تشير بعض البحوث التي قدمت في مؤتمر عقد مؤخرا إلى أن الشباب الذين ليس لديهم شهادات جامعية يبقون بدون عمل لسبب رئيسي واحد : أنهم يستطيعون العيش مع آبائهم وأمهاتهم واللعب بألعاب الفديو طوال اليوم. حيث قامت آنا سوانسون من صحيفة واشنطن بوست بتسليط الضوء على الموضوع، فإن هؤلاء الرجال يقضون ثلاثة أرباع الوقت الذي يعملون فيه في جلسة واحدة من العمل على الكومبيوتر غالبا يقضونها على ألعاب الفيديو. والأكثر من ذلك، إن السعادة قد ارتفعت بين هذه المجموعة في السنوات الأخيرة ! إن لهذه الظاهرة بعض الآثار السلبية بالطبع، ليس فقط بالنسبة للاقتصاد ككل ولكن أيضا لمستقبل الرجال المهني وحتى صحتهم. كما أشارت سوانسون ؛ إن من يبقى خارج القوى العاملة من الشباب لن يكتسب الخبرة اللازمة للحصول على وظائف في الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر. ونتيجة لذلك، قد ينتهي بهم الأمر بالمعاناة من الاكتئاب وتعاطي المخدرات، الشيئين المرتبطين عادة مع البطالة.
هل تؤثر البطالة على شخصيتك ؟
يشير البحث المقدم سنة 2015 إلى أن هناك قضية واحدة أخرى لها التأثير هنا: البطالة يمكن أن تغير شخصيتك. مع مرور الوقت، قد تصبح أقل ودية، وأقل قابلية للعمل الجاد، وأقل انفتاحا على تجارب جديدة . وقاد هذه الدراسة كريستوفر بويس في جامعة ستيرلينغ في اسكتلندا، اوقد أجريت بشكل منفصل من الأبحاث على الشباب العاطلين عن العمل و يمارسون ألعاب الفيديو. رسم الباحثون بيانات من جدول الاقتصاد الاجتماعي الألماني ركزت بشكل خاص على تجارب مجاميع فرعية من المشاركين بين عامي 2005 و 2009 و في عام 2005 كل المشاركين كانوا عاملين. 6308 منهم ظل يعمل , 251 عاطلون عن العمل ومن ثم عادوا إلى العمل. و 210 كانوا عاطلين عن العمل لمدة أربع سنوات . أظهرت الدراسات أن مؤشرات الشخصية الودودة أو اللطيفة قد قلت عند الرجال و النساء كلاهما أثناء فترة البطالة الطويلة التي استمرت من سنة إلى أربع سنوات لكن خلال السنة الأولى من البطالة اختبر الرجال زيادة في اللطف.
لا يمكن للباحثون القول على وجه اليقين ماهو سبب وجود هذا الاختلاف بين الجنسين، لكنهم يعتقدون أن ذلك يعود إلى أن الرجال في البداية يحاولون تقبل الوضع وتهدئة من حولهم. ثم أنهم في نهاية المطاف يصابون بالبؤس فتقل لطافتهم . كذلك أشارت الدراسة إلى أن الضمير أو الميل إلى الترتيب و التنظيم قل بين الرجال و النساء العاطلين عن العمل، على الرغم من أنه لم يتم اختبار هذه النظرية لحد الان.
ويعتقد بويس أن هذا التأثير قد يكون جزء من حلقة مفرغة : عندما تكون عاطلا عن العمل ستصبح أقل ضميرا أو ميلا للترتيب وهذا سيجعل العثور على عمل جديد أمر أصعب. التأثير الرئيسي الثالث للبطالة على المدى الطويل هو أن الانفتاح يقل عموما. بينما لا يستطيع الباحثون أن يقولوا بالضبط لماذا يحدث هذا، يوضح بويس “فكرة عدم الحصول على وظيفة تثقل على نفسك” و قد يقل لديك الشعور بالوحي والمغامرة. وعلاوة على ذلك، من دون وظيفة، قد لا تملك الموارد اللازمة للخروج والسفر أو استكشاف ما يحيط بك. النقطة المضيئة وسط هذه النتائج الكئيبة نسبياً هي أنه بمجرد إعادة التوظيف يبدو أن الشخصية تعود كما كانت. حذر بويس والمشاركون معه أنه يحتاج إلى بيانات أكثر لتأكيد فيما اذا كان هذا صحيحاً، لكن وإلى الان هذا ماتشير اليه البيانات الحالية على الأقل.
من المهم أن نلاحظ أن التجربة الفردية لأي شخص عاطل عن العمل قد تختلف تماما عن الصورة العامة التي تناولتها الدراسة. قد لا تنطبق هذه النتائج على البالغين الألمان في جميع المجالات، أو على وجه التحديد على العاطلين عن العمل من الشباب الأمريكي. وفي الوقت نفسه، فإن الدراسة تحتوي على بعض الآثار المهمة للطريقة التي نفكر بها حول البطالة. يجب أن نكون حذرين بشأن اتهام أو وصم الناس الذين هم بلا عمل. فبدلا من مراقبة و تصيد سماتهم الشخصية غير المرغوبة والتفكير في أن “هذا هو السبب في أنه لم يتمكن من العثور على وظيفة ” بويس ينصح الناس أن يدركوا أن شخصية العاطل عن العمل يمكن أن تكون جزءا من “دوامة سلبية.” وبعبارة أخرى، البطالة تؤدي إلى تغير في شخصية الفرد، وهذا بدوره يؤدي إلى صعوبة في العثور على عمل . في نهاية المطاف، تشير هذه النتائج إلى أن البطالة قد تكون أكثر تأثيرا مما كنا نعتقد، بطرق لم نكن نتصورها وهذه فكرة مخيفة بالنسبة لجميع أولئك الشبان العاطلين عن العمل، ويحتمل أن تكون سببا آخر لنا لندفع أولئك الذين نهتم بهم خارج الأريكة.
المصدر: هنا