الرئيسية / بيئة / تقرير أمريكي يعترف أن الإنسان هو سبب الاحتباس الحراري، مناقضاً كبار مسؤولي حكومة ترامب

تقرير أمريكي يعترف أن الإنسان هو سبب الاحتباس الحراري، مناقضاً كبار مسؤولي حكومة ترامب

ترجمة: حسين الحافظ
تدقيق: نعمان البياتي
تصميم الصورة : حسام زيدان

ليزا فريدمان & كلين ثروش
تشرين الثاني 3 – 2017
واشنطن – في تناقضٍ واضحٍ لمواقف كثير من مسؤولي حكومة ترامب عن التغير المناخي، أصدرت 13 وكالة فدرالية تقريراً علمياً شاملاً يوم الجمعة، صرحوا فيه أن البشر هم المسبب الأكبر للاحتباس الحراري، وزيادة درجة الحرارة العالمية، مما خلق أسخن حقبة في تاريخ الحضارة البشرية.
خلال 115 سنة الماضية، ازداد معدل درجة الحرارة العالمي 1.8 درجة فهرنهايت، مما أدى إلى تسجيل أحداث مناخية كارثية، وتطرف في درجات الحرارة، كما ذَكَر التقرير؛ ويضيف أن مسار درجات الحرارة طويل الأمد غير مبهم، وأنه ليس هناك “تفسير مقنع بديل” بأن هناك سبباً آخر هو المذنب، غير البشر والسيارات التي يقودونها، ومحطات الطاقة التي يشغلونها والغابات التي يدمرونها.
التقرير حصل على موافقة البيت الأبيض للنشر، وأتت النتائج في الوقت الذي تدافع فيه إدارة ترامب عن سياساتها تجاه المناخ؛ ستعقد الأمم المتحدة مؤتمرها السنوي للمناخ في الأسبوع المقبل في مدينة بون في ألمانيا، ومن المتوقع أن يواجه الوفد الأمريكي نقداً حاداً بسبب قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والتي وقعت عليها 195 دولة، وشككَ بها كبار المسؤولين في حكومة ترامب فيما يخص أسباب وتأثير الاحتباس الحراري.
“جاءت نتائج هذا التقرير، ضاربة بقوة تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين ومخالفة لسياساتهم” يقول (فيليب دوفي) رئيس مركز أبحاث الغابات “إنه يطرح السؤال، من أين يأخذ مسؤولو الإدارة الامريكية معلوماتهم؟ بالتأكيد ليس من علمائهم”.
بالرغم من وجود معارضة للتقرير من بعض أفراد إدارة ترامب، فإنه بحسب علماء مشاركين بكتابة التقرير، توجد لدى كبار مستشاري ترامب رغبة قليلة لمحاربة التغيير المناخي، والذين يركزون بشدة لتمرير قانون الإصلاح الضريبي؛ مسألةٌ يظنون أنها قد تحدد مصير الرئاسة.
ويصدر التقرير بصفته جزءاً من عملية مراجعة دورية بتكليف الكونغرس الأمريكي، ويتم إجراؤها كل أربعة أعوام، في عملية تعرف بتقييم المناخ الوطني؛ والعمل هذا يشارك فيه مئات الخبراء عاملون في الحكومة، أو الأكاديميات العلمية، وتتم مراجعته من قبل أكاديمية العلوم الوطنية، ويعد التقرير هذا، البيان الأكثر أهمية للولايات المتحدة فيما يخص التغيّر المناخي.
وأصدر البيت الأبيض يوم الجمعة بياناً قلل فيه من شأن ومصداقية ما توصل إليه التقرير.
“المناخ تغيّر وهو يستمر بالتغير دائماً” يقول (راج شاه) المتحدث باسم البيت الأبيض في بيانه، ويستكمل: “كما يقول التقرير العلمي الخاص بالمناخ، فإن حجم التغير في المناخ في المستقبل يعتمد بشكل كبير على عدم دقة حساسية مناخ الأرض، إلى انبعاثات غازات ظاهرة البيت الزجاجي”.
بالرغم من الإجماع العلمي في التقرير، فإن وكالة حماية البيئة ألغت الإشارة الى التغيير المناخي في موقعها الإلكتروني على الإنترنت، ومنعت علمائها من إصدار تقارير علمية في هذا الموضوع.
مدير وكالة حماية البيئة (سكوت بروت) يقول إن ثنائي أوكسيد الكاربون ليس المؤثر الأساسي في الاحتباس الحراري، وصرح (ريك بيري) وزير الطاقة يوم الأربعاء بأن “العلم لا يؤكد” إذا ما كان البشر المسبب في التغير المناخي.
الوكالة وجهت أسئلة لإدارة المحيطات والغلاف الجوي الوطنية، والتي أشرفت على البحث.
التقرير أحدث جدالاً في الدوائر العلمية لأشهر؛ ورغم كون الدراسة قد بدأ العمل بها منذ عام 2015، فإن العديد من العلماء أوضحوا أن انتخاب ترامب، الذي يعتبر الاحتباس الحراري “إشاعة كاذبة” وأعضاء حكومته الذين يشككون بالإجماع العلمي بالموضوع، سبَّب لهم قلقاً حول إمكانية حظر أو إخفاء التقرير.
لكن هذا لم يحدث، فالعلماء العاملون في إصدار التقرير يقولون بأن أية وكالة من الوكالات الثلاثة عشر التي قامت بمراجعة التقرير، لم تحاول تقويض النتائج أو تعديلها.
“أنا مقتنع جداً لأقول بأن لا تقاطعات سياسية في الرسالة”، وفقاً لـ (ديفيد فايي) كبير المحررين للتقرير، ويضيف “ومهما كانت مخاوفنا فإنها لم تُلاحَظ”.
مسؤولية المصادقة على التقرير وقعت على (كاري كوهن) مدير المجلس الاقتصادي الوطني، والذي يؤمن بصلاحية علم المناخ ويعتقد أن هذه الأشياء تشتت عن ضغوطات الضرائب، وفقاً لأحد المتحدثين الرسميين ذوي الاطلاع بالموضوع.
أحد نواب السياسات لكوهن وهو (ميشال كاتانزارو)، كانت لديه صلاحية حظر أو تأجيل أو تغيير التقرير، لكن (كاتانزارو)، مستشار الطاقة للرئيس جورج بوش الابن وللمتحدث الرسمي السابق (جون بونر)، اختار نفس النهج المتبع لإدارة الرئيس أوباما، وأحال التقرير إلى أكثر من عشر وكالات اتحادية لمراجعته.
المراجعة وفقاً لمحللَين كانا على صلة بالعملية، جرت بشكل سلس ومفاجِئةً لبعض العلماء العاملين بالتقرير والذين توقعوا معارضة أقوى له.
العقبة الوحيدة التي واجهت التقرير وفقاً لأحد المحللين الذي كان على صلة بالعملية، كانت من أحد السياسيين متوسطي المستوى، المعينين في وزارة الطاقة، والذي قام باستجواب محرري التقرير عن التغييرات التي حصلت في درجات الحرارة وبيانات الطقس المسجلة في الأعوام السابقة؛ وأجاب المحررون من خلال إدخال تفاصيل أكثر وشرح إضافي لمنهجية التقرير، ثم تمت المصادقة عليه.
السيد ترامب بالكاد على علم بوجود التقرير، وفقاً لعدة موظفين في البيت الأبيض.
بعض نقاد علماء التغير المناخي هاجموا التقرير واعتبروه نتاج مخلفات حكومة أوباما، وشجبوا إدارة ترامب لسماحهم بنشره.
“إنه من المُحزِن السماح للحكومة الدائمة وموظفي الخدمة المدنية الاستمرار بالعمل بنهجهم القديم دون مراقبة” قال (مايرون ايبيل)، مدير سياسات الاحتباس الحراري العالمي في معهد المشاريع التنافسية.
العلماء يقولون إن نتائج التقرير واضحة.
“التقرير الجديد ببساطة أكد ما كنا نعرفه سابقاً، فالتغير المناخي بسبب الأفعال البشرية ليس نظرية فحسب، بل هو واقع”، يقول (ميشيل مان) البروفيسور في علم الطقس في جامعة بنسلفانيا، “سواء أتحدثنا عن موجات الحرارة غير المسبوقة، أو زيادة الأعاصير المدمرة، أو الجفاف أو فيضانات المدن الساحلية، تأثير الاحتباس الحراري أصبح غير قليل؛ هذا ما يُجمع عليه أفضل علماءنا، كما تم تحديده في التقرير الأخير”.
التقرير ذكر أن درجات حرارة الأرض شهدت ارتفاعاً قياسياً في الأعوام الثلاثة الماضية، وستة عشر من أصل الأعوام السبعة عشر الأخيرة تعد الأعوام الأعلى حرارة المسجلة عالمياً. الكوارث الجوية مثل الفيضانات والأعاصير المدمرة وموجات الحرارة كلفت الولايات المتحدة الأمريكية 1.1 ترليون دولار منذ عام 1980، والتقرير يحذر بأن هذه الكوارث ستصبح ظواهر شائعة.
“إن تكرارات وشدة الأحداث الجوية ذات الحرارة العالية سوف تزداد في المستقبل مع زيادة درجة حرارة الأرض” يشير التقرير “الأحداث المتطرفة مرجحة للاستمرار بالزيادة بتكرارها وشدتها في كل أنحاء العالم”.
في الولايات المتحدة الأمريكية، يكشف التقرير أن كل جزء في البلاد قد تضرر من التغير المناخي؛ من الجفاف في جنوب شرقي البلاد إلى الفيضانات في الغرب الأوسط وإلى الزيادة المقلقة في درجات حرارة الهواء والتربة في ألاسكا، والظروف سوف تستمر إلى الأسوأ.
“هذا التقرير يستنتج، بناءً على الأدلة الكثيرة، أنه من المرجح بشدة أن النشاطات البشرية، وخصوصاً انبعاثات غازات البيوت الزجاجية، تعتبر السبب المسيطر للاحتباس الحراري الملاحَظ منذ منتصف القرن العشرين” وبحسب التقرير “وما يخص الاحتباس الحراري خلال القرن الأخير، فإنه ليس هناك تفسير بديل مدعوم بأدلة ثبوتية”.
النتائج، بحسب باحثين آخرين، خلقت وضعاً غير طبيعي في السياسات الحكومية التي تناقض العلم.
“وأثرَ هذا عميقاً بقدرتنا لنكون قياديين في تطوير تقنيات جديدة، وفهم كيفية بناء مجتمعات ناجحة في القرن الواحد والعشرين” يقول (كريستوفر فيلد) مدير معهد غابات ستانفورد للبيئة، ويستكمل
“اختيار أن تكون غبياً في علاقتك بالطبيعة هو اختيار أن تكون وراء الكرة الثامنة”.

المصدر هنا

عن

شاهد أيضاً

كيف ربحت أنجيلا ميركل مقامرتها في استقبال اللاجئين

بقلم: فيلب اولترمان لموقع: ذا كارديان بتاريخ:30/آب/2020 ترجمة :رهام بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم …

الجواز الأمريكي لا فائدة منه

يمكنني التنقل حيث شئت بجواز سفري الألماني. ولكن عدد الدول التي تسمح للأمريكيين بالدخول تكاد …