ترجمة : نورالهدى عباس التميمي
تصميم : مكي السرحان
بقلم : ماريا بوبوفا
لقد عشت ثلاثين عامًا جيدةٌ قبل أول تسمم غذائي دائم لي _ الاحتمالات كانت جيدة تمامًا في مخطط الأشياء العظيمة، لكن للأسف الشديد اصبحت تعيسة في التجربة الحالية. واجد نفسي تمامًا غير قادرة على اقامة ركائز حياتي اليومية – وايضًا اجد إدراكًا مضببًا في القراءة والكتابة، وضعفًا جسديًا او ضعفًا في التأمل. وقريبًا سيرفع العجز المؤقت بطشه على مزاجي وجسمي لمستوى اعلى من المعاناة : يزيد من حِدة تجربتي النفسية. حتى أنني واسيت نفسي على حساب الـ (Nabokov) الاستثنائي المزدهر للتسمم الغذائي، لكنني لم استطع هز التوعك العاطفي الذي اجتاحني _ بطريقة او بأخرى فأن المرض الجسدي يلون تمامًا عاطفتي الجسدية الحقيقية.
هذه التجربة، بالتأكيد، ليست غريبة. قبل وقت طويل كان العلماء يسلطون الأضواء على كيف لعقولنا واجسامنا ان تؤثر على بعضها البعض فعليًا، ومن البدهي فهم هذا الحوار بين الجسم والعواطف او المشاعر، المنبثقة والنافذة من لغتنا: نحن نستخدم ”الشعور بالمرض“ كمصطلح (انتزاع حقيبة) لكلا الأعراض الحسية __ الحمى، والاعياء والغثيان __ والتوعك النفسي، والمشاعر المنسوجة مثل الحزن واللامبالاة.
قبل الطب الحديث، في الواقع، تم التعرف على هذا الرابط بين المرض والعواطف لآلاف السنين. ونشر جميع الأطباء اليونانيون القدماء، والرومان، والهنود الايورفيدانين نظرية المزاجيات الاربعة __ الدم، والافراز الاصفر والاسود والبلغم __ في ممارسات الشفاء لديهم، والاعتقاد بأن اختلال توازن هذه الإفرازات الاربعة للجسم يسبب مرض وغالبًا ما يكون بسبب العواطف. هذه المعتقدات تحجرت في لغتنا الحاضرة _ الكأبة (melancholy) جائت من الكلمات اللاتينية (melan) وتعني اسود و(choler) وتعني المريرة الصفراء، ونحن نعتقد ان الشخص الكئيب هو متشائم او ساخط؛ والشخص البارد هو ضعيف وعديم المشاعر، لأن البرودة اعطته كسلًا كبيرًا.
ثم جاءَ الفيلسوف والرياضي ريني دسكارتز (René Descartes) في القرن السابع عشر، وقد اخذ على عاتقه القضاء على هذه الخرافات التي دعمت الحروب الدينية للعصر من خلال زرع بذور العقلانية. لكن كل العقائد وضعت اساس العلم الحديث __ فكرة ان الحقيقة جاءت فقط من ما يمكن تأكيده نظريًا ومؤكدة بلا شك __ قطعًا هذا الرابط بين الجسم المادي والعواطف؛ انها قوى خفية وعابرة، والاساس البايولوجي ﻷدوات علم الأعصاب الحديث هي فقط بداية للفهم، ويبدو انها توجد تمامًا خارج عالم الدنيا لما لا يمكن اختباره مع أدوات عقلانية.
للثلاث القرون القريبة، فكرة ان مشاعرنا تؤثر على صحتنا الجسدية لا تزال محرّمة علميًا __ لمحاربة نوع واحد من العقائد، دسكارتز خلق غيرها دون قصد، ونحن فقط عبارة عن بدايةً لزعزعتها. كان فقط في عام 1950 الطبيب النمساوي الكندي وعالم الوظائف هانز سيلي هو من روج لمفهوم الإجهاد الذي نعرفه الآن، وتصوير اهتمام المجتمع العلمي لتأثير الإجهاد على الصحة الجسدية وتعميم هذا المفهوم حول العالم. (بالإضافة الى تفانيه العلمي، فأن سيلي فَهم مكون العلامة التجارية لأي حركة ناجحة وعمل لتتضمن الكلمة نفسها في القواميس حول العالم؛ اليوم، ”الإجهاد“ ربما هي الكلمة الاكثر وضوحًا في اكبر عدد من اللغات الرئيسية.)
لكن لا يوجد باحث قام بأكثر من ما قامت به الدكتورة استير ستيرنبيرج (Esther Sternberg) لأنارة الخيوط المخفية التي نسجت العقل والجسم معًا. عَملت على الربط بين النظام العصبي المركزي وجهاز المناعة، وفَحصت كيف ان الجزيئات المناعية المصنوعة في الدم تحفز وظائف الدماغ والتي تؤثر بشكل كبير على مشاعرنا، وغيّرت فهمنا جذريًا حول الكينونة المتكاملة التي نطلق عليها النفس البشرية. وفي كتابها (The Balance Within: The Science Connecting Health and Emotions) اختبرت ستيرنبيرج التفاعل بين عواطفنا وصحتنا الجسدية، التي لا تبدو واضحة حتى الآن، وبأستخدام تجربة ملموسة وواضحة تسمى الإجهاد.
[صورة 1]
بالنظر الى تقدم الطب الحديث في الاحياء الخلوية والجزيئية، التي صنعت امكانية قياس كيف لأجهزتنا العصبية وهرموناتنا ان تؤثر على حساسيتنا للامراض المتنوعة مثل الاكتئاب والتهاب المفاصل والايدز ومتلازمة التعب المزمن، كتبت ستيرنبيرج:
”من خلال تحليل هذه الوسائط الكيميائية، يمكننا ان نبدأ بفهم الاسس الحيوية لكيفية تأثير العواطف على الامراض …
تتحكم اجزاء الدماغ نفسها بالاستجابة للأجهاد … وتلعب دورًا مهمًا في التحسس ومقاومة الامراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل. ووتلعب ايضًا دورًا مهمًا في الاكتئاب، ويمكننا البدأ في فهم لماذا قد يعاني المصابين بالامراض الالتهابية من الاكتئاب عدة مرات في حياتهم … بدلًا من رؤية الروح البشرية كمصدر لأمراض مثل هذه، نحن نكتشف ان المشاعر لا تسبب او تشفي من الامراض مباشرةً، والآلية البايولوجية الكامنة لديهم ربما تسبب او تسهم في الأمراض. هكذا، فأنَ العديد من المسارات العصبية والجزيئات الكامنة في كلا الاستجابة الجسدية والامراض الالتهابية هي نفسها، وتعطي استعدادًا لمجموعة واحدة من الامراض من المرجح انها تعمل معًا للاستعداد لغيرها. تحتاج الاسئلة الى اعادة صياغة، ولذلك، للسؤال عن العديد من المكونات التي تعمل معًا لخلق العواطف التي تؤثر على كوكبة من الاحداث البايولوجية، والاستجابات المناعية، التي تأتي معًا للمحاربة او التسبب بالمرض. بدلًا من السؤال حول ما اذا كانت الافكار الكئيبة تسبب امراض للجسم، نحتاج ان نسأل عن ما هي الجزيئات والمسارات العصبية التي تسبب الافكار الكئيبة. ثم نحتاج لنسأل عن ما اذا كانت هذه تؤثر على الخلايا والجزيئات التي تسبب المرض.
[…]
حتى اننا بدأنا بفهم كيف للذكريات العاطفية الوصول لأجزاء الدماغ التي تسيطر على استجابة الإجهاد الهرمونية، وكيف لهذه المشاعر ان تؤثر في النهاية على اعمال الجهاز المناعي وهكذا تؤثر على الامراض مثل التهاب المفاصل والسرطان. كذلك بدأنا بفهم كيف للإشارات المنبعثة من الجهاز المناعي ان تؤثر على الدماغ وسيطرته على الاستجابات العاطفية والجسدية: الاساس الجزيئي للشعور بالمرض. في كل هذا، والحدود بين العقل والجسم بدأت تختفي.“
في الواقع، العلاقة بين الذاكرة، والعاطفة، والإجهاد ربما هو اروع جانب في عمل ستيرنبيرج. فهي تُعبر عن كيفية التعامل مع دوامة ثابتة من المدخلات (ادخال معلومات) والمخرجات (التعبير عن المعلومات). كما وننتقل خلال العالم، بواسطة تيار من المحفزات و الأحاسيس:
” نحن نشعر كل دقيقة من اليوم والليلة آلاف الأحاسيس التي قد تؤدي الى مشاعر ايجابية مثل السعادة، او مشاعر سلبية مثل الحزن، او لا نشعر بشي على الإطلاق: تتبع العطر، ولمسة خفيفة، وظل عابر، ونزعة موسيقية. وهناك آلاف الاستجابات الجسدية، مثل الخفقان اوالتعرق، تصاحب المشاعر الإيجابية مثل الحب او المشاعر السلبية مثل الخوف، او يمكن حدوثها من دون اي آثر عاطفي على الاطلاق. ما يجعل هذه المشاعر الداخلة الحسية والخارجة الجسدية تُضاف الى اي مكان في دماغنا بطريقة او بأخرى. العواطف في شعورنا الاقصى يشمل كل هذه المكونات. كل واحدة تؤدي الى الصندوق الأسود (في الدماغ) وتنتج تجربة عاطفية، او اي شيء في الصندوق الأسود يؤدي به الى استجابة عاطفية تبدو أنها تأتي من أي مكان.“
[صورة 2]
الذاكرة، كما تبين، هي واحدة من العوامل الرئيسية التي تتوسط الحوار بين الإحساس والتجربة العاطفية. ذكرياتنا في تجربة الماضي تصبح مشفرة الى محفزات تعمل كمحولات على سكة الإستجابة العاطفية والجسدية، وتوجيه القطار القادم من التجربة الحالية في اتجاه واحد للعاطفة المقصودة او غيرها.
كتبت ستيرنبيرج :
” المزاج ليس متجانسًا مثل حساء كريم. انه يشبه الجبنة السويسرية اكثر، مليئة بالثقوب. والمحفزات متخصصة جدًا، وهي تتعثر بمسارات الذاكرة فجأة: العطور الباهتة، وبعض الأشرطة المتناغمة ، والخيال المبهم التي يستفاد منها في الذاكرة الحزينة المدفونة بعمق، التي لا تمحى تمامًا. هذه المدخلات الحسية من اللحظة العائمة خلال طبقات من الوقت في اجزاء الدماغ التي تسيطر على الذاكرة وتسحب معها ليس فقط التذكير بالشعور وانما أيضًا مسارات العواطف التي كانت متصلة بالذاكرة اولًا. وتصبح هذه الذكريات مرتبطة بالعواطف، التي تُعالَج في أجزاء أخرى من الدماغ: اللوزة لأجل الخوف، والنواة المتكئة لأجل المتعة __ هذه الاجزاء نفسها التي يسميها علماء التشريح حسب اشكالها. وهذه هي مركز الدماغ العاطفي الذي يربط المسارات العصبية بالاجزاء الحسية للدماغ والفص الامامي والحصين __ ومراكز التنسيق للتفكير والذاكرة.
المداخلات الحسية نفسها يمكنها تحفيز العواطف السلبية او الإيجابية منها، ويعتمد ذلك على الذكريات المرتبطة بها.“
[صورة 3]
هذا عندما يأتي الإجهاد __ مثل الكثير من وسائط الذاكرة كيف نفسرها ونستجيب للتجارب المختلفة، ولمجموعة معقدة من العوامل الحيوية والجسدية التي تحدد كيفية الاستجابة للأجهاد. بعض أنواع الإجهاد يمكنها التحفيز والتنشيط، ونقلنا الى النشاط والفعالية الإبداعية؛ والاخرى يمكنها الاستنزاف والتعجيز، وتتركنا للاحباط والبؤس. لاحظت ستيرنبيرج ان هذا الإنقسام الجيد والسيء في الاجهاد يتحدد من خلال العمل الحيوي لمشاعرنا __ بواسطة جرعة ومدة هرمونات الإجهاد التي تُفرز بواسطة الجسم في إستجابة لتحفيز الإجهاد. وقد شرحت الآلية الحيوية العصبية لتحقيق هذه الإستجابة :
” حالما يحدث الاجهاد، فهو يحفز المخ تحت المهاد البصري، والنخامي، وهرمونات الغدة الكضرية __ استجابة الدماغ للأجهاد. تحفيز الغدة الكضرية لتحرير ابينيفرين او الأدرينالين، والاعصاب العاطفية (السمبثاوية) تبخ الأدرينالين خارجًا __ في جميع أجزاء الجسم: الاعصاب التي تربط القلب، والمعدة، والجلد. اذًا، ينبض القلب بسرعة، ويقف الشعر الخفيف على الجلد، وتنتفخ وقد تشعر بالغثيان او الرغبة في التبرز. لكن الاهتمام يتمركز، ورؤيتك تصبح واضحة جدًا، وارتفاع الطاقة يساعدك على الركض __ هذه المكونات الكيميائية نفسها تتحرر من الاعصاب وتسمح بتدفق الدم الى عضلاتك، وتهيئك للسباق.
كل هذا يحدث بسرعة. واذا اردت قياس هرمونات الإجهاد في دمك او لعابك، فهي تزداد ضمن الثلاث دقائق من الحدث. في اختبارات علم النفس التجريبي، تجعل العاب الفيديو السريعة الكورتيزول (cortisol) اللعابي يزداد ويمتد النورابينيفرين (norepinephrine) الى اوردة الدم وهذا تقريبًا اقرب الى بداية معركة. لكن اذا كان الإجهاد طويل الامد، من خلال عدم قدرتك على السيطرة عليه او من خلال جعله فعال وطويل الامد، تبقى هذه الهرمونات والمواد الكيميائية مستمرة في التدفق من الاعصاب والغدد، ثم تحركك الجزيئات نفسها لمسافة قصيرة والآن هي تضعفك.“
[صورة 4]
تأثيرات الإجهاد هذه موجودة في منحنى بيل __ بعضها جيدة، لكن الكثير منها سيئة: إذا أفرز الجهاز العصبي هرمونات إجهاد اكثر وأكثر، فأن الفعالية تزداد، لكنها تصل الى نقطة؛ بعد ذلك نقطة التحول، حيث أن الفعالية تعاني نتيجة إستمرار تدفق الهرمونات. ما يجعل الإجهاد “سيئًا” __ هذا ما يجعلنا قابلين للأختراق من قبِل الامراض ___ وهو التباين بين الجهاز العصبي والجهاز المناعي. وقد شرحت ستيرنبيرج:
” يصل الجهاز العصبي والاستجابة الهرمونية للأجهاد الى التحفيز في ملي ثانية، او ثانية او دقائق. ويستغرق الجهاز المناعي ساعات او ايام. انه يستغرق اكثر من دقيقتين لتحرك الخلايا المناعية والاستجابة للاحياء التي تغزو الجسم، اذًا من غير المرجح ان إجهاد واحد وقوي وقصير المدة ان يمتلك تأثيرًا كبيرًا على الاستجابة المناعية. وبالرغم من ذلك، عندما يصبح الإجهاد حادًا، فالدفاعات المناعية تبدأ بالتدهور. وكأستجابة للأجهاد، فهرمونات الإجهاد والمواد الكيميائية تتدفق. وتطفو الخلايا المناعية في هذا الوسط في الدم او تمر خلال الطحال، او تنضج في الغدة الصعترية حيث لا تمتلك اي فرصة للأفلات من الاندفاع الهائل للكورتيزول. لذلك فالكورتيزول يوقف استجابات الخلايا المناعية نهائيًا، وتحويلها الى شكل مجهول، ويقلل من قابلية وصولها الى المادة الغريبة، في سياق الإجهاد المستمر تقل قابليتنا على الدفاع والمحاربة عندما نواجه احياء جديدة تغزو الجسم. واذًا، اذا تعرضت لفايروس الأنفلونزا، او نزلة برد عندما اجهدت بشكل حاد، فأن قابلية جهاز مناعتك تقل للوصول الى الفايروس وتصبح اكثر حساسية لهذه الإصابة.“
[صورة 5]
التعرض الطويل للأجهاد، خصوصًا عند التعرض لمختلف الاجهادات في وقت واحد __ اي مجموعة من الاحداث الحياتية مثل الحركة، والانفصال، والبحث عن عمل، خسارة الحب او حتى رعاية الأطفال المستمرة __ تسبب حالة من الارهاق الشديد والتي تؤدي الى ما يسمى بالانهيار.
كتبت ستيرنبيرج:
”اصحاب بعض المهن معرضون للانهيار اكثر من غيرهم __ الممرضات والمعلمين، على سبيل المثال، هذه المهن هي الاكثر عرضة للخطورة. تواجه هذه المهن يوميًا مواقف تقديم الرعاية في حياتهم العملية، وغالبًا مع اجرٍ غير كافٍ، ومساعدة غير كافية، مع الكثير من المرضى او الطلاب في رعايتهم ايضًا. يعاني المحترقين من الم نفسي وكذلك الم جسدي: تتدمر استجابة الكورتيزول لديهم ويصبحون غير قادرين على الاستجابة ﻷي إجهاد حتى مع الاندفاع الطفيف للكورتيزول. بعبارةً آخرى، يغير الإجهاد الحاد استجابته نفسها. ويمكن ان يغير انظمة الهرمونات الأخرى في الجسم كذلك.
واحدة من التغيرات الاكثر عمقًا هي التي تؤثر على الجهاز التناسلي __ تحبس فترات الإجهاد الطويلة افراز هرمونات التناسل في كلًا من الرجال والنساء، وتسبب نقصان في الخصوبة. وهذه التأثيرات خطرة على النساء خصوصًا __ المتوالية والتي تمتد مسببةً الاكتئاب نتيجة تغير في تركيب العظم، وزيادة خطر الاصابة بهشاشة العظام.“
[صورة 6]
ولكن الإجهاد ليس وظيفة سببية مباشرة للظروف التي نحن فيها _ انا تضخيم او تحسين تجربتنا للأجهاد، مرة أخرى، الذاكرة. حيث كتبت ستيرنبيرج:
” إدراكنا الحسي للأجهاد، واستجابتنا له هي شي متغير بأستمرار يعتمد كثيرًا على الظروف والبيئات التي نجدها بأنفسنا. انه يعتمد على تجربة سابقة او على المعرفة، بالإضافة الى الحدث الواقعي الذي يحدث. ويعتمد على الذاكرة ايضًا.“
التعبير الاكثر حدة للأجهاد الذي يعدل الذاكرة هو اضطراب جهدي ما بعد الصدمة (PTSD). ﻷيجاد ادلة لافتة للنظر عن كيف للذاكرة تشفير التجربة السابقة الى محفزات، والتي تحفز التجربة الحالية، اشارت ستيرنبيرج الى أبحاث الطبيب النفسي راشيل يهودا (Rachel Yehuda)، الذي وجد ان الناجين من محرقة يهود اوروبا (Holocaust) وأقاربهم من الدرجة الأولى __ الأطفال والاشقاء __ قد تعرضوا لنفس الاستجابة الاجهادية الهرمونية.
هذا وقد أشارت ستيرنبيرج الى انه يمكن ان يكون مزيجًا بين الطبيعة والرعاية __ الناجون، كالأباء الشباب منهم لا تزال صدمته واضحة، وربما يعلمون اولادهم النمط الشائع للاستجابة للأجهاد؛ لكن من الممكن ايضًا ان ذلك هو استجابات اجهادية هرمونية ذاتية قد غيرت الاباء حيويًا بشكل دائم ونقلت هذه الاستجابة بمساعدة الحمض النووي (الـ DNA) الى اولادهم. مرة أخرى، تشفر الذاكرة الإجهاد الى اجسام عديدة. وتعتبره ستيرنبيرج ذو اثر واسع:
” يحتاج الاجهاد ان يكون على امر حربي او اغتصاب او حرق لتحفيز بعض العناصر الاصغر لأضطراب ما بعد الصدمة. الاجهادات الشائعة التي جربناها يمكنها تحفيز الذاكرة العاطفية للظروف الاجهادية __ كلها ترافق الاستجابات الجسدي. الاجهاد طويل الامد __ مثل الانفصال، او عمل في فندق، ونهاية علاقة، او موت الشخص الذي تحبه __ يمكن ان تحفز كلها عناصر اضطراب ما بعد الصدمة.“
من بين الضغوطات الرئيسية __ التي تتضمن احداث الحياة المتوقع أن تكون على القائمة، مثل الانفصال وموت الشخص الذي تحبه __ هي ايضًا غير متوقعة الى حد ما، على الاقل للذين لم يخضعوا لها: العاطفة. تعتبر ستيرنبيرج ان القواسم المشتركة بين بعض الاشياء قد تكون مدمرة او بعض الاشياء قد تكون عادية كالعاطفة:
” واحدة منها بالتأكيد الفقدان __ فقدان شخص او شيء مألوف. وغيرها كالابداع __ ايجاد النفس في مكان جديد وغير مألوف بسبب الفقدان. وتحرك العاطفة من شيء تعرفه الى شيء لا تعرفه.
[…]
البيئة الغير مألوفة هي اجهاد شامل لكل الأنواع تقريبًا، بغض النظر عن كيفية تطوير او عدمه.“
ستيرنبيرج في كتابها مضت لأكتشاف دور العلاقات الشخصية في مساهمته بالاجهاد والوقاية منه، وكيف للجهاز المناعي تغيير مزاجنا، وما يمكننا فعله لتسخير هذه الرؤى الحيوية العصبية في تخفيف تجاربنا مع اي حياة بشرية متناثرة.
الرابط :-
The Science of Stress and How Our Emotions Affect Our Susceptibility to Burnout and Disease
How your memories impact your immune system, why moving is one of the most stressful life-events, and what your parents have to do with your…
BRAINPICKINGS.ORG