لقد غيرت رأيي حول الرواقية، صفة كانت قد اعجبتني جداً ذات مرة، الرواقين كانوا أتباع زينو الرواقي (300 قبل الميلاد) اعتقدوا بمختلف الفضائل الواضحة او ربما الانماط السلوكية : رباطة الجأش في مواجهة التحدي. ان تكون بارد جداً (او هادئ) تحت النار، ودائمًا تصنع النور من الالم، وان تمتلك شجاعةً وعزمًا عظيمًا، وتقلل من الصعوبات الشخصية، وتخفي اي شكل من اشكال القلق و الشك و الاضطراب. ان تكون اشبه بالاجيال الاكبر سنًا هؤلاء الذين يميلون الى عدم التشكي كثيرًا او طلب الراحة الفورية بعد الآلام الخفيفة.
ان تتوقف عن معالجة جسدك بالعمليات الجراحية بسبب امراض بسيطة والتي تكون اساسًا لمشاكل نفسية. في الماضي اظهر ابطالنا مثل الكابتن اوتس رواقية عظيمة مستمدة من روح المدارس العامة في القرن التاسع عشر. كان الامر يخص (قوة المسيحية)، واخفاء و تثبيط المشاعر خصوصًا اي علامة للتأثر او الضعف.
وهذا يعني تقبل العقوبات الجسدية العرضية والتي تمليها النزوات. والاهم من ذلك كله ان الرواقية كانت تهتم بأظهار التحكم في الهدوء وعدم الاكتراث لمواجهة الخطر. إظهار رباطة الجأش عند التحدي أوالتهديد. ودائمًا كن بارد تحت النار. وقلل الصعوبات. واصنع النور من كل انواع الالم. تقبلها كرجل.
وبطبيعة الحال، فإن هذا يعني إخفاء القلق والشك والاضطراب. وسيطرة دقيقة على التعبير العاطفي. وعدم إظهار التأثر. والشفة العليا المتصلبة لدى البريطانيين (دليل على اظهار الشجاعة في مواجهة الالم و البلاء لدى البريطانيين)، وعظلات الاستراليين المثالية (كدليل على صلابتهم). ولكن هل هذا مرغوب فيه وصحي في العمل و خارجه؟.
هناك إختبار نفسي يقيس الرواقية. و يشتمل النقاط التالية: (اشعر بعدم الراحة عندما يقوم الناس بالتعبير عن عواطفهم امامي والتعبير عن العواطف هو علامة على الضعف). ويختلف الرواقيين مع ما يلي: (أعتقد أنه أمر صحي ان يقوم الشخص بالتعبير عن عواطفه)، (ارغب بان يحتويني احدهم عندما اكون مستاءً)، (وبعض الاحيان ابكي في العلن).
علماء نفس آخرين ميزوا بين الكبت والتحسس عندما يتعلق الامر بالألم و المشاكل.
يعد الكبت _ التحسس هو آلية دفاعية تستخدم في الحد من القلق. المكبوتين هم الرواقيين الذين يستجيبون للتهديد من خلال الحجب، والانكار،والكبت ،ونسيان الأحداث المؤلمة ويحاولون تجنب المشاكل. المتحسسين، على النقيض من ذلك، يستجيبون بأدراك التهديد مباشرةً، لديهم إسترداد افضل للاحداث المؤلمة (دع كل شىء ينكشف) وهم يواجهون الموقف بدلًا من تجنبه.
هل كنا نحن البريطانيين في وقت ما رواقيين؟. اذا كنا كذلك، هل تغيرنا؟ تحولنا الى كثيرين الشفقة والبكاء كالاطفال، وفاشلون وشعب بأخلاق منحطة ولا قدرة لنا على القتال. او ربما يدل هذا على قدرتنا الصحية للتعامل مع العواطف، على الاقل.
بالتأكيد يمكن للمرء أن يرى الرواقية أو يرى شحتها في مكان العمل. يبدو بعض العمال مرضى على الدوام ويشكون باستمرار. والبعض الآخر تجده صلب و قوي. معظم المدراء يريدون ذوي العقل السليم في الجسم السليم اولئك الذين لا يقضون كل وقتهم في النحيب و البكاء او في استشارة المستشارين. هل من الممكن ان ينفعنا دراسة بعض كورسات مهارات الرواقية لتعلم هذه الفلسفة بشكل افضل؟
يبدو الادب النفسي نوعًا ما سلبيًا بالنظر للرواقية كفلسفة، او في الواقع كأستجابة للتأقلم والتكيف. هناك اربعة اسباب للتفكير في انها وسيلة سيئة للتكيف وغير مرغوب فيها كطريقة للتعامل مع العالم:
اولًا، خصوصًا الرجال، يرتبط ذلك بالجمود و الاهمال في مواجهة الأعراض الطبية. كما لوحظ، فأن جراحات حصى البنكرياس تكون مملؤة بالنساء ولكن حتى الان فالحوادث وغرف الطوارئ ووحدات العناية المشددة مملؤة بالرجال. وهناك اضرار طويلة الأجل لتجاهل ولتقليل خطر الاعراض الصحية لأن المخنثون فقط هم من يذهبون إلى الأطباء كما يعتقد الرواقيين. كمعدل يعيش الرجال اقل من النساء ب6 سنوات ولأسباب مختلفة، احدها يكمن في الكشف المتأخر عن الامراض الخطيرة. وتجاهل ما يخبرك به جسدك ليس بالشيء المعقول او الفاضل.
ثانيًا، عدم الرغبة في التحدث عن العواطف قد يكون ناتج فعلًا من عدم القدرة على القيام بذلك. ويعرف الذكاء العاطفي المنخفض بكونه إدراك المرء لعواطفه وعواطف الآخرين وأيضًا أن تكون قادر على إدارة عواطفك و عواطف الآخرين. والتظاهر بأن التحدث عن العواطف ليس من الحكمة او ضعف او كونه امر غير صحي قد لا يكون الا غطاء سيئ بالجهل بكيفية القيام بذلك.
ومن المعروف أن الذكور أكثر عرضة للاصابة بالفصام / التوحد / متلازمة أسبرجرس اكثر من الإناث. يمكن ان يبدو الذكور بأنهم امنين عاطفيًا، غير ماهرين وغير لبقين في التعبير عن عوطفهم. ويبدو أنهم غير قادرين على التعرف على الإشارات العاطفية في الاخرين أو في حال تمكنوا من التعرف عليها، فلا يعرفون كيفية التعامل معها. وفي العمل يعتبر هذا الشي مهم جداً، ولهذا السبب يُعتقد بأن الذكاء العاطفي مهم بالنسبة للمدراء.
فالرجال ذوي العاطفة المنخفض يكون لديهم مشاكل متعددة، ربما تساهم العاطفة المنخفض بمعدلات دخول السجن المرتفعة، واعلى نسبة انتحار واعلى نسبة بطالة لدى الذكور. وهناك فرق كبير جداً في الاختيار بعدم التعاطي مع العواطف و عدم القدرة على ذلك.
ثالثًا، يتعلق بما سبق، فالرواقية قد ترتبط بكل مما تقديم وطلب المساعدة من زملاء العمل. والادارة هي رياضة تلاحم، ونحن كلنا مترابطين في العمل ويعتمد بعضنا على البعض الآخر ونحتاج الى تقديم وتلقي المساعدة من زملاء العمل. وان عدم الرغبة في مساعدة الآخرين في المحن بالتأكيد لا يساعد روح الفريق و لا يشجعها. وهذا يعني انه يجب تجنب الرواقيين، لكونهم يستهزؤن بك بدلًا من تقديم المساعدة.
رابعًا، يمكننا ان نرى الرواقيين كأناس متغطرسين وأصحاب اعصاب باردة. والكثير منهم يتبهاون بصلابتهم و يظهرون تفوقهم. وقيمهم في المنافسة، والسيطرة، والهيمنة والسلطة غير جذابة ولا سيما في القوى العاملة اليوم. حتى ان بعضهم يتمتع بالاعتداء على الشواذ، غريبي الاطوار والضعفاء الذين لا يتفقون فلسفتهم.
اذًا، هل يجب علينا اختيار الرواقيين للإنضمام إلينا في مكان العمل؟ على الأغلب لا!
وكيفية قياس الرواقية :
مقياس ال20 فقرة التالي تم تطويره بواسطة اثنان من علماء النفس البريطانيين. والفقرات التي تحتوي على علامة النجمة في نهايتها * تسجل بالعكس. ويمكن تسجيل الاختبار بالصح و الخطأ، أو على مقياس 5 – 7 اوافق _ لا اوفق :
• اميل الى البكاء عند مشاهدة الافلام الحزينة
• اعتقد بأن التعبير عن العواطف امر صحي
• تعبير الشخص عن عواطفه علامة على ضعفه
• بعض الاحيان ابكي في العلن
• لا امانع مشاركة مشاكلي مع صديقة
• اميل لعدم التعبير عن عواطفي
• لا ابكي في جنازة صديق مقرب او قريب
• على الشخص ان يحافظ على صلابة شفته العليا
• لا امانع مشاركة مشاكلي مع صديق
• لا ارغب بأن يعرف الناس بما احس به
• اعتمد بشكل كامل على اصدقائي للدعم المعنوي
• مشاركة المشكلة هو نصف حلها
• لا اتأثر عاطفيًا عند مشاهدة معاناة على التلفزيون
• اميل للاحتفاظ بعواطفي لنفسي
• ارغب بأن يحتويني احدهم عندما اكون مستاءً
• قد افكر بالذهاب للمستشار القانوني عندما اواجه مشكلة
• اشعر بعدم الراحة عندما يقوم الناس بالتعبير عن عواطفهم امامي
• دائمًا ما اجد الوقت لمناقشة المشاكل مع اصدقائي
• لا ادع مشاكلي تتداخل مع حياتي اليومية
• الاستياء لموت احد الاحباب لا يساعد
المصدر: هنا