ترجمة : علي محمد رجاي
مراجعة: مصطفى شهباز
تصميم: حسام زيدان
ما هي الأدلة التاريخية على وجود يسوع؟
والى أي مدى يمكن أن نكون على ثقة بان يسوع كان موجود فعلا؟
إن الأدلة التاريخية التي تخص يسوع الناصري قديمة العهد ومنتشرة على نطاق واسع . في غضون بضعة عقود من حياته المفترضة، ذُكر من قبل المصادر اليهودية والرومانية فضلا عن عشرات الكتابات المسيحية. بالمقارنة مع الملك آرثر على سبيل المثال، الذي من المفترض أنه قد عاش حوال 500 ميلادي، لم تشر المصادر التاريخية الرئيسية في تلك الفترة للملك آرثر، انما جاء أول ذكر له بعد 300 أو 400 سنة من ولادته المفترضة. لكن الأدلة على وجود يسوع الناصري لا تقتصر على الفلكلور الشعبي كما هو الحال مع الملك آرثر.
بماذا تخبرنا الكتابات المسيحية؟
تكمن قيمة هذه الأدلة في أنها مبكرة ومفصلة. أول تلك الكتابات المسيحية التي تحدثت عن يسوع هي رسائل سانت بول، والتي يؤكد الباحثون على أن أقدم هذه الرسائل كتبت بعد 25 عاما فقط من وفاة المسيح، في حين أن السيرة الذاتية المفصلة عن يسوع في العهد الجديد من الأناجيل يعود تاريخها الى حوالي 40 عاما بعد وفاته. كل هذا مترافق مع شهادات العديد من شهود عيان عاشوا آنذاك، كما إن تلك المصادر تقدم الوصف الذي يتوافق مع ثقافة وجغرافيا فلسطين في القرن الأول. ومن الصعب أيضا أن نتصور لماذا قد يخترع الكتاب المسيحيين شخصية المنقذ اليهودي (المسيح) في ذلك الزمان والمكان –تحت احتلال الإمبراطورية الرومانية – حيث كان هناك شكوك وريبة قوية تدور حول اليهودية.
ماذا قال المؤلفون غير المسيحيين عن يسوع؟
على حد علمنا، المؤلف الأول خارج الكنيسة الذي ذكر يسوع هو المؤرخ اليهودي فلافيوس جوزيفوس، الذي كتب تاريخ اليهودية حوالي سنة 93 ميلادية وأورد إشارتين إلى يسوع. واحدة منها مثيرة للجدل لأنها محرّفة من قبل الكتاب المسيحيين، أما الاشارة الأخرى فلم تكن مثيرة للشك – حيث إشار فيها إلى جيمس، شقيق ”يسوع المسيح“.
بعد المؤرخ اليهودي جوزيفوس بحوالي عشرين عاماً ذكره السياسيان الرومانيان بليني و تاسيتوس. يخبرنا تاسيتوس الذي تولى بعض من أعلى مناصب في الدولة في بداية القرن الثاني الميلادي أن يسوع أعدم بينما كان بيلاطس بونتيوس الحاكم الروماني لمدينة يهوذا (26-36م) في زمن الامبراطور الروماني طيباريوس(14-37م) وهذه التقارير تتناسب مع الاطار الزمني للإنجيل. أما السياسي الاخر بليني الذي كان حاكما رومانيا في شمال تركيا فقد ذكر بأن المسيحيين يعبدون المسيح كإله. كلاهما كرها المسيحيين، ووصفهم بليني بأنهم خنازير ذوي رؤوس عنيدة . وقال تاسيتوس بأن المسيحية ديانة خرافية ومدمرة.
هل ناقش الكتاب القدامى وجود يسوع؟
من اللافت للنظر، لم يكن هناك أي نقاش في العالم القديم حول ما إذا كان يسوع الناصري شخصية تاريخية. في الأدب المبكر للحاخامات اليهود، ذكر فيه بأن يسوع طفل غير الشرعي لمريم وأنه ساحر. ومن الوثنيين، وصف لوسيوس والفيلسوف الساخر سيلسوس يسوع بأنه منبوذ ووغد، ولكننا لا نعرف أحد في العالم القديم قد شكك بوجود يسوع.
كيف اثير الجدل عن حقيقة وجود يسوع الان؟
في كتاب حديث، يتحدث الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفراي عن أن يسوع مجرد فرضية، وأن وجوده كفكرة أكثر من كونه شخصية تاريخية حقيقية. قبل 10 سنوات، تم تأسيس مشروع يسوع في الولايات المتحدة. كان أحد الأسئلة الرئيسية المطروحة للنقاش هو حول حقيقة وجود يسوع. بل إن بعض الكتاب قد جادلوا بأن يسوع الناصري شخصية وهمية، معتبراً أن يسوع الناصري هو اختراع مسيحي. ومن الجدير بالذكر، إن أكثر المؤرخين الذين عارضوا هذا الادعاءات وكتبوا ضد هذه الحجج الافتراضية، هم المؤرخون الملحدون: موريس كيسي ( استاذ سابق من جامعة نوتنغهام) وبارت إهرمان (جامعة كارولينا الشمالية). وقد أصدروا انتقادات لاذعة للنهج الذي يزعم بأن “يسوع أسطورة”، ووصفا هذا المنهج بالدراسة الزائفة. ومع ذلك، كشف استطلاع حديث أن 40٪ من البالغين في انكلترا لا يعتقدون أن يسوع كان شخصية تاريخية حقيقية.
هل هنالك أي دليل أثري على وجود يسوع؟
جزء من الارتباك الشعبي حول تاريخية يسوع قد تكون ناجمة عن الحجج الأثرية الغريبة التي أثيرت عنه. في الآونة الأخيرة برزت ادعاءات بأن يسوع كان حفيد كليوباترا، حيث زُعِم بأن يسوع يظهرعلى القطع النقدية القديمة وهو يرتدي تاجاً من الشوك. وفي بعض الدوائر، لا يزال هناك اهتمام بكفن تورينو، الذي يفترض بانه كفن دفن فيه يسوع . والذي ذكره البابا بنديكتوس السادس عشر بقوله “لم يكن هناك فن بشري قادر على إنتاج“ مثل هذا الكفن وأنه ”رمز يوم السبت المقدس“.
من الصعب العثور على المؤرخين الذين يعتبرون هذه المواد بيانات أثرية مهمة. ومع ذلك، تبقى الوثائق التي كتبها الكتاب المسيحيين واليهود والرومان تشكل أهم الأدلة على وجود يسوع.
تترك لنا هذه المراجع التاريخية الكثيرة القليل من الشك حول وجود يسوع المسيح.
المقال باللغة الانكليزية: هنا