نُشر المقال في موقع: brainpickings
ترجمة: إبراهيم العيسى
تصميم: مثنى حسين
“وما نفع الحب إن لم يغيرنا؟” كان هذا أحد أسئلة ماري مك كارثي لصديقها حنا آريندت في إحدى مراسلاتهم عن الحب. ولأنّه يتطرق لحاجتنا الضرورية للحب، يظل ذاك السؤال يرن في البال. فالحب، في أسمى حالاته وأكثرها قوة، يغيّرنا دوماً؛ إذ يخفف آلامنا ويسمو بنا نحو تحقيق أقصى قدراتنا البشرية. وكما ذكر باراك أوباما ذات مرة بأسلوب أدبي رفيع في ذكرياته عما علمته أمه عن الحب: “أن نخرج من عزلتنا، ومن ثمّ، إن كنا محظوظين، نصبح أقوى مما كنا”.
إلاّ أنّه في المثالية الرومنسية التي تبنى عليها أساطير الحب الحديثة، تصل صلابة التآزر بين العاشقين حدوداً متطرفة تجعل الحب هشاً. ففي الوقت الذي نتوقع فيه من العاشقين الانصهار في كلِّ واحد، يتحول تبادل العواطف إلى اتكالية تصيبهم بالشلل؛ صلابة متكلّسة قوية لكنّ فرص تطورها ضئيلة. في أكثر أنواع الحب تطوراً، تتعايش مشاعر التآزر المتبادلة والاستقلالية الفردية، ودوماً يظلّ هذان الجانبان في حوار سلس ونشط. هذا وقد صاغ الفيلسوف مارتن هيدجر هذه الحالة بأسلوب في غاية الروعة في رسائل الحب التي تبادلها مع حنا آريندت: “لِمَ الحب أغنى التجارب البشرية وعبءٌ لطيفٌ على من يحلّ به؟ لأننا ومن نحب نصبح واحداً ومع ذلك نحتفظ بذاتنا.” إنّ هذا التوازن الصعب بين الألفة والاستقلالية هو ما يستكشفه الفنان، الشاعر والفيلسوف العظيم اللبناني الأمريكي خليل جبران (6 كانون الثاني 1883- 10 نيسان 1931) ببصيرة استثنائية ودقة شاعرية في نص من نصوص تحفته الأدبية النبي التي ظهرت عام 1923. يقدّم جبران ذلك على شكل نصائح لسر زواج دائم يسوده الحب والرفاء؛
يقول جبران:
لتكن هناك فسحات بين تآزركما… ولترقص من بينها رياح السماوات….
أحبّا بعضكم بعضاً، لكن لا تجعلا الحب قيداً…
ليكن حبكم بحراً متلاطم الأمواج بين شواطئ أرواحكما …
وليملأ كل منكما كأس رفيقه، لكن لا تشربا من كأس واحدة…
ليعط أحدكما الآخر من رغيفه، لكن لا تأكلا من رغيف واحد…
غنّيا وارقصا وامرحا سوياً، لكن ليحتفظ كلٌّ منكما بذاته وشأنه…
فأوتار القيثارة مشدودة فرادى، لكنها جميعاً تهتز لتعطي لحناً واحداً…
وليمنح كل منكما الآخر قلبه، لكن دون أن يحتفظ به…
إذ إنّ يد الحياة هي الوحيدة التي تسع قلبيكما…
قفا جنب بعضكم البعض، ولكن حذار أن تتلاصقا…
فأعمدة المعبد تقوم وتسنده على انفصال…
وأشجار البلوط والسرو لا تنمو في ظلال بعضها البعض…
لتتمة هذا الجزء من كتاب جبران الفاتن النبي، اقرأ ما كتبته فيرجينا وولف ما الذي يديم الحب؟ وما كتبه الفيلسوف آلين باديو كيف نقع في الحب ونبقى فيه، آنا دوستوفيسكي سر الزواج السعيد، ماري أوليفر كيف تجعل الفروقات الأزواج أقرب؟، جوزيف كامبيل العامل الأهم في الحفاظ على علاقة رومنسية ثم عد واقرأ ما كتبه جبران عن النفس الظاهرية والنفس الحقيقية وسخافة الاستقامة الذاتية.
المقال باللغة الإنكليزية: هنا