اكتشف العلماء إستراتيجية فعّالة لــ «إيقاف» المناعة الذاتية (Autoimmunity)
منشور بتاريخ: 3 سبتمبر 2014
بقلم: جوستين ألفورد
ترجمة: عمر أكرم المهدي
تصميم: مرتضى ضياء
قامت دراسة جديدة بتسليط الضوء على علاجٍ غير مفهوم تمامًا تم تطويره لـعلاج الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية. إنّ الباحثين لم يكتشفوا فقط الآليات الجزيئية لـعمل العلاج، وإنما قاموا أيضًا بـتحديد الاستراتيجية المُثلى التي من شأنها تقليل المخاطر المرتبطة بـالعلاج وتؤدي إلى تهذيب طويل الأمد لـخلايا جهاز المناعة الشاذة. وقد تم نشر هذا العمل في المجلّة الأسبوعية (اتصالات الطبيعة) “Nature Communications”.
أمراض المناعة الذاتية — مثل مرض التصلّب المتعدّد (multiple sclerosis) وداء السكري من النوع الأول والتهاب المفاصل الروماتويدي (rheumatoid arthritis) — هي حالات التهابية مزمنة تنشأ من مهاجمة خلايا المناعة في الجسم بـشكل عدائي للأنسجة السليمة. وهذا يحدث لأن الجهاز المناعي غير قادر على التمييز بين الأنسجة الخاصة بك والمواد الضارة المحتملة.
وحقّق العلماء تقدّمًا في تطوير علاجات لـهذه الأمراض في السنوات الأخيرة، ولكن من أجل أن تكون ناجحة، فـإنّ هذه العلاجات يجب أن تعمل لـفترةٍ طويلة الأمد ويجب أن لا تؤثّر على وظيفةٍ مناعية طبيعية. وهناك نوع معين من العلاج يُسمى «العلاج المناعي بمستضدٍ محدّد» (antigen-specific immunotherapy) يهدف إلى وضع علامات على هذه المعضلات وحلها، وقد تمّ إثبات عمله في بعض التجارب.
يتضمن العلاج إعطاء جرعات متزايدة من الجزيئات التي يهاجمها الجسم عادةً، والتي تؤدي تدريجيًّا إلى بناء قابلية تحمل لـهذه الجزيئات. ومع ذلك، فـإن الجّرعة الأنسب لـخلق حماية آمنة وطويلة الأمد غير معلومة. وعلاوةً على ذلك، فـإنّ العلماء لم يفهموا الآليات الكامنة التي أدّت إلى هذه القابلية على التحمّل. في الوقت الحاضر، هناك دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة بريستول قامت بـتسليط الضوء على كل من هذه المجالات، الأمر الذي من المؤمّل أنه سـيؤدّي إلى إيجاد علاجات أكثر فعالية.
للدراسة الحالية، فحص الباحثون نوعًا من خلايا الدم البيضاء تُسمى (س د 4+ ت) — “CD4 + T” وهي واحدة من الخلايا الأكثر أهمية في المناعة الذاتية. هذه الخلايا عادةً ما تساعد على مكافحة العدوى، ولكن في الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية فـإنّها تقود إلى الاستجابة المناعية التي تؤدّي إلى الالتهاب.
قام الباحثون بـإعطاء كميات متزايدة من أجزاء (شظايا) بروتينية “protein fragments” والتي عادةً ما تكون هدفًا لـهجومٍ مناعي ثم قاموا بـالتفحّص عن أي جينات أصبحت فعّالة داخل خلايا الــ (CD4) في مراحل مختلفة. ووجد الباحثون أنّه مع تصاعد الجرعة، فـإنّ الجينات التي تنظّم بشكلٍ إيجابي عمليات الالتهاب والدورة الخلوية أصبحت غير فعّالة. وهذا ما يجعل هذه الخلايا تتحوّل من خلايا عدائية إلى خلايا وقائية. وعلاوةً على ذلك، قاموا بـتحديد الجينات التي تميّز هذه الخلايا الــ (CD4).
ومن هذا؛ أصبح الباحثون قادرين على وضع استراتيجية مثالية لـتصعيد الجرعة من شأنها أن تعيد نشاط قابلية التحمّل الذاتية بـشكلٍ فعّال. هذا يعني أنّه بدلًا من مهاجمة الأنسجة الذاتية، فـإنّ الجهاز المناعي يبدأ بصورةٍ تدريجية بـتجاهلها. الأهم من ذلك، أنّه يتم تحقيق ذلك من دون الحاجة إلى الأدوية المثبّطة للمناعة (immunosuppressive drugs) التي يكون لها آثار جانبية غير مرغوب فيها، مثلًا ترك الفرد عرضةً للعدوى والأورام.
وقال الباحث الرئيسي ديفيد ريث “David Wraith” في بيانٍ صحفي: ’’التبصّر العملي في الأساس الجزيئي للعلاج المناعي بـمستضدٍ محدّد يفتح آفاقًا جديدةً مثيرة لـتعزيز الانتقائية في هذا المجال مع تقديم مؤشّرات تقييمية من خلالها يتم قياس فعّالية العلاج‘‘. ويضيف قائلًا: ’’هذه النتائج لها آثار هامة بـالنسبة للعديد من المرضى الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية والتي من الصعب علاجها في الوقت الحاضر.‘‘…
المصـدر:-
هـنــا
-
الهوامش:
* المناعة الذاتية أو الآنْضِدَادِيّة (بالإنجليزية: Autoimmunity): هي مرض قصور خلايا الجهاز المناعي عن التعرّف على خلايا الجسم، فـتهاجم الخلايا والأنسجة للجسم نفسه!
يتميّز المرض بـموت بعض الخلايا والأنسجة في أماكن معيّنة من الجسم دون سببٍ واضح ومن الفحص الدقيق للأنسجة يمكن تِبيان تسلّل الخلايا اللمفية التائية “T- cells” القاتلة التي تسبّب أضرارًا عديدة، أهمها: تجمع مواد ضارة تزيد من تخريب الأنسجة وتمنعها من أداء وظائفها.
وحتى الآن لا يُعرف طبّيًا سبب هذا الشذوذ في الأداء الوظيفي كما أنّ الأمراض الإنضدادية في الغالب لا علاجَ لها ومعظم أسبابها غير معروفة، والعلاج في الغالب يتعامل مع الأعراض فقط لـتخفيفها على المريض.
* خلايا الــ CD4+ T cell: خلايا CD4 هي خلايا مساعدة لها دور في تنسيق الاستجابة المناعية وأهمية تتجلّى في الدفاع ضد الجراثيم داخل الخلوية.
– المترجم.