كتبه لموقع “أي تي آي”: كارولين ريدموند
منشوربتاريخ: 14\9\2018
ترجمة: ياسر منهل
تدقيق: آلاء عبد الأمير
تصميم: مرتضى ضياء
كشفت دراسة نشرتها جامعة ويسكونسن- ماديسون في 14 أيلول/ سبتمبر على موقع “ساينس” أن النباتات تطلق إشارة شبيهة بإشارة النظام العصبي تسري في جسم النبات عندما تتعرض للقضم أو الجرح، وهي مشابهة تماماً لردة الفعل تجاه الألم في النظام العصبي عند الإنسان وبقية الحيوانات.
فعندما يتعرض الإنسان للجرح تقوم الخلايا العصبية في جسمنا بتنبيه النظام العصبي بضرورة إفراز مادة (الغلوتامات) التي تعمل كناقل عصبي. إذ تحفز هذه المادة جزءاً من دماغنا من أجل تحرير مادة الأدرينالين التي تقوم بدورها بتنشيط ردة الفعل المعروفة بـ (المواجهة أو الهرب). لا تمتلك النباتات نظاماً عصبياً، لكن تسجيل فيديو تم التقاطه من قبل علماء، قاموا بهذه الدراسة، يبين أن النباتات التي تعرضت أوراقها وأليافها للجرح تمتلك نسختها الخاصة من ردة فعل (المواجهة أو الهرب) عند تعرضها لهجوم.
ويظهر الفيديو الذي التقطه العلماء القائمين بالدراسة حشرة اليسروع وهي تلتهم نباتاً، ويقوم النبات بدوره، بردة فعل تجاه هجوم هذه الحشرة. الفيديو هنا
ولكون النباتات لا تمتلك نظاماً عصبياً، فإنها تفتقر للنواقل العصبية لكنها مع ذلك تمتلك مادة الغلوتامات. ويظهر في الفيديو حشرة يسروع تتغذى على نبات، فيقوم الأخير بإفراز مادة الغلوتامات في المكان الذي تعرض للقضم. إن هذه العملية تنشّط موجة من الكالسيوم تنطلق في كل أطراف النبات وتحفزه لإطلاق هرمون التوتر الخاص بالنبات.
إن تسجيل الفيديو المذهل هذا يبين وللمرة الأولى كيف أن يمتلك النبات رد فعل سريع ينتشر في كافة انحاء الجسم. ووفقاً لتصريح من جامعة (ويسكونسن- ماديسون) فإن الإشارة العصبية في جسم النبات تستغرق أقل من دقيقتين لتبلغ كافة أطراف النبات، أي أنها تتحرك بسرعة واحد مليمتر في الثانية.
وحال انطلاق الإشارة داخل اجسامها تدرك النباتات على الفور أنها تتعرض لاعتداء وعليها القيام بردة فعل تجاه التهديد.
أدرك العلماء منذ زمن أن للنباتات استجابة تجاه التهديد لكنهم لم يتمكنوا من فهم الظاهرة أو معرفة مركز ردة الفعل هذه.
إذ يقول “سيمون غيلروي” وهو بروفيسور في علم النبات في جامعة (ويسكونسن – ماديسون) وأحد المشاركين في هذه الدراسة: “نحن نعلم بأنه إذا جرحت نباتاً، ستتولد شحنة كهربائية تنتشر في كافة انحاء النبات، لكننا لا نعلم ما الذي يقف وراء هذا النظام”.
ومن أجل فهم ما يحصل داخل النبات عند تعرضه للاعتداء قام الباحثون بتعديل النباتات جينياً لإنتاج بروتين يأخذ بالتوهج حول الكالسيوم داخل النبات. وقد مكّنهم هذا الأمر من مشاهدة موجة الكالسيوم التي تتدفق في جسم النبات بعد تعرضه للجرح.
وقد أظهرت صور التقطها العلماء القائمين بالدراسة استجابة النباتات لمادة الغلوتامات التي وضعت بصورة مباشرة على أحد أوراق النبات.
كما واستخدم العلماء عضة اليسروع وجرحاً باستخدام مقص وجروحاً أخرى بسحق النبات من أجل إطلاق استجابة الغلوتامات. وحالما ترسل الإشارة التحذيرية في أرجاء جسم النبات تبدأ الأوراق بإطلاق هرموناتها الخاصة بالدفاع لحماية النبات من الهجمات الوشيكة.
تحتوي هذه الهرمونات الدفاعية التي يحررها النبات على مواد كيميائية تساعد على إصلاح الجزء المتضرر من النبات وتحتوي أيضاً على كيماويات أخرى لصد المفترسين الآخرين.
إن رد فعل النبات عند تعرضه للجرح لا يشبه تماماً ردة فعل الإنسان أو الحيوان المعروفة بـ (المواجهة أو الهرب) بل هي ردة فعل خاصة بالنبات.
وتحدث “غيلروي” لموقع (فوربس) قائلاً : “لو أن حيواناً يتعامل مع العالم المحيط به بصورة ما وبطريقة مباشرة، فإنه (أي الحيوان) لن يحتاج لأن يعرف ما يجري من حوله بالضبط. بل كل ما عليه فعله حين يشعر بوجود خطر محيط به هو أن يرحل فحسب، إذ أن خاصية القدرة على الحركة عند الإنسان والحيوان توفر لهم أفضل وسيلة للخروج من الخطر بدون أن يحتاج لمعرفة ما يجري حوله، ولكن بالنسبة للنبات فإن الأمر مختلف، فهو لا يملك نعمة الحركة هذه”.
في المرة القادمة التي تجلس فيها لتناول سلطة غنية بالألياف حاول أن تنسى كمية الغلوتامات التي أفرزتها هذه النباتات قبل أن تتحول لطبق سلطة على طاولتك.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا