بعد ستينيات القرن الماضي، إنقسم العلماء خلال سعيهم في فهم أصول الحياة إلى ثلاث مجموعات. كان بعضهم مقتنع بأن الحياة بدأت مع تكوين النسخ البدائية من الخلايا البيولوجية. بينما رأى آخرون أن الخطوة الرئيسية الأولى كانت نظام التمثيل الغذائي، وركز آخرون على أمنية الوراثة والتضاعف. بدأت المجموعة الأخيرة بمحاولة معرفة كيف يبدو الشيء الذي تضاعف أولاً – مع التركيز على فكرة أنه مصنوع من الـRNA.
في وقتٍ مبكر من ستينات القرن الماضي، كان العلماء يملكون سبباً للإعتقاد بأن الـRNA هو مصدر الحياة.
خصوصاً وأنه يمكن للـRNA أن يفعل شيئاً لا يمكن للـDNA فعله. إنه مكّون من جزيء من خيطٍ مفرد، لذلك وعلى عكس الـDNA صعب التغيير من ناحية الشكل بسبب إزدواجية الخيط، يمكنه طي (ثني) نفسه لعدة أشكال مختلفة.
خاصية الطي الشبيهة بالأوريغامي التي يمتلكها الـRNA بدت مشابهة إلى حدٍ ما بطريقة تصرف البروتينات. البروتينات هي أيضاً في الأساس عبارة عن خيوطٍ طويلة – مصنوعة من الأحماض الأمينية بدلاً من النيوكليوتيدات – وهذا يسمح لها ببناء هياكل معقدة.
هذا هو مفتاح القدرة المدهشة للبروتينات. بعضها يمكن له أن يسرّع أو “يحفّز” التفاعلات الكيميائية، وتُعرف هذه البروتينات بالإنزيمات.
يمكنكم العثور على العديد من الإنزيمات في أحشائكم، حيث يقومون بتكسير الجزيئات المعقدة من طعامكم إلى جزيئاتٍ بسيطة مثل السكريات التي يمكن لخلاياكم أن تستخدمها. أنتم لا تستطيعون العيش من دون الإنزيمات.
كان ليزلي أورغل وفرانسيس كريك شكاكين. إن كان يمكن للحمض النووي الريبي RNA أن ينثني مثل البروتين، فربما يمكنه أن يكوّن الإنزيمات. إن كان ذلك صحيحاً، فقد يكون الـRNA هو الجزيء الأولي الأكثر إستخداماً، فهو يخزّن المعلومات كما يخزنها الـDNA ويقوم بتحفيز التفاعلات الكيميائية كما تفعل بعض البروتينات.
لقد كانت فكرةً بارعة، لكن لن يكون هناك أي دليل عليها لأكثر من عقدٍ من الزمان.
توماس تشيك في عام 2007 (حقوق الصورة: Douglas A. Lockard, CC by 3.0)
ولِد توماس تشيك ونشأ في ولاية آيوا. عندما كان طفلاً، كان مفتوناً بالصخور والمعادن. وعندما كان في الثانوية كان يزور الجامعة المحلية ويطرق أبواب الجيولوجيين، طالباً أن يرى نماذج من الهياكل المعدنية.
ولكن المطاف إنتهى به ليصبح عالم أحياء كيميائية، مما جعله يركّز على الـRNA.
في وقت مبكر من ثمانينيات القرن الماضي، درس تشيك وزملاؤه في جامعة كولورادو بولدر “Colorado Boulder” كائناً وحيد الخلية يدعى Tetrahymena thermophila. جزءٌ من الآلية الخلوية لهذا الكائن عبارة عن خيوط من الـRNA. وجد تشيك أن مقطعاً معيناً من الـRNA ينفصل أحياناً عن البقية، كما لو أن شيئاً قد قام بقطعه بمقص.
عندما قام الفريق بإزالة كل الإنزيمات والجزيئات الأخرى التي ربما تعمل عمل المقص الجزيئي، واصل الـRNA القيام بذلك. فاكتشفوا أول إنزيم للـRNA: وهو قطعة صغيرة من الـRNA قادرة على قطع نفسها من الخيط الكبير التي كانت جزءاً منه.
تم نشر النتائج من قِبل تشيك في العام 1982. في السنة التالية، وجدت مجموعة أخرى إنزيماً ثانياً للـRNA – أو “ريبوزيم” (إنزيم الحمض النووي الريبوزي) “ribozyme”، كما تمت تسميته.
كان العثور على إثنين من الإنزيمات الخاصة بالـRNA في تتابعٍ سريع إشارة على أن هنالك الكثير منها. تبدو الآن فكرة أن الحياة قد بدأت مع الـRNA فكرةً واعدة.
سيكون والتر جيلبرت “Walter Gilbert” من جامعة هارفارد في كامبريدج، من سيُعطي الفكرة إسماً. وهو عالمٌ فيزيائي أصبح مفتوناً بعلم الأحياء الجزيئية، ويُعد أيضاً واحداً من أوائل المدافعين عن فك سلاسل الجينوم البشري.
إفترض جيلبرت في مقالٍ نُشِر في مجلة نايتشر في عام 1986، أن الحياة بدأت في “عالم الـRNA”.
قال جيلبرت أن المرحلة الأولى من التطور تألفت من “جزيئات الـRNA التي تؤدي الأنشطة التحفيزية اللازمة لتجميع أنفسها من حساء النيوكليوتيدات”. عن طريق قطع ولصق أجزاء مختلفة من الـRNA معاً، يمكن لجزيئات الـRNA أن تخلق التسلسل الأكثر فائدة على الإطلاق. فقد وجدوا في نهاية المطاف طريقةً لصنع البروتينات وإنزيماتها، والتي أثبتت جدواها بحيث أنها حلّت محل إصدارات الـRNA وأدت إلى بزوغ الحياة كما نعرفها اليوم.
عالم الـRNA هو وسيلةٌ أنيقة لصنع الحياة المعقدة من الصفر. بدلاً من الإضطرار إلى الإعتماد على تكوّن العشرات من الجزيئات البيولوجية من الحساء البدائي في وقتٍ واحد.
ففي عام 2000، تم إهداء فرضية عالم الـRNA قطعةً مثيرة من الأدلة المؤيدة.
يقوم الريبوسوم بصنع البروتينات (حقوق الصورة: Laguna Design/Science Photo Library)
أمضى توماس ستايتز ”Thomas Steitz“ ثلاثين عاماً في دراسة هياكل الجزيئات في الخلايا الحية. لقد خاض في تسعينيات القرن الماضي أكبر تحدٍ له: وهو إكتشاف هيكل الريبوسوم.
تمتلك كل خلية حية ريبوسوماً. هذا الجزيء الضخم يقرأ التعليمات من الـRNA ويربط الأحماض الأمينية معاً لصنع البروتينات. تقوم الريبوسومات في خلاياكم ببناء معظم الجسم.
كان معروفا عن الريبوسوم أنه يحتوي الـRNA. ولكن في عام 2000، أنتج فريق ستايتز صورةً مفصّلة عن بنية الريبوسوم، والتي أظهرت أن الـRNA هو الجوهر المحفز للريبوسوم.
كان لهذا أهميةً بالغة، بسبب كون الريبوسوم أمراً أساسياً بالنسبة لحياة الإنسان، حتى في القِدم. حقيقة إستناد هذه الآلة الأساسية على الـRNA جعلت عالم الـRNA حتى أكثر قبولاً.
كان أنصار عالم الـRNA منتشين بهذا الإكتشاف، وكان ستايتز سيستلم في عام 2009 حصةً من جائزة نوبل. ولكن ومنذ ذلك الحين، بدأت الشكوك تتسلل مرةً أخرى.
كانت هناك مشكلتين منذ البداية مع فكرة عالم الـRNA. هل يمكن للـRNA حقاً أن يؤدي جميع وظائف الحياة في حد ذاته؟ وهل يمكن أنه قد تكوّن في الأرض المبكرة؟
لقد مضى 30 عاماً منذ أن توقف جيلبرت عن التقدم في فكرة عالم الـRNA، ونحن ما نزال لا نملك أدلةً قاطعة في أن الـRNA يمكنه أن يفعل كل هذه الأشياء التي تعتمد عليها النظرية. إنه جزيء صغير بارع، ولكنه قد لا يكون بارعاً كفاية.
مهمةٌ واحدة بقيت بارزة. إن كانت الحياة قد بدأت مع جزيء الـRNA، فإنه يجب عليه أن يكون قادراً على إنتاج نسخ من نفسه: أي ينبغي أن يكون قابلاً للتضاعف الذاتي.
ولكن لا توجد خاصية للـRNA تبين أن بإمكانه مضاعفة نفسه. ولا حتى للـDNA. فهو يأخذ مجموعة من الإنزيمات والجزيئات الأخرى لبناء نسخة طبق الأصل من قطعة من الـRNA أو الـDNA.
ولذلك، بدأ بعض علماء الأحياء في أواخر الثمانينات في السعي الوهمي إلى حدٍ ما. ألا وهو إعتزامهم صنع RNA قابلاً للتضاعف الذاتي لأنفسهم.
جاك زوستاك “Jack Szostak” (حقوق الصورة: Detlev van Ravenswaay/Science Photo Library)
كان جاك زوستاك من كلية الطب بجامعة هارفارد واحداً من الأوائل الذين شاركوا. عندما كان طفلاً كان مفتوناً بالكيمياء بحيث أنه كان لديه مختبر في قبو منزله. مع تجاهلٍ مبهر حول سلامته، فقد تسبب ذات مرة بانفجار تضمن أنبوباً زجاجياً نحو السقف.
في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، ساعد زوستاك في إظهار كيف يمكن حماية جيناتنا لأنفسها ضد عملية الشيخوخة. هذا البحث المبكر كان سيحصل على حصة من جائزة نوبل في نهاية المطاف.
لكن زوستاك سرعان ما أصبح مفتوناً بإنزيمات تشيك الخاصة بالـRNA. وقال، “إعتقدت أن هذا العمل كان فقط رائعاً حقاً،” وأضاف، “من حيث المبدأ، قد يكون هناك إمكانية للـRNA ليُحفز التضاعف الذاتي الخاص له”.
وجد تشيك في عام 1988 إنزيم الـRNA الذي يستطيع بناء جزيء RNA قصير بطول حوالي 10 نيوكليوتيدات. إنطلق زوستاك إلى تحسين هذا الإكتشاف بتطوير إنزيمات RNA جديدة في المختبر. خلق فريقه مجموعة من التسلسلات العشوائية وقاموا بإختبارها لرؤية أي منها قد يُظهر نشاطاً تحفيزياً. ثم يأخذون تلك التسلسلات الأخرى، يعدلونها، ثم يختبرونها مرةً أخرى.
بعد 10 جولات من هذه العملية، أنتج زوستاك إنزيم RNA الذي يقوم بعمل تفاعل أسرع بسبع ملايين مرة من الطبيعي. لقد أظهروا أن إنزيمات الـRNA يمكن أن تكون قويةً جداً. ولكن إنزيمهم لا يستطيع مضاعفة نفسه، ولا حتى قريباً من ذلك. لقد إصطدم زوستاك بالحائط.
قد لا يكون الـRNA بمستوى مهمة بدء الحياة (حقوق الصورة: Science Photo Library/Alamy)
أتى التقدم الكبير المقبل في عام 2001 من طالب زوستاك، ديفيد بارتل “David Bartel” من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج. صنع بارتل إنزيم RNA يدعى R18 ويمكنه أن يضيف نيوكليوتيدات جديدة لخيط الـRNA، مستنداً على قالب موجود. بعبارةٍ أخرى، فهو لم يكن مجرد إضافة للنيوكليوتيدات بصورةٍ عشوائية: لقد كان ينسخ السلسلة بشكل صحيح.
كان هذا لا يزال ليس بناسخٍ ذاتي (أي لا يمكنه مضاعفة نفسه – المترجم)، ولكنه كان يتجه نحو ذلك. تألف R18 من سلسلة من 189 نيوكليوتيدة، وكان بإمكانه أن يضيف 11 نيوكليوتيدة بشكلٍ موثوق إلى الخيط: 6% من طوله الخاص. كان الأمل أن بضعة تعديلات ستسمح له بصنع خيط بطول 189 نيوكليوتيدة – كطوله الأصلي.
جاءت أفضل محاولة في عام 2011 من فيليب هوليغر”Philipp Holliger” من مختبر البيولوجيا الجزيئية في كامبريدج، المملكة المتحدة. فقد قام فريقه بخلق إنزيم R18 معدّل تمت تسميته باسم tC19Z، والذي قام بنسخ تسلسلاتٍ لما يصل لطول 95 نيوكليوتيدة. يُمثّل هذا نسبة 48% من طوله الأصلي: أكثر من إنزيم R18، ولكنه ليس المطلوب، ألا وهو إنزيم ناسخ بنسبة 100%.
لقد تم وضع نهجٍ بديل تم تقديمه من قِبل جيرالد جويس “Gerald Joyce” و ترايسي لينكولن “Tracey Lincoln” من معهد سكريبس للأبحاث “Scripps Research Institute” في لاهويا “La Jolla”، كاليفورنيا. قاموا في عام 2009 بخلق إنزيم RNA يضاعف نفسه بصورةٍ غير مباشرة.
يضم إنزيمهم قطعتين صغيرتين من الـRNA لإنشاء إنزيمٍ ثاني. ثم يقوم هذا بضم قطعتين أخريين من الـRNA لإنشاء الإنزيم الأصلي. هذه الدورة البسيطة يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، معطيةً المواد الأساسية. لكن الإنزيمات لا تعمل إلا إذا تم إعطاءها خيط الـRNA الصحيح، والذي كان يجب على جويس ولينكولن صناعته.
كيف يمكن لجزيئات الحياة أن تتكون في مكانٍ كهذا؟ (حقوق الصورة: MasPix/Alamy)
بالنسبة للكثير من العلماء المشككين حول عالم الـRNA، كان الإفتقار للتضاعف الذاتي للـRNA مشكلةً قاتلة مع هذه الفكرة. لا يبدو أن الـRNA قادر على بداية وظيفة الحياة.
تم إضعاف القضية أيضاً عند فشل الكيميائيين بصنع الـRNA من الصفر. يبدو أنه جزيء بسيط مقارنةً بالـDNA، ولكن الـRNA أثبت أن من الصعوبة صنعه.
كانت المشكلة في السكر والقاعدة اللذان يكونان كل نيوكليوتيدة. من الممكن صناعة كل منهما بشكلٍ منفرد، ولكن الإثنان يرفضان أن يتم ربطهما معاً. كانت هذه المشكلة واضحة بالفعل في أوائل تسعينيات القرن الماضي. فقد تركت العديد من علماء الأحياء باشتباهٍ مزعج في أن فرضية عالم الـRNA، وفي حين أنها كانت بارعة، إلا أنها لم تكن صحيحة تماماً.
بدلاً من ذلك، ربما كان هناك نوع آخر من الجزيئات في الأرض المبكرة. شيءٌ أبسط من الـRNA، الذي يمكنه تجميع نفسه من الحساء البدائي والبدء بالتضاعف الذاتي. قد يكون أتى أولاً، ومن ثم أدى إلى الـRNA والـDNA، ومن ثم البقية.
ربما يكون الـDNA قد صارع لكي يتكوّن على الأرض المبكرة (حقوق الصورة: Science Photo Library/Alamy)
في عام 1991، أتى بيتر نيلسن “Peter Nielsen” من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك مع مرشحٍ للمضاعفة الذاتية.
كان في الأساس نسخةً معدلة بشكلٍ كبير من الـDNA. أبقى نيلسن القواعد نفسها – A وT وC وG الموجودين أصلاً في الـDNA – ولكنه جعل الأساس في صنع الجزيئات بما يدعى بالبوليميدات “polyamides” بدلاً من جزيئات السكر الموجودة في الـDNA. وقام بتسميته جزيء الحمض النووي الببتيدي أو PNA إختصاراً. وقد أصبح منذ ذلك الحين معروفا بتسمية الحمض النووي الببتيدي.
ولكن لم يُعثر على الـPNA أبداً في الطبيعة. لكنه يتصرف مثل الـDNA بشكلٍ كبير. يمكن لخيط الـPNA حتى أخذ محل أحد خيوط جزيء الـDNA، مع قواعد مكملة مقترنة كالطبيعية. ما هو أكثر من ذلك، يمكن للـPNA أن يلتف ليصبح حلزوناً مزدوج، مثل الـDNA تماماً.
كان ستانلي ميلر مفتوناً. ومع الشك الشديد بعالم الـRNA، فقد شك في أن الـPNA كان مرشحاً أكثر قبولاً للمواد الجينية الأولى.
في عام 2000، قام بإنتاج أدلة قاطعة. بحلول ذلك الوقت كان عمره يناهز الـ70 عاماً، وقد عانى في البداية فقط من سلسلة مدمرة من السكتات الدماغية التي من شانها أن تتركه في النهاية محصوراً في دارٍ للرعاية، لكن هذا لم يحدث أبداً. فقد كرر تجربته الكلاسيكة، التي ناقشناها في الفصل الأول، ولكن هذه المرة إستخدم الميثان والنيتروجين والأمونيا والماء – وحصل على البوليميد الأساسي للـPNA.
وهذا يشير إلى أن الـPNA، وعلى عكس الـRNA، قد يكون تكوّن بسهولة على الأرض المبكرة.
جزيء الحمض النووي الثريوزي (TNA) (حقوق الصورة: Alfred Pasieka/Science Photo Library)
أتى الكميائيين الآخرين بأحماض نووبة بديلة خاصة بهم.
في عام 2000، صنع ألبرت إيشينموزر “Albert Eschenmoser” الحمض النووي الثريوزي (TNA). وهو الـDNA في الأساس، ولكن مع جزيء سكر مختلف في أساسه. يمكن لخيوط الـTNA أن تقترن لتكوين حلزونٍ مزدوج، ويمكن للمعلومات أن يتم نسخها ذهاباً وإياباً بين الـRNA والـTNA.
ما هو أكثر من ذلك، يمكن للـTNA أن ينثني إلى أشكالٍ معقدة، ويمكنه حتى الإنثناء بشكل البروتين. يشير هذا إلى إمكانية أن يكون الـTNA بمثابة الإنزيم، تماماً مثل الـRNA.
وبشكلٍ مشابه، في عام 2005، صنع إريك ميغرز “Eric Meggers” الحمض النووي الغلايكولي، والذي يمكنه تكوين هياكل حلزونية أيضاً.
كل حمضٍ نووي من هذه الأحماض النووية يمتلك أنصاره ومؤيديه: ويكون عادةً المؤيد هو الشخص الذي صنعه. ولكن لا يوجد أي أثرٍ لهم في الطبيعة، لذلك، إن قامت الحياة الأولى باستخدامهم، فيجب في مرحلةٍ ما أن تتخلى عنهم تماماً لصالح الـRNA والـDNA. قد يكون هذا صحيحاً، ولكن لا توجد أي أدلةٍ عليهم.
كل هذا، وبحلول منتصف العشرية الأولى من الألفية، يعني أن أنصار عالم الـRNA في مأزق.
من ناحية، وجود إنزيمات الـRNA وضمها واحداً من أكثر الأجزاء أهمية في الآليات البيولوجية، ألا وهو الريبوسوم. كان أمراً جيداً.
ولكن لم يتم العثور على خاصية التضاعف الذاتي للـRNA، ولم يستطع أحد معرفة كيفية تكون الـRNA في الحساء البدائي. قد تحل الأحماض النووية البديلة هذه المشكلة، ولكن لم يجد أحد أي دليل على وجودهم في الطبيعة. كان هذا أمراً ليس جيداً.
كان الإستنتاج الواضح أن عالم الـRNA، وبالرغم من أناقته، إلا أنه لا يمكن أن يكون الحقيقة الكاملة.
في الوقت نفسه، كانت هناك نظرية منافسة تنمو بثباتٍ وقوة منذ ثمانينات القرن الماضي. يحاجج مؤيدوها بأن الحياة لم تبدأ مع الـRNA أو الـDNA أو أي مادةٍ جينيةٍ أخرى. بدلاً من ذلك، فهي بدأت كآلية لتسخير الطاقة.
تحتاج الحياة للطاقة لكي تبقى حية (حقوق الصورة: Equinox Graphics Ltd)
المصدر: هنا