مارك ماسلن
ان البشر هم المخلوقات الاكثر اجتماعية على سطح الأرض . لقد تغلب النسل البشري و تطور و قضى على اشباه البشر .
[spacer height=”20px”]
لقد استطعنا نحن البشر ان نتعايش مع بعضنا بعض في مدن تحوي عشرات الملايين من الناس. و على عكس ما يقوله الإعلام فإن العنف بين أفراد البشر هو نادر جدا و يرجع سبب ذلك لامتلاكنا أدمغة كبيرة جدا و مرنة و معقدة في أن واحد ” أدمغة اجتماعية ”
[spacer height=”20px”]
و لكي نستطيع أن نفهم الكيفية التي يحافظ بها الدماغ على البصيرة او المعرفة البشرية ينبغي علينا اذن ان نفهم ما يجري في داخله مما يعني انه علينا فهم حوالي 86 مليار خلية عصبية واتصالتها التي تصل الى 100 تريليون اتصال عصبي و أيضا المستويات المختلفة القوة من هذه الاتصالات و أيضا حال البروتينات الموجودة في نقاط الاتصال و التي تصل إلى 1000 بروتين .
بيد ان عالم البايلوجيا العصبية ستيف روز يقترح بأن حتى ذلك لن يكون كافيا حيث سيكون علينا أن نعرف كيف تطورت هذه الاتصالات خلال حياة الفرد و حتى السياق او البيئة الاجتماعية التي وجدت فيها هذه الاتصالات و قد يأخذنا الأمر قرون لنتمكن فقط من فهم الاتصال العصبي الأساسي .
[spacer height=”20px”]
قد يفترض الكثير من الناس بأن ادمغتنا تعمل كحواسيب قوية إلا ان الأخصائي النفسي روبرت ايبستين من المعهد الأمريكي لأبحاث السلوك و التكنلوجيا يقول أنه هذا التفكير خاطئ كما و أنه يمنعنا من فهم الدماغ البشري بصورة صحيحة و السبب في ذلك أنه بالرغم من ان البشر يبدأون بالحواس و الانعكاسات العصبية و طرق التعلم التي تتبعها لتعلم كل جديد إلا أننا نختلف عن الحواسيب حيث أننا لا نولد مع المعلومات و القواعد و الوغارتميات و عناصر أخرى مسؤولة عن جعل الحواسيب تتصرف بذكاء .
[spacer height=”20px”]
فعلى سبيل المثال تخزن الحواسيب نسخا متماثلة من البيانات و التي تبقى محفوظة لفترات طويلة حتى و أن كان الحاسوب مغلق هذا الأمر هو نقيض لما تفعله ادمغتنا فهي تخلق معلومات خاطئة او ذكريات خاطئة و يتوقف عملها بعد موتنا .
[spacer height=”20px”]
نحن كائنات حية لا حواسيب
[spacer height=”20px”]
بالطبع هناك العيد من الفوائد لامتلاكنا دماغا كبيرا حيث و كما وضحت في كتابي الجديد الذي يتناول تطور الإنسان .ان الحجم الكبير للدماغ يمكننا من العيش ضمن مجموعة تصل تتكون من 150 فردا . الأمر الذي يعني ان دماغنا الاجتماعي يجعل البشر أكثر مرونة بالتكييف مع التغيرات البيئة منها زيادة الإنتاج و توزيع الغذاء بالا اضافة للمشاركة . كما و ان الدماغ الاجتماعي الذي نملكه يمكن الأفراد من البشر تخصيص او توجيه المهارات و تركيزها لخدمة البشرية مثل تحمل الولادة و توفير سبل الدعم لها و صنع الأدوات و إشعال النار او الصيد و البحث عن الموارد .
و تجدر الاشارة الى ان البشر لا يملكون اي أسلحة طبيعية . و لكن العمل الجماعي و ضمن مجموعات مع امتلاكنا المعدات اللازمة مكنتنا من أن نصبح ضوااري من الدرجة الأولى حتى تسببنا بانقراض حيوانات كبيرة بحجم الماموث نتيجة اصطيادنا لها .
[spacer height=”20px”]
و انطلاقا من هذا يوضح عالم الانثروبولوجيا روبن دونبار من جامعة أوكسفورد ان دماغنا الكبير مصمم بالدرجة الأول لمواكبة العلاقات البشرية الدائمة التغيير الأمر الذي يتطلب قدرة اتصال عالية لتبقى ضمن مجموعة اجتماعية و أن خرجت من هذه المجموعة فعلى الأكثر أنت ستخسر الأصدقاء و مصادر الغذاء و لن تستطيع التكاثر و تمرير جيناتك للجيال من بعدك .
ياتي طلابي إلى الجامعة معتقدين بأنهم أذكياء جدا لأنهم قادرين على حل المعادلات التفاضلية الرياضية و على فهم قواعد اللغة الانجليزية الا انني اوضحت لهم ان الذكاء الحقيقي يكمن في مقدرة الدماغ على تحمل القيم و المعضلات الاخلاقية التي تزخر بها علاقتنا الانسانية .
[spacer height=”20px”]
ان ما خلق دماغنا المعقد الكبير الذي نعرفه اليوم هو المعرفة التفصيلية للمجتمع من حولنا و الحاجة لمواكبة و السيطرة على تغيرات العلاقات التي تجمع البشر ببعضهم من حولنا . و يبدو من ان لادمغتنا القدرة على أن تصبح أكثر مرونة حيث تبين دراسة جينية حديثة ان دماغ الإنسان الحديث قابل المرونة و التطويع حسب البيئة المحيطة أكثر من أدمغة قردة االشمبانزي .
حيث ان الجينات هي التي تسيطر على تشريحية دماغ الشمبانزي على العكس من دماغ الإنسان الحديث الذي يتشكل تبعا للبيئة التي يعيش فيها بغض النظر عن التأثير الجيني او العوامل الجينية . الأمر الذي يعني بأن الدماغ البشري مبرمج ليكون ذي مرونة عالية ، حيث تعدل المنظومة المخيفة للدماغ البشري حسب البيئة و التحديات الاجتماعية التي تطرأ . الامر الذي يدل على امكانية التركيب الدماغي لأي جيل جديد التكييف للتحديات البيئية و الاجتماعية الجديدة بدون الحاجة للتطور على الصعيد الجسدي .
[spacer height=”20px”]
الأمر الذي يوضح صعوبة فهمنا للجيل الجديد حيث ان ادمغتهم مبرمجة بطريقة مختلفة عنا و السبب يعود لنشوءهم في بيئة مادية و اجتماعية مختلفة عن بيئتنا .
و كمثال على ذلك لاحظ سهولة تعامل الجيل الجديد مع التكنولوجيا الحديثة و كانهما قد نشا و تطورا في ذات الوقت .
[spacer height=”20px”]
إذن تذكر في المرة القادمة التي تشغل فيها جهاز الحاسوب خاصتك الحجم الكبير لدماغك ليواكب علاقتك الاجتماعية و يتذكر اصدقائك و اعدائك .
[spacer height=”20px”]
مارك ماسلن البروفيسور في علم المناخ القديم في كلية لندن الجامعية
[spacer height=”20px”]
نشرت المقالة الاصلية في موقع the conversation
[spacer height=”20px”]
المصدر : هنا
[spacer height=”20px”]