كتبه: بالاش غوش
بتاريخ: 3-5-2013
ترجمة: رعد طالب
التدقيق اللغوي: نعمان البياتي
تصميم: اسماء محمد
كان جوزيف ستالين -الذي توفي قبل 60 عاماً- رجلاً قصير القامة نوعاً ما، كان ابناً لأحد الفقراء الذين أُسيئت معاملتهم، إضافة إلى إن والده كان سكّيراً، واسمه الكامل جوزيف فيساريونوفيج جوكَاشفيلي “الذي أصبح ستالين فيما بعد”.
رغم ذراعيه الذابلتين، ووجهه الذي تشوبه بثورٌ بسبب إصابته السابقة بالجدري، إلا إنه يقف طويل القامة باعتباره واحداً من أغزر القتلة في التاريخ.
استمر حكم ستالين الوحشي لمدة 30 عاماً كحاكم مطلق للاتحاد السوفيتي، ظهرت فيه الكثير من الفظائع، بما في ذلك عمليات التطهير، والطرد والتهجير القسري، والسجن ومعسكرات العمل، والمجاعات المصطنعة، والتعذيب وأعمال القتل الجماعي والمجازر -ماعدا الحرب العالمية الثانية- أي حصيلة كاملة من قوائم القتل والتي من المرجّح أن لا تُعرف أرقامها أبداً!
لقد كان ستالين مريضا نفسياً ومُصاباً بجنون العظمة ويمتلك عقلية عصابات، وقد قضى ستالين على أي شخص يشكّل تهديداً بسيطاً لسلطته بما في ذلك حلفاءه السابقين؛ لم يكن لديه أي اعتبار لقدسية الحياة البشرية.
ولكن ماهي الأعداد التي قتلها ستالين؟
في شهر فبراير من عام 1989 -أي قبل عامين من سقوط الاتحاد السوفيتي- كتب المؤرخ الجورجي (روي الكندروفيتش ميدفيديف) ورقة بحثية نُشرت في الصحيفة الأسبوعية (آركيومينتي فاكتي)، وتشير تقديراته فيها إلى إن عدد الأشخاص الذين قُتلوا بسبب حكم ستالين بلغوا حوالي 20 مليوناً -يضاف لهم 20 مليوناً آخرين قتلى الجنود السوفيتيين والمدنيين الذين لقوا حتفهم في الحرب العالمية الثانية- ليصبح رصيده الإجمالي 40 مليوناً!
يقول ميدفيديف ناشر البحث لمجلة نيويورك تايمز في ذلك الوقت: “نشر تلك الأرقام مسألة مهمة، رغم إن المسالة مرعبة فعلاً”، ثم أضاف ميدفيديف “من ضمن المقتولين كان والدي”.
وتضمنت الملفات التي حصل عليها ميدفيديف حلقات مأساوية أخرى:
مليون شخص ما بين منفي ومسجون بين عامي 1927-1929، إضافة إلى 11 مليوناً من الأشخاص أُجبروا على ترك أراضيهم بالإضافة إلى 3 ملايين آخرين من الفلاحين تم إرسالهم إلى برنامج العمل الجماعي الشامل، بالإضافة إلى 7 ملايين شخص ماتوا بسبب المجاعة الاصطناعية في السنوات 1932-1934، بالإضافة إلى مليون شخص تم نفيهم من موسكو ولينينغراد عام 1935، بالإضافة إلى مليون شخص آخر تم إعدامهم خلال عهد الإرهاب العظيم في السنوات 1937-1953.
على الرغم من إن ليس كل المذكورين قد توفي لأسباب غير طبيعية -كالمجاعة مثلاً- فإن تقديرات ميدفيديف عن 20 مليون حالة وفاة لغير المقاتلين يعتبر تخمينا متحفظاً!
في الواقع، فإن (ألكسندر سولجينتسين) عملاق الأدب الذي كتب (أرخبيل الغولاغ)، كتب كتاب (هاروينغلي) حول نظام المعسكرات السوفيتية، وقد ادّعى أن عدد الضحايا الحقيقي لستالين يصل إلى 60 مليون نسمة؛ معظم تقديرات الأكاديميين والمؤرخين ذوي السمعة الحسنة تتراوح تقديراتهم بين الـ 20 والـ 60 مليوناً من الأشخاص!
في كتابه “الوفيات غير الطبيعية في الاتحاد السوفيتي: 1928-1954” يُقدّر (آي.جي. ديدكين) إن الاتحاد السوفيتي شهد 62 مليونا من حالات الوفاة غير الطبيعية بينها ما بين 34 إلى 49 مليوناً مرتبطة مباشرة بستالين.
أما في كتاب “أوربا والتاريخ”، أحصى المؤرخ البريطاني (نورمان ديفيز) 50 مليوناً قتلوا في الفترة بين 1924-1953 باستثناء الخسائر البشرية في زمن الحرب!
بينما قدّر (ألكسندر نيكولايفيتش ياكوفليف)، وهو سياسي ومؤرخ سوفياتي 35 مليون حالة وفاة، بل حتى الذين حاولوا التقليل من التقديرات على أساس البحوث التي أجروها اعترفوا إن حساباتهم غير كافية.
في كتابه “الإرهاب العظيم: عمليات التطهير الستالينية في الثلاثينات” يقول المؤرخ الإنكلو-أمريكي (روبرت كونكويست): “حصلنا على الرقم 20 مليونا من القتلى في عهد ستالين، وتكاد تكون أرقاماً منخفضة جداً، ربما يتطلب الأمر زيادة 50% أو نحو ذلك”.
بالإضافة إلى ذلك هناك أقوال منسوبة إلى ستالين تعكس التجاهل التام لهذا الرجل للحياة البشرية: “الموت هو الحل لجميع مشاكل البشرية” أو “لا رجل، لا مشكلة -كناية عن رجل يعارض فكرته-” وكذلك: “وفاة شخص واحد مأساة، أما وفاة مليون فمسألة احصائية”.
هناك مشكلة تواجه إحصاء المجموع الكلي للخسائر والقتلى تقع على عاتق عدم اكتمال وعدم موثوقية السجلات السوفيتية، ومعضلة أخرى إن العديد من الوفيات -مثل الموت جوعاً في المجاعات- قد يكون أو لا يكون متصلاً اتصالاً مباشراً بسياسات ستالين.
على أية حال، إذا كان الرقم هو 60 مليوناً من القتلى فإن ما معدله 2 مليون إنسان قد قتلوا كل سنة في عهد ستالين الرهيب أو 40 ألف شخص كل أسبوع -وهذا خلال وقت السلم-.
إذا كان أقل تقدير نأخذه هو 20 مليوناً، فإن عدد الوفيات اليومية هي 1830، وهكذا يمثل نظام ستالين أكبر آلة للقتل باستثناء فترة حكم الرئيس الصيني (ماو تسي تونغ).
المقال باللغة الإنكليزية: هنا