020 ترجمة: رهام عيروض بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: …