نشرت هذه المقالة بالتعاون مع مزكز واشنطن للنمو الاقتصادي العادل.
المؤلف : جون شميت و هو باحث في مزكز واشنطن للنمو الاقتصادي العادل.
ترجمة : زينب عبد محمد
مراجعة: مصطفى شهباز
تصميم: حسام زيدان
يعود الفضل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية او ما يعرف اختصارا بـ OECD في تعريف أو اظهار نتائج السياسات الاقتصادية. حيث تطرح هذه المؤسسة فكرة أن التزايد الحاد في اللامساواة أو التباين في الدخل بين طبقات المجتمع قد يكون عائقاً أمام التقدم الاقتصادي. و يجدر الذكر أن منظمة اقتصادات الدول المتقدمة و النامية بمقرها الرئيسي في باريس قد نشرت احدث النتائج ضمن بحثها الذي يحمل عنوان (لماذا تقليل عدم المساواة الاقتصادية ينفعنا جميعا؟) حيث تكشف هذه النتائج أن التحليل الاقتصادي يقترح كون اللامساواة في الدخل له تأثيرات سلبية مؤثرة على النمو الاقتصادي.
و في نفس السياق يكشف التقرير الجديد انه بين عامي 1990 و 2010 ارتفع الناتج المحلي الاجمالي للفرد في 19 دولة من الدول في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بنسبة 28% وكان من الممكن لمعدل النمو أن يصل لحوالي 33% لو لا ارتفاع معدل اللامساواة في نفس الفترة بعد عام 1985. ومن الجدير بالذكر أن هذا التقرير مبني على تحليل اقتصادي لحوالي 31 بلداً من البلدان ذات الدخل العالي والمتوسط المنتمية للمنظمة. واستنتج من ذلك أن خفض معدل اللامساواة بحوالي درجة جيني واحدة فقط (وحدة قياس يستعملها الاقتصاديين لقياس اللامساواة الاقتصادية) كان ليرفع معدل النمو الاقتصادي السنوي بحوالي 0.15%.
في عالم تعتبر فيه السياسات التي من شأنها زيادة معدلات النمو الاقتصادي حتى وإن كانت بحوالي عُشر من واحد في المئة أمرا مهما. فإن هذه النتائح هي أكثر ما نأمله من تأثيرات هذه السياسات. و لتظهر لنا منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي حجم اللامساواة الاقتصادية من خلال بيانات المنظمة فأن الولايات المتحدة أعلى من كندا فيما يتعلق باللامساواة الاقتصادية بحوالي 6 نقاط جيني . و تجدر الاشارة الى أنه بين عامي 1983 و 2012 أرتفعت نسبة التباين أكثر من 5 نقاط جيني في الولايات المتحدة.
في الحقيقة، ستجني الولايات المتحدة الأمريكية فوائد كبيرة من تقليص نسبة اللامساواة في الدخل فيها. حيث إن التباين وحسب ضوابط منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي لطالما كان عاليا و يتزايد باستمرار في الولايات المتحدة. و بأستخدام نفس تقديرات منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي إن استطاعت الولايات المتحدة خفض التباين واللامساواة في الدخل وصولا الى المستوى في كندا حينها سوف يرتفع الدخل الاجمالي بحوالي 0.9% نقطة في السنة ويعد هذا تأثير كبير موازي لمتوسط معدل النمو السنوي منذ 1970 في الولايات المتحدة.
و تجدر الاشارة ان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تؤمن بأن اللامساواة في عملية التعليم يعتبر عاملاً مهماً في العلاقة العكسية بين اللامساواة في الدخل والنمو الاقتصادي. و حسب منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي فإن الاثر السلبي لعدم المساواة على الاداء الاقتصادي ناتج عن خفض فرص الاستثمار (خصوصا في قطاع التعليم) في الطبقات الفقيرة من الناس. إن هذا الاستنتاج مستشف من خلال ملاحظة الاطفال في العائلات ذات الدخل المنخفض ومقارنته بالاطفال في الأسر مرتفعة الدخل فيما يتعلق بالتحصيل العلمي وعدد سنوات الدراسة والدرجة العلمية التي يحصلون عليها من خلال النقاط المستحصلة في الامتحانات على المستوى العالمي للادب والرياضيات وشملت هذه الدراسة جميع البلدان بيد أن الفجوة العلمية بين الاطفال الاغنياء والفقراء كانت أكبر في البلدان التي تكون فيها نسبة اللامساواة أكبر منها في البلدان الاخرى الامر الذي يبين أن الدرجات العالية من اللامساواة في الدخل كانت سبباً في زيادة تدني مستوى الاطفال الفقراء وكما يشير تقرير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي “ان توفر الدخل يحدد بشكل حاسم فرص التعليم والتنمية الاجتماعية”.
يؤيد التقرير الصادر من منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي النتائج التي جاءت في تقرير النمو العادل والذي نشر في وقت مبكر من السنة. تحت عنوان “النتائج الاقتصادية و المالية لتطوير التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية”، ووفقا لما أكتشفه روبرت لينج إن الارتقاء بالتعليم في الولايات المتحدة الامريكية للمستوى الموجود في كندا سوف يؤدي لنتائج اعلى فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي لحوالي 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2050 و حوالي 17.3 تريليون بحلول عام 2075.
تعد المناقشات والتوصيات المرفقة من منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي المذكورة في هذا التقرير جريئة جداً. و حسب ما جاء في التقرير ” قد يؤثر التركيز بصورة حصرية على النمو واعتبار أن فوائده ستكون تلقائية في مصلحة النمو الاقتصادي قد تقلل هذا النمو نفسه على المدى الطويل ” و لكن السياسات التي تساعد على ” التقليل وعكس التزايد المطرد في اللامساواة في الدخل لن يجعل المجتمعات أكثر عدالة فحسب بل سوف يجعلها أغنى” و فيما ياتي عرض لما تمت مناقشته “رفع المعدل الضريبي على الاغنياء….. و تحسين عملية استحصالها و ازالة او التخفيف من الاستقطاعات الضريبية التي تصب في مصلحة الاغنياء وإعادة تقييم نسب الضرائب على جميع اشكال الثروة و الملكية.”
كان التحليل الاقتصادي لهذه النتائج حذراً ودقيقاً فالاكتشافات مبنية و بصورة مبدئية على عينة صغيرة من البيانات و التي هي حوالي 100 مشاهدة تم اجرائها في 31 دول في نقاط مختلفة خلال العقود الاربعة المنصرمة. و لكن النتائج ما هي الا جزء ثابت من عملية البحث عن العلاقة العكسية بين اللامساواة في الدخل والنمو الاقتصادي.
نشرت هذه المقالة بالتعاون مع مزكز واشنطن للنمو الاقتصادي العادل.
المقال باللغة الانكليزية: هنا