كتبه لموقع “ذي إيكونوميست”: آر إل جي
منشور بتاريخ: 29/8/2018
ترجمة: ياسين إدوحموش
تدقيق: آلاء عبد الأمير
تصميم: مينا خالد
لدى الجميع حدس بأن بعض اللغات أصعب بكثير من لغات أخرى. وبالنسبة للناطقين باللغة الإنجليزية باعتبارها اللغة الأم، فقد أعلنتها بصريح العبارة المراكز المختصة التي تعلم اللغات الاجنبية، إذ تقدر وزارة الداخلية الامريكية أن اللغات الإسبانية و السويدية و الفرنسية يمكن تعلمها في ما بين 575 إلى 600 ساعة من الحصص ( الصنف أ)، في حين تعد الروسية والعبرية الايسلندية أكثر صعوبة فهي تحتاج ل1100 ساعة من الحصص (الصنف ب) وتأتي اللغة العربية و اليابانية و الماندارين الصينية و لغات قليلة أخرى في المجموعة الأصعب (أي الصنف ج)، وتتطلب 2200 ساعة من الحصص. لكن ما الذي يجعل لغة ما صعبة؟
إن معرفة المدة الزمنية المستغرقة في تعلم لغة ما لا يقدم جواباً عن اللغات التي تعد صعبة بغض النظر عن اللغة الأم للمتعلم (ولا علاقة له أيضاً بسؤال :”ما مدى صعوبة اللغة الانجليزية”). تصنيف اللغات في سلم عالمي لدرجة الصعوبة ليس بالأمر السهل، فهو مثير للجدل بحد ذاته. بعض اللغات تكثر من إضافة حروف في نهاية الأفعال و الأسماء، مثل اللاتينية و الروسية، و مثل هذا التصريف قد يكون صعباً على المتعلمين الذين ليسوا معتادين عليه. قبل عدة سنوات، توصل باحثان لاكتشاف مفاده أن اللغات الصغيرة (تلك التي لها احتكاك قليل مع لغات أخرى) عادة ما يكون فيها تصريف أكثر. على النقيض من ذلك، يرى الباحثان أن اللغات المولدة (أي تلك التي تنشأ بين مجموعات لا تتقاسم لغة واحدة) تكون أكثر بساطة على نحو منظم، حتى بعد أن تغدو لغات “طبيعية” لها ناطقون يتحدثونها كلغتهم الأم، حيث تفتقر هذه اللغات إلى التصريف.
غير أن التصريف ليس سوى جزء واحد من “الصعوبة”، فبعض اللغات لديها أنظمة صوتية بسيطة (مثل اللغات البولينزية)، و البعض الآخر تحتوي على تشكيلة واسعة من الاصوات، بما في ذلك تلك النادرة التي يجدها الغرباء صعبة التعلم (مثل لغات القوقاز)، كما تفتقر بعض اللغات في غالب الأحيان إلى الجنس النحوي، والبعض الآخر يحتوي على عشرات الأجناس (تعرف كذلك بأصناف الاسماء) يتعين تعلمها لكل اسم على حدة. يمكن أن يكون للغات ترتيب كلمات يتسم بالثبات إلى حد الجمود أو يتسم بالمرونة، إذ يمكنها وضع الفعل قبل المفعول به أو حتى تسبق المفعول به على الفاعل. ومع ذلك، ليس من الواضح كيفية تصنيف الصعوبة النسبية التي تتسم بها الحروف الساكنة الغريبة أو العشرات من الأجناس أو الاستعمال المكثف للتصريف. وقد عكف نهج حديث آخر على الإلتفاف حول المشكلة عن طريق البحث عن لغات تحتوي على أكثر الخصائص غرابة، دون التطرق لمسألة ما إذا كانت تلك الخصائص “صعبة”. وعن طريق مقارنة 21 مؤشراً مميزاً عبر مئات اللغات، قاموا بتصنيف 239 لغة، ووجدوا أن لغة “تشالكاتونغو” التي يتحدثونها في المكسيك، أكثرها غرابة. وجاءت الإنجليزية في المرتبة رقم 33، كما جاءت اللغة الباسكية، والهنغارية، والهندية والكانتونية ضمن اللغات “الأكثر طبيعية”. لم يجد الباحثون أوجه تشابه كبرى بين اللغات “الغريبة” وتلك “العادية”. (على سبيل المثال، لا يزعمون أن اللغات الأصغر أو الأكبر تميل إلى أن تكون “أغرب”). ولكن مرة أخرى، ينبغي التنبيه إلى أن هذا النهج فقط يقارن بين اللغات الغربية من منظور شامل، وليس اللغات التي تعد أكثر صعوبة.
لذا يبدو أن أهم استنتاجين تم استخلاصهما هو أن اللغات الأصغر يكون فيها التصريف بكثرة، وأن اللغات التي تكون أبعد من لغتك في شجرة العائلة اللغوية سيكون تعلمها أصعب عليك. أما إذا كنت تريد التحدي، فيستحسن اختيار لغة صغيرة من النصف الآخر من العالم.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا