تمكن العلماء من جعل خلايا حية تقوم بتكوين أواصر كاربون وسيليكون، وبذلك يكونوا قد أظهروا للمرة الأولى قدرة الطبيعة على أن تُدرِج السيليكون في اللبنات الأساسية للحياة؛ السيليكون هو أحد أكثر المواد وفرة على الأرض.
رغم أن تكوين أواصر الكربون والسيليكون قد تم تحقيقه سابقاً من قبل الكيميائيين؛ يمكن ايجادها في الكثير من المنتجات ابتداءاً من الدهانات و أشباه الموصلات الى الحاسبات و شاشات التلفاز، إلا أنه لم يتم ايجادها في الطبيعة حتى الآن، و هذه الخلايا قد تتمكن من مساعدتنا لفهم احتمالية وجود حياة أساسها مادة السيليكون في مكان ما من الكون.
يأتي السيليكون بعد الأوكسجين بوفرته على الأرض و يتواجد في القشرة الأرضية، رغم ذلك لا يدخل في الحياة البايولوجية بأي شكل من الأشكال. سبب عدم تَضَمن الكيمياء الحيوية على الأرض عنصر السيليكون كان لغزاً محيراً للعلماء لفتره طويلة من الزمن، و ذلك لأنه بشكل نظري، فإنه كان من السهل تطور أشكال حياة قائمة على السيليكون في كوكبنا مثل تطور أشكال الحياة التي نعرفها و نحبها و القائمة على الكاربون. لا يكتفي عنصري الكاربون والسيليكون بكونهما موجودان بغزارة في القشرة الأرضية، فلكليهما بنية متشابة لحد كبير. إحدى أهم الخصائص التي يملكها كل من الكاربون والسيليكون هي قدرتهما على تكوين أواصر مع أربع ذرات في الوقت ذاته. ما يعني قدرتهم على ربط سلسلة طويلة من الجزيئات المطلوبة لتكوين أساس الحياة التي نعرفها؛ متمثلة بالبروتين و الحمض النووي. مع ذلك، الحياة القائمة على السيليكون غير موجودة خارج عالم ستار تريك الخيالي “Star Trek”، على حد علمنا!
((لا يوجد كائن حياة يُعرف بخلق أواصر سيليكون مع كربون مع بعض، رغم وفرة السيليكون، يحيط بنا، في الصخور و على الشواطئ)) تقول احدى الباحثات، جينيفير كان في معهد كاليفورنيا للتكنلوجيا “Caltech”. و ليكون الأمر واضحاً، لعبت الباحثة كان و فريقها دوراً كبيراً لجعل الخلايا الحية تُحقق اواصر الكربون مع السيليكون؛ لم يكن ذلك من الممكن تحقيقه بسهولة من قبل الخلايا من تلقاء نفسها. لكن هذه التجربة بحد ذاتها اثبات من أن هذه الأواصر يمكن أن تتشكل في الطبيعة؛ طالما هناك ظروف مواتية لذلك. بدأ الباحثون بعزل بروتين يُنتج بشكل طبيعي في بكتيريا الرودوثيرماس مارينوس “Rhodothermus marinus” التي تتواجد بوفرة في الينابيع الساخنة الأيسلندية. لقد أُعجب الباحثون بهذا البروتين، السيتوكروم انزيم ج “cytochrome c enzyme”، و ذلك لأن اضافة الى كون دوره الرئيسي هو نقل الألكترونات من خلال الخلايا، أظهرت التحاليل المخبرية أنه يمكن أن يلعب دور في تسهيل تكوين أواصر الكربون مع السيليكون! بعد عزل هذا البروتين، قاموا بادخال المورثة (الجينة) الخاصة بهذا البروتين في بكتيريا قولونية ليروا اذا ما كان يستطيع أن ييسر عملية تكوين أواصر كربون-سيليكون داخل الخلايا الحية. في أول مجموعة من هذه البكتيريا السيليكونية التي تم هندستها جينياً لم يكن هناك شئ يذكر، لكن إستمر فريق الباحثين في تحويل مورثة البروتين ضمن منطقة معينة من جينوم البكتيريا القولونية الى أن حدث شئ رائع جداً! ((بعد ثلاث جولات من التحويل “mutation”، استطاع البروتين من تكوين آصرة بين السيليكون والكربون بصورة أكثر فعالية ب15 مرة من أي محفز صناعي، )) كما جاء في تقرير أفيفا روتكين لنيو ساينتيست “New Scientist”. إن حقيقة كون هذه البكتيريا قد تم هندستها لانتاج أواصر كربون-سيليكون أكثر فعالية من قدرة علماء الكيمياء من إنتاجه في المختبر هو أمر مثير لسببين. الأول، يوفر لنا ذلك طرقة أفضل لانتاج هذا النوع من الأواصر الذي نحتاجه من أجل صناعات في مجالات مثل الأدوية و المواد الكيميائية الزراعية و الوقود. ((هذا أمر تتحدث عنه الناس، تحلم به، تتساءل عنه،)) كما أبلغت آناليز فرانز من جامعة كاليفورنيا، ديفيس، و التي لم تكن مُشاركة في البحث موقع نيو ساينتست. ((أي كيميائي مختص في الصناعة الدوائية يمكن أن يقرأ هذا الخبر يوم الخميس و يقرر يوم الجمعة أن يستخدم ذلك كلبنة بناء من المحتمل استخدامها.))
ثانياُ، إنه يدلل على وجود شكل من أشكال الحياة القائمة على السيليكون، حتى لو كان ذلك بشكل جزئي، و اذا ما إستمر الباحثون في تنمية هذا النوع من البكتيريا، قد نفهم بشكل أكبر الشكل الذي قد تأخذه هذه الأحياء. ((هذه الدراسة تبين تكيف الطبيعة السريع في وجه تحديات جديدة،)) كما ذكرت إحدى أعضاء الفريق، فرانسيس أرنولد في مؤتمر صحفي. ((إن آلية ترميز الحمض النووي التحفيزية الخاصة بالخلية تستطيع أن تتعلم و بسرعة أن تروج تفاعلات كيميائية جديدة عند توفيرنا مواد كيميائية جديدة و المحفزات المناسبة على هيئة انتقاء اصطناعي. كان بإمكان الطبيعة أن تحقق ذلك اذا ما أولت اهتمام الى ذلك)).
المصدر: هنا