كتبهُ لموقع (ساينس أليرت): بيتر دوكريل،
منشور بتاريخ: 12/2/2018
ترجمة: آلاء عبد الأمير
تدقيق: عقيل صكر
تصميم: حسام زيدان
لربّما تصدّرت سيارة “تيسلا” الخاصّة (بإيلون ماسك) كلّ العناوين خِلال الإطلاق الصاروخي التاريخي، الذي قامت بهِ (سبايس إكس) في الأسبوع الماضي، لكن (فالكون هيفي) كان ينقل حمولة ثانية، سريّة لدرجة أن لا أحّد تقريباً كان على علمٍ بها. مُخبّأ بداخل سيارة (رودستر) الحمراء، غرض صغير وغامض، مُصمّم ليدوم ملايين (ولربما مليارات) السنين، حتّى في البيئات المُتطرفة مثل الفضاء الخارجي، أو على الأسطح البعيدة للكواكب القصيّة.
اسمهُ (Arch/ قوس) ويُلفظ (آرك)، إن وسيلة الخزن الصغيرة هذهِ تمّت صِناعتها لأغراض أرشفة البيانات لفترات طويلة، تحملُ مكتباتٍ من المعلوماتِ مُشفّرة على قرصٍ صغيرٍ من “الكوارتز” الشفاف، لا يتجاوز في حجمهِ حجم العُملة المعدنية.
وفقاً (لمؤسّسة بعثة آرك)، وهي مُنظّمة غير ربحية يقعُ مقرّها في ولاية “كاليفورنيا” ومسؤولة عن هذه التكنولوجيا، فإن هذهِ الأقراص: “يُمكنُها الحِفاظ – على – ونشر المعرفة الإنسانيّة عبرَ الزمان والمكان، لمصلحة الأجيال المستقبليّة”.
“الآرك” الواحد يبدو كقرص فيديو رقمي، أو قرص (بلو راي) صغير الحجم، لكن قدرتهُ على خزن البيانات تتجاوز قدرة أيّ قرصٍ بصريٍ يمتلكهُ أحدُنا في بيتهِ.
تمَّ تطوير هذهِ التقنية بواسطة الفيزيائي (بيتر كازانسكي) من جامعة “ساوثهامبتن” في المملكة المُتّحدة، ويمكنهُ نظريّاً حمل (360 – تيرابايت) من البيانات، أي ما يُعادل البيانات التي يحملها (7 آلاف) قرصاً (بلو راي) تقريباً.
والأمر الذي يُثير الإعجاب أكثر من قدرتهِ على حمل البيانات هو مُتوسّط طول العمر المادي، إذ يُقال أنَّ القُرصين الّذَين تمّ تسميتُهُما (آرك1.1) و (آرك 1.2) هُما من أطول وسائل التخزين عمراً التي صنعها البشر على الإطلاق، ومن الناحية النظرية فهُما مُستقران لمدّة تصلُ إلى (14) مليار سنة، يعودُ الفضل في ذلك إلى تقنية “خزن البيانات خماسي الأبعاد” والمحفور على زجاجِ “سيليكا الكوارتز” بواسطة ليزر التشكيل النانويّ.
إنَّ قرص (آرك 1.2) الذي يشقُ طريقهُ عبر الفضاء حالياً على متن سيارة “تيسلا رودستر” بسرعةٍ تصل إلى (12908) كم/في الساعة، يحملُ ثلاثية (مُؤسّسة) للكاتب ( آيزاك اسيموف)، وهي من الكلاسيكيات في كتب الخيال العلمي، وتُناقشُ فكرةَ الحِفاظ على المعرفةِ والثقافةِ الإنسانية في كونٍ شاسعٍ لا يرحم.
إنَّها مهمةٌ تتوافق بشكلٍ مثاليٍ مع أهداف مُطوري “آرك”، الذين سَمّوا إطلاق هذا القُرص البِكر اسم (المكتبة الشمسية). ويشرح الشريك المُؤسّس (نوفا سبيفاك) هذا الأمرَ قائلاً: “ستطوفُ المكتبة الشمسية حول الشمس لمليارات السنين. فكِّروا بها كحلقة من المعرفةِ تِحيطُ بالشمسِ. وتُعدّ هذهِ خطوةً أولى لمشروعٍ بشريٍ ضخمٍ لانتقاءِ وتشفيرِ وتوزيعِ بياناتِنا عبرَ النِظام الشمسي، وما بعده.”
من المُزمع القيام بعملياتِ الإطلاق الأخرى في عامي (2020 و 2030)، بمكتبات آرك “القمرية” و “المريخية”، والمُرادُ لها إرسال نسخٍ احتياطيةٍ مُنتقاةٍ من المعرفةِ الإنسانيةِ إلى القمرِ والمريخِ.
ويُرجى من الأخيرِ أن يعملَ كعونٍ مفيدٍ للمستعمرين على الكوكبِ الأحمرِ لمساعدتِهم في “رفعِ” الإنترنت المحلّي على المريخ.
وإذا كانَ هذا يبدو مشروعاً طموحاً فعليكَ معرفةَ الهدف النهائي. يقول سبيفاك: “حين نقومُ بربطِ مكتبات “آرك” وأجهزة تخزين “آرك” مع بعضها في النهاية، عبرَ شبكة مُشاركة بيانات مقروءَة ومكتوبة لامركزية، والّتي تمتدُّ عبرَ النِظام الشمسي، يُمكنُنا حينها البدءُ بالتوسعِ ومشاركةِ المكتبة اللامركزية لجميع المعارف البشرية، على كلِّ كواكب نظامنا الشمسي وحتّى أبعدَ من ذلك.”
أمرٌ رائعٌ. حسناً، إنّهُ حلمٌ مميزٌ من أحلامِ اليقظةِ، لكن إن كنتَ لا تصدقهُ فعليكَ أن تسألَ نفسكَ: أكنتَ تتوقّع أن تقوم سيارة “تيسلا رودستر” بالدورانِ حول الشمس في (2018)؟
المقال باللغة الانكليزية: هنا