الرئيسية / أجتماع / هل يوجد فساد في المنظمات غير الحكومية؟! كيف نتعامل معها؟!

هل يوجد فساد في المنظمات غير الحكومية؟! كيف نتعامل معها؟!

كتبه لصحيفة “الغارديان”: جو أديتونجي
نُشِرَ بتاريخ: 28/1/2013
ترجمة: إبراهيم العيسى
مراجعة وتدقيق: عقيل صكر
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد

تُعدّ الشفافية عاملاً هامّاً في تطوّر المنظمات، لكن كيف تتحدّث عن الفساد، والشكاوى، دون إلحاق الضرر بسمعتك؟
لم تعد المنظمات غير الحكومية أكثر مناعة ضد الفساد من الشركات في القطاعات الأخرى.
يطال ضرر الفساد تطوير المنظمات على وجه الخصوص، وتشمل تداعياته سمعتها، تمويلها والتبرعات التي تتلقاها.
إنّها بالفعل قضية هامة؛ فقد تم إنفاق ما يقارب (17.1) مليار دولار (حوالي 10 مليار جنيه إسترليني) على العمليات الإنسانية في عام (2011). ومن دون تطبيق الاستراتيجيات المناسبة، قد تصبح المساءلة صعبة. فالفساد، الذي يشمل محاباة الأقارب، الارتشاء، الاحتيال، ومضاعفة التمويل، قد يسبّب تبديد الموارد، تغذية النزاعات، وزيادة تكاليف الخدمات؛ المقدمة للفقراء، وبالتالي تقويض جوهر عمل تلك المنظمات.

يُقال إنّ إحدى عشرة منظمة غير حكومية من أصل سبع عشرة من كبريات المنظمات غير الحكومية الفرنسية؛ رفضت المشاركة في دراسة سرية عن الفساد، أجرتها منظمة أطباء العالم، في العام (2008). كان هدف تلك الدراسة البحث في إدارة المخاطر وإجراءات المنظمات في معالجة تلك المعضلة.
وفي ذات العام، وجد تقرير لمنظمة الشفافية الدولية أنّ أكثر المجالات عرضة للفساد هي تأمين الطعام ونقله، توزيع الأدوية واستخدام مواد البناء.
مما لا شك فيه أنّ تبني نهجاً فعالاً وشفافاً في التعامل مع الفساد قد يضع سمعة المنظمة غير الحكومية في خطر على المدى القصير. إلاّ أنّ هناك دلائل تشير إلى تغيّر في سلوك المنظمات غير الحكومية وحماسها لإظهار كفاءة ومساءلة عملية أفضل.

تنشر منظمة DanChurchAid (DCA)، وهي من المنظمات الدنماركية غير الحكومية الرئيسة، تقريرها السنوي عن الفساد منذ عام (2008). وتقريراً ثانياً يرد فيه كلّ الشكاوى المقدمة ضدها. لكن لِمَ قررت منظمة (DCA) المخاطرة رغم كل التحفظّات الأولية التي أبداها مدراء الاتصالات فيها؟
تقول ليزا هنري، مديرة الشؤون الإنسانية في منظمة (DCA)، إنّ التقريرين عاملان هامان في اندفاع المنظمة لتكون أكثر قابلية للمساءلة وأكثر شفافية لتحسين عملها.
“إنّ كشف الفساد ومواجهته هي الطريقة الأكثر فعالية في مكافحة الفساد” تقول ليزا هنري والتي تشغل أيضاً رئيس منظمة شراكة المسؤولية الإنسانية، وهي منظمة أُسست في عام (2003) تعنى بتعزيز المساءلة في المنظمات غير الحكومية الإنسانية.
وتضيف: “لا يودّ أحد (سواء منظمات أو أفراد) أن يرد اسمه في تقرير فساد. فنحن ننشر نتائجنا بعناية ونركز فيها على الدروس المستفادة منها ونعدّها حالات تعلّم فعلية نستفيد منها. فلا نقف مكتوفي الأيدي بانتظار الحالة القادمة فنتفاجأ بها”.

من المهم كذلك أن تتعلم من التجارب، إلاّ أنّ انخراط كل عاملي المنظمة وشركائها في الاستراتيجية وانفتاحهم والتزامهم بأهميتها يشكّل تحدياً عملياً وثقافياً هاماً.
“الفساد مسألة حساسة” تقرّ هنري، وتضيف: “إنّ التحدي العملي هو أن توصل رسالتك بشأنه بطريقة مفهومة، وأن تتسم بالوضوح وعدم التناقض، وأن تجعل العاملين مرتاحين في تنفيذها ويتم ذلك بواسطة نظام إبلاغ بسيط الاستخدام وخالٍ من أي تهديد. وأن تشكل تلك المسألة أولوية لدى كبار المسؤولين الإداريين.”
إنّ التعامل مع الفساد ضمن المنظمة شيء واحد معروف ولكن ماذا عن العمليات في مجالات يكون الفساد فيها –الإرتشاء مثلاً- من أساسيات سير الأمور؛ على سبيل المثال ضمن سلك الشرطة الفاسد، أو البنى الحكومية التي تفتقد الشفافية والسلطات القضائية الفاسدة.
“علينا أن نعترف أنّ الثقافات تختلف وأنّ الفساد جزء لا يتجزّأ من ثقافة البلدان النامية.” تقول هنري وتضيف: “من الطرق الفعّالة لدعم الشركاء في البلدان النامية لتحسين العمل هي إشراك المكونات والمجتمعات المحلية بطريقة أكثر تنظيماً في أعمال التنمية والأعمال الإنسانية. إذ تعمل منظمة (DCA) كذلك وعبر شركاء محليين؛ في محاربة هذه القضايا، من خلال أعمال الدعوة القوية. وقد تم تأسيس نظام شكاوى في كثير من الأماكن التي تعمل فيها منظمة (DCA) وشركاؤها (داخل الدنمارك وعلى الصعيد العالمي) يعمل قدماً مع أنظمة المراقبة النظامية. يوفر نظام الشكاوى المعلومات ذات الصلة، التي تساعد الشركاء والمنظمة في تنظيم العمل وتحسينه.”

“إنّ دعوة الناس كي يقدموا ملاحظاتهم أو شكاويهم بصدق وأمانة تمثّل تحدياً لنا بالعادة، لكنّه تحدِ يمكن تجاوزه. وحالما يبدأ شركاء وموظفو منظمة (DCA) العمل وفق ديناميكية ما، يطرح عليهم من تلك الملاحظات والشكاوى، يتشجّع معظم الناس على المشاركة به. كما أخبرتني إحدى النسوة من وادي سوات في الباكستان، “لم يسبق أن سألني أحد عن رأيي من قبل.”

وجدت منظمة (DCA) أن اندفاعها نحو الشفافية العامة؛ لم يؤثر سلباً على تمويلها، أو التبرعات التي تتلقاها.
“المصداقية والثقة هما الدافع الرئيس لأي منظمة غير حكومية أو شركة خاصة.
“تشرح هنري وتضيف: “هناك تصوّر أنّ الفساد قد يضر الثقة، الصورة أو العلامة التجارية. نعم هذا صحيح، وخاصة إن كان هناك سوء إدارة أو إخفاء للمسألة عوضاً عن طرحها ومواجهتا بشكل فعّال وروح منفتحة. من تجربتنا الخاصة، فإنّ التغير في الموقف قد يؤدي لتغيّر في السلوك، لكن ذلك يتطلب التزاماً واضحاً من المؤسسة على مستوياتها كافة، من القاعدة إلى القمة. وينبغي كذلك التصريح علانية وبشكل لا لبس فيه: أنّها تتبع استراتيجية الشفافية والمساءلة. وأننا نتعلم من أخطائنا ونحسّن عملنا استناداً على المساهمة البنّاءة لمن نعمل معهم.”

ورغم الشكوك التي سادت في البداية، إلاّ أنّها قد تلاشت الآن بحسب هنري. والآن فإنّ آليات وأنظمة المساءلة والشفافية في منظمة (DCA) هي من أكثر أدوات الإقناع لجمع التبرعات، كسب المصداقية، والاعتراف بالعلامة التجارية. ويستخدمها جامعو التبرعات على الأرض، المتطوعون والعلاقات العامة لتطوير المنظمة.
وتشير مقدمة قانون الرشوة لعام (2010) في المملكة المتحدة؛ إلى أنّه على المنظمات غير الحكومية أن تضمن تطبيق برامج قوية على الأرض. كما إنّ تعليمات مكافحة الرشوة التي طرحتها منظمة الشفافية الدولية، منظمة بوند، منظمة مانغو ومجموعة عاملة من المنظمات غير الحكومية تقدم مبادئ عملية وواضحة لتطبيق إجراءات فعّالة ضد الرشوة. كما تدير منظمة الشفافية ورشات عمل لمكافحة الرشوة في المنظمات غير الحكومية التي تعنى بالشؤون الإنسانية والتنمية.

يقول تيم بويز واتسون، مدير منظمة مانغو التي أنشئت منذ ثلاثة عشر عاماً، لتعزيز الإدارة المالية، والمساءلة في المنظمات غير الحكومية، إنّ ضغط الوقت هو من أكبر مسببات خطر الرشوة. “ينبغي أن ينصبّ الجهد الرئيس في مكافحة الرشوة على تقييم الخطر، التخطيط وتدريب الكوادر، مما يمكّن المنظمات غير الحكومية الحؤول دون فقدان أموال، بالفساد أو ضياع الوقت، بالتحقيق والمحاكمة في قضايا الاحتيال والرشوة. في الحقيقة إنّ من أعظم مخاطر الرشوة والتحديات المثبطة للمنظمات غير الحكومية هي التفاعل مع السلطات في قضايا الاحتيال والرشوة. فالوقاية أكثر فعالية ونجاعة من العلاج.”
يقدّم بويز واتسون بعض أفضل النصائح للمنظمات غير الحكومية التي تودّ ترسيخ ممارسات مكافحة الفساد في عملياتها:
● ليكن التزامك واضحاً وقوياً بتبني نهج عدم تسامح للفساد.
● حدد المواضع الأكثر خطورة عليك ولتكن أولوية جهودك تخفيف المخاطر التي تقوّض مهمتك وتهدّد سمعتك.
● ابتكر وطبق إجراءات لتخفيف تلك المخاطر، من خلال تمكينك على مقاومة؛ تجنب أو منع الرشوة.
● امنح شركاءك وعملاءك المهمين أو المتعاقدين العناية الواجبة لهم.
● قم بنشر سياستك وإجراءاتك داخل وخارج منظمتك غير الحكومية.
● راقب وقيّم سير برنامجك في مكافحة الرشوة.
● اعمل مع المنظمات غير الحكومية الأخرى لتشاركهم خبرتك وتقوموا بعمل جماعي في مكافحة الفساد.

المقال باللغة الإنكليزية: هنا

عن Ahmed Alwaeli

Designer, Translator..

شاهد أيضاً

القضاء على الفقر المدقع في شرق اسيا ومنطقة المحيط الهادي 

ترجمة: سهاد حسن عبد الجليل تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: أسماء عبد محمد   في …

عملية هدم الحضارة

ادريان ولدرج يرثي انهيار منظومة العادات والاعراف    بقلم : ادريان ولدرج ترجمة: سهاد حسن …