مقطوعات “البالاد” الأربعة لفريدريك شوبان عبارة عن مقطوعاتٍ من حركة واحدة للبيانو المنفرد تم تأليفها بين عام 1831 و1842. وهي من بين المقطوعات الأكثر صعوبة في عزفها من الذخيرة القياسية لأعمال البيانو.
أستعمل مصطلح بالاد من قبل شوبان بمعنى فاصلة راقصة أو قطعة رقص، بما يقابل كلمة بالاّتا الإيطالية القديمة، لكن المصطلح قد يحمل أيضاً دلالاتٍ تتعلق بالقصة البطولية من القرون الوسطى بإسم بالاد، وهي حكاية شعرية غنائية، غالباً ما تكون ذات طابعٍ خيالي. هنالك عناصر درامية شبيهة بالرقص في إستعمال شوبان لهذا النوع، ويمكن القول بأنه الرائد في إيجاد البالاد كشكلٍ موسيقي مجرّد. ويقال بأنّ مقطوعات البالاد الأربع قد تم إستلهامها من الشاعر آدم ميتسكيفيتش. لكن مصدر الإلهام الدقيق لكل بالاد على إنفراد، مع ذلك، غير واضح ومختلف فيه.
تعتبر مقطوعات البالاد من إبتكارات شوبان ولا يمكن وضعها بشكلِ آخر (السوناتا على سبيل المثال). على الرغم من أنها لا تتطابق تماماً مع صيغة السوناتا، فإن “صيغة البالاد” التي أوجدها شوبان لمقطوعاته الأربعة من هذا النوع تعتبر شكلاً متميّزاً من السوناتا مع إختلافاتٍ محددة، مثل تكرار المرآة (أي عرض الموضوعين الموسيقيين بترتيبٍ معكوس عند الخلاصة). وقد أثرت مقطوعات البالاد بشكلٍ مباشر في مؤلفين موسيقيين من قبيل فرانز ليست ويوهان برامس، الذي كتب، بعد شوبان، مقطوعات بالاد من نوعها.
فضلاً عن تشاركها في ذات العنوان، فإن مقطوعات البالاد الأربع تمثل كياناتٍ متميزة عن بعضها البعض. فبحسب الموسيقار والناقد الموسيقي لويس إيليرت، “كل [بالاد] تختلف بشكلٍ كامل عن غيرها، ولا يوجد سوى شيءٌ واحد مشترك فيما بينها – ألا وهو رومانسية العمل ونبل موضوعاتها.”
تعتبر مقطوعات البالاد الأربعة من بين أكثر مؤلفات شوبان ديمومة وكثيراً ما تسمع في الحفلات الموسيقية. كما تم تسجيلها عدّة مرات.
بالاد رقم 1 على سلم جي صغير، مصنف 23، تم تأليفها عام 1831 خلال السنوات الأولى التي قضاها الموسيقار في فيينا، وكانت إنعكاساً لوحدته في المدينة بعيداً عن وطنه في بولندا، حيث كانت ثورة نوفمبر “تشرين الثاني”، الحرب التي قامت ضد قمع الإمبراطورية الروسية لشعبه، قائمة. وما أن إنتهى منها، لم يتم نشرها حتى إنتقاله إلى باريس، حيث أهداها للبارون ناثانييل فون شتوكهاوزن، سفير هانوفر لدى فرنسا. علق روبرت شومان بما يلي، “لقد إستلمتُ مقطوعة بالاد جديدة من شوبان. وتبدو عملاً قريباً لعبقريته (وإن لم يكن الأكثر إبتكاراً) وأخبرته بأنني أحببتها أكثر من جميع مؤلفاته. وبعد صمتٍ طويلٍ للغاية أجابني بتأكيد، “أنا سعيدٌ لسماع هذا لأنني أحبها أكثر من غيرها وأعتبرها الأعزّ إلي أنا أيضاً.”
تعتبر بالاد رقم 1 من أكثر مقطوعات شوبان شهرة. فقد برزت بوضوح في فيلم “عازف البيانو” للمخرج رومان بولانسكي عام 2002، حيث تم عزف مقطع من أربعة دقائق تقريباً منها من قبل جانوس أوليجنيسزاك. كما عُزفت أيضاً في فيلم “القلق” لعام 1944 وسمعت أيضاً في الفيلم الكوميدي “شكراً لك على التدخين” عام 2006. كما شكلت موسيقى الرقصة الثنائية السوداء، القطعة الختامية في تقديم جون نويمييه لباليه “غادة الكاميليا”، المستند إلى رواية للكاتب ألكساندر دوماس الإبن. وكانت المقطوعة أيضاً موضوع الفيلم الوثائقي “شوبان أنقذ حياتي” من إنتاج البي بي سي عام 2012. كما تم إقتباسها في السمفونية 21 لمييزيسلاف فاينبيرغ المعروفة بإسم “قاديش” أو التسابيح بالآرامية. كما برزت في الحلقة الختامية من المسلسل الكارتوني “كذبتك في أبريل”. كما كانت المقطوعة أيضاً من ضمن محطة الإذاعة الكلاسيكية في لعبة الفيديو فول آوت 4.
Frédéric Chopin (Polish, 1810-1849) – Ballade No. 1 in G minor, Op. 23
للإستماع: هنا
فريدريك شوبان (موسيقار بولندي 1810-1849) – بالاد رقم 1 على سلم جي صغير، مصنف 23
بالاد رقم 2 على سلم أف كبير، مصنف 38، تم تأليفها في الفترة من 1836 وحتى 1839 في نوهانت فيك في فرنسا وفي جزيرة مايوركا الإسبانية. تسلم روبيرت شومان، الذي أهدى معزوفته كرايسلريانا، مصنف 16، لشوبان، إهداء شوبان له هذه البالاد بالمقابل. وقد تم نقد المقطوعة من قبل عازفي البيانو والباحثين في مجال الموسيقى البارزين، بما في ذلك شومان الذي تم إهداء العمل له، على أنها أقل براعة من سابقتها. وهنالك بعض الإختلاف بشأن مصدر إلهامها، مع مزاعم متكررة تجعلها مستوحاة من قصدة آدم ميتسكيفيتش “بحيرة ويليس”، لكن هذا الإدعاء لا أساس له من الصحة، لأن البالاد رقم 3 غالباً ما تنسب لهذه القصيدة أيضاً.
ظهرت البالاد في “أعمال روسية”، إحدى حلقات المسلسل التلفازي الأميركي “فيرونيكا مارس”.
Frédéric Chopin (Polish, 1810-1849) – Ballade No. 2 in F major, Op. 38
للإستماع: هنا
فريدريك شوبان (موسيقار بولندي 1810-1849) – بالاد رقم 2 على سلم أف كبير، مصنف 38
بالاد رقم 3 على سلم أي فلات كبير، مصنف 47، يعود تاريخها للعام 1841، وقد تم إهداؤها لبولين دي نواييه. وغالباً ما ينسب مصدر إلهام هذه البالاد لقصيدة الشاعر آدم ميتسكيفيتش “أوندين”، والمعروفة أيضاً بإسم Switezianka. وهناك تشابهات في البنية الموسيقيى مع مقطوعة “مقدمة قطرة المطر” التي إستلهمها من الطقس في جزيرة مايوركا أثناء عطلة شوبان الكارثية مع جورج صاند هناك. ويشمل ذلك تكراراً لسلم أي فلات ليتداخل مع سلم جي الحاد أثناء مقطع سي الحاد الصغير.
يتخذ شكل هذه البالاد قوساً على شكل ABCBA. ويقع الموضوع A الأول في جزئين؛ يبدو الأول منهما على شكل أغنية فيما يكون الثاني على شكل رقصة. ومن بين مقطوعات البالاد الأربع، تبدو البالاد رقم 3 الأكثر رصانة في تركيبها. كما تستعمل هذه البالاد وسائل تقدم ناجحة في إبراز التوتر.
Frédéric Chopin (Polish, 1810-1849) – Ballade No. 3 in A-flat major, Op. 47
للإستماع: هنا
فريدريك شوبان (موسيقار بولندي 1810-1849) – بالاد رقم 3 على سلم أي فلات كبير، مصنف 47
بالاد رقم 4 على سلم أف صغير، مصنف 52، مقطوعة تم تأليفها عام 1842 في نوهانت فيك وباريس وتمت مراجعتها عام 1843. وقد تم إهداء العمل للبارونة روتشيلد، زوجة ناتانيال دي روتشيلد، التي دعت شوبان ليعزف لها في مسكنها الباريسي، حيث قامت بتقديمه لطبقة النبلاء والأرستقراطيين. وبحسب روبرت شومان، فقد تم إستلهام هذه البالاد من قصيدة الشاعر آدم ميتسكيفيتش بعنوان “الأخوة بودريس الثلاث” والتي تحكي عن قصة ثلاثة أشقاء يرسلون بعيداً من قبل والدهم للبحث عن الكنوز، وحكاية عودتهم مع ثلاث عرائس بولنديات.
تفتح عبارة تقع في المفتاح المسيطر (ماركد بيانو) المقطوعات السبعة للإفتتاحية وتقودنا للموضوع الأول للعرض الذي يتخذ شكل سوناتا، وهو لحن بألوانٍ سلوفينية.
ومن بين مقطوعات البالاد الأربع، تعتبر هذه المقطوعة من قبل العديد من عازفي البيانو الأكثر صعوبة، من ناحية الموسيقى وتقنية العزف على حدٍ سواء.
وبحسب جون أوغدون، “إنها الأكثر سمواً، وقوة، وضخامة بشكلٍ رفيع من بين كل مؤلفات شوبان … إنه أمرٌ لا يصدق أن تستمر لمدة إثنتي عشرة دقيقة فقط، لأنها تضم خبرة عمرٍ بأكمله.”
وقد تم إستخدامها في التلفزيون والسينما بما في ذلك في فيلم سيادة بورن والمسلسل الأميركي الجناح الغربي.
Frédéric Chopin (Polish, 1810-1849) – Ballade No. 4 in F minor, Op. 52
للإستماع: هنا
فريدريك شوبان (موسيقار بولندي 1810-1849) – بالاد رقم 4 على سلم أف صغير، مصنف 52