لعل فصل الشتاء هو أفضل وقت لمشهادة أفلام الرعب، و التي غالباً ما تُظهر ممثلة متمرّسة في مجال أفلام الرعب، يطاردها مجرمٌ هاربٌ متعطّشٌ للدماء. من ناحيةٍ أخرى، فهنالك نوعٌ آخرٌ من أفلام الرعب الذي قلّما يلقى الاهتمام المناسب بالمقارنة، ألا وهو الأفلام الوثائقية. من خلال عرضها للقاتلين المتسلسلين، الضرب الوحشي، و الألغاز الغامضة، يمكن للأفلام الوثائقية أن تفوق في إثارة الذعر أيّاٌ من خيالات مخرج أفلام الرعب الشهير (جورج روميرو George Romero)، بما أنها تعرض قصصاً واقعية حدثت فعلاً. إن الأفلام العشر التالية مروّعةٌ للغاية، و مستندة على أحداثٍ حقيقية، لذا فمن المؤكد أن تترك لديكم انطباعاً قوياً، يدوم طويلاً بعد عرض شارة النهاية.
1- الرجل الدبّ Grizzly Man (2005):
(الرجل الدبّ) هو فيلمٌ وثائقيٌّ عن الطبيعة، لايشابه أيّ شيءٍ سبق و شاهدتموه. يَعرض الوثائقي قصة الممثّل المضطرب و مدمن الكحول (تيموثي تريدويل Timothy Treadwell)، الذي لطالما كان شخصاً غرب الأطوار، مفضلاً لصحبة الحيوانات على البشر. في صيفٍ عابر، قام (تريدويل) ببيع كل ما يملك، و انتقل لألاسكا ليعيش في البراري مع الدببة البنيّة، حيث قام بتصوريهم و تعامل معهم عن قرب. يقدّم (الرجل الدبّ)، لمخرجه (ويرنر هيرزوغ Werner Herzog ) مشاهداً مذهلة عن حياة (تريدويل) خلال الثلاثة عشر عاماً التي أمضاها في المنفى. إلى أن قام احدٌ من الحيوانات التي أحبها (تريدويل) بمهاجمته و قتله مع صديقته (إيمي هاغيونارد (Amie Huguenard ، بينما التقطت أحد كاميراته تسجيلاً صوتيّاً للهجوم.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: اختار (هيرزوغ) ألا يعرض التسجيل الصوتي لحادثة موت (تريدويل) في الفيلم الأخير، مع أن الوثائقي يسرد بتفاصيلٍ حيةٍ و مروعة، الهجوم و ما يحويه التسجيل. يخمّن (هيرزوغ) أن الدبَّ الذي قتل (تريدويل) في نهاية المطاف كان على الأرجح واحداً من الحيوانات التي صوّرها و أحبّها. يتركُ ذلك المُشاهدين في موضعٍ غير مريح، حيث يرون (تريدويل) يصور الدببة و يلعب إلى جانبهم، مع معرفتهم أنه، على الأغلب، يتعامل مع قاتله المستقبليّ.
2- هنالك شيءٌ مريبٌ حول العمة دايان(2005) There’s Something Wrong with Aunt Diane:
منذ بداية الفيلم، نعرف أن شيئاً فظيعاً قد حدث. يبدأ الوثائقي بعرض فيضٍ من المكالمات المتتالية لرقم الطوارئ 911، حيث يصف المتصلون حادثاً مروعاُ وقع في اتوستراد .Taconic State Parkwayلاحقاً، أصبح الحادث الذي وقع عام 2009 يُعرف بأنه أسوء حادث مرور أسفر عن قتلى في منطقة Westchester County خلال 30 سنة، حيث لاقى ثمانية أشخاصٍ مصرعهم، بما فيهم السائق، و(دايان شولر (Diane Schuler، مع ابنتها البالغة من العمر عامين، وثلاثة فتيات صغيرات كنَّ بنات أشقائها. يوثّق الفيلم عائلة (شولر)، و طلبهم بتجميع لحظات (دايان) الأخيرة معاً: لمَ قامت (شولر)، و هي أمٌ متفانية و مسؤولة، بقيادة سيارتها في الاتجاه الخطأ على أتوستراد Taconic State Parkwayفي طريق عودتها إلى المنزل من رحلة تخييمٍ عائلية؟
السبب في كونه مرعباً حقّاً: يحلل الوثائقي حياة امراةٍ تبدو ممسكةً بزمام أمور حياتها. قبل موتها، كان لدى (شولر) طفلين جميلين، كما كانت سعيدةً في حياتها الزوجية و ناجحةً في مهنتها التي تعود عليها بدخلٍ مرتفع. عندما يفصح الفيلم عن سبب قيادة (شولر) لحوالي 2 ميل، برفقة خمسة اطفال، في الطريق الخاطئ من الأوتوستراد، فإن المُشاهد يُصعق بأن السبب فظيعٌ لدرجةٍ لا تُعقل. يشدُّ الوثائقي المشاهدين، و في الوقت نفسه، يُربكنا بالسؤال الأزلي: كم تستطيع أن تعرف الأشخاص فعلاً على حقيقتهم؟
3- حدثٌ فاصل في حياة صبيBoy Interrupted(2009) :
حين بلغ (ايفانEvan ) ابن المخرجة (دانا بيري (Dana Perry الخامسة من عمره، لاحظت لديه اهتماماً غريباً بالموت و الاحتضار. سرعان ما اصطحبت بيري ابنها لمعالجٍ نفسي، و بدأت هي و زوجها المخرج أيضاً (هارتHart ) بتصور سلوكه الذي ما لبث أن ازداد غرابة. استمر الأبوان بتسجيل صراع ابنهما المضطرب مع الاكتئاب و اضطراب ثنائي القطب، و الذي انتهى بإقدامه على الانتحار في عام 2005، في عمر الخامسة عشرة. قدّم الأبوان الفيلم الوثائقي كتكريمٍ لذكرى ابنهما الذي حيّرهما و أرعبهما في آنٍ واحد.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: يُظهر (Boy Interrupted) أن الانتحار والأمراض العقلية لا تفرق بين شخصٍ و آخر. من الواضح أن المخرجين (هارت) و (دانا بيري) أبوين مهتمين بابنهما، و في كثيرٍ من الأحيان كانوا يضطرون لقلب حياتهم رأساُ على عقب لدعم ابنهما في صراعه. لكن نسبة الانتحار لدى المصابين باضطراب ثنائي القطب تبلغ 17%ـــ و تلك حقيقةٌ مقلقةٌ وضعها الوالدان في بداية الفيلم. عندما تشاهدون قصتهم تُعرض أمامكم، مع العلم بأنه لا يوجد شيءٌ لإيقاف تردّي وضع (إيفان) و انتحاره، ستشعرون بالذعر حقاً.
5- النّحس(2015) The Jinx:
يعرض الوثائقي الذي انتجته محطة (HBO) قصة (روبرت ديرست Robert Durst)، وريث أحد أقدم الشركات العقارية في نيويورك، و المشتبه به الأول في سلسلة من الجرائم الغريبة، بما فيها اختفاء زوجته (كاثلينKathleen ) في عام 1982. (The Jinx) هو سلسلةُ وثائقيةٌ قصيرة مؤلفةُ من ستِّ حلقات، توثق كلٌ منها الجرائم التي تورط بها (ديرست). بعد اختفاء زوجته، وُجدت صديقة (ديرست) المقرّبة (سوزان بيرمان Susan Berman) مقتولةً عام 2000، في الوقت الذي أُعيد فيه فتح قضية زوجته. يقوم (ديرست) بالتشبث ببراءته في كلا الجريمتين، و يهرب إلى .Glavston, Texas لكن حين تجده الشرطة بعد عام، تكتشف تورّطه بجريمةٍ جديدة )تمّ توجيه تهمةٍ له و احتجّ بذريعة الدفاع عن النفس). يقوم المخرج (أندرو جاريكي Andrew Jarecki)، و الذي قام بإخراج (All Good Things) في عام2010 استناداً على قصة (ديرست)، بفحص جرائم المتهم المزعومة، حيث يوثّق محاكمة الجريمة الأخيرة، و يبحث في احتمال كون (ديرست) مذنباً حقاً، أو كونه واحداً من أسوء الرجال حظاً على الإطلاق.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: يبدو (بوب ديرست) كالعمّ الغريب الأطوار الذي لا تلتقون به سوى في عيد الميلاد: فهو هادئ، و ذو مزاجٍ معتدل، و يمكن أن يكون محببّاً في بعض الأحيان. فكرة أن تقوموا بمشاهدته و هو يسرد حوادث موت أصدقائه دون أي عواطفٍ مثيرةُ للرعب، إضافةً إلى احتمال كونه قد قتل عدداً من الأشخاص بدمٍ بارد، و زِد على ذلك مظهر عينيه السوداوتين اللتين تبدوان كالخرز!
5- السمكة السوداء Black Fish (2013):
هل سبق و رأيت إعلاناتٍ عن عالم البحار، حيث يتكلم مدربوا الدلافين عن مدى حبهم للحيتان؟ إن هذا الوثائقي هو سبب وجود هذه الإعلانات في الأصل. إنه فيلمٌ رائع يروي قصة )تيليكوم (Tilikum، الحوت القاتل المحتجز الذي هاجم مدربةً في عالم البحار عام 2010. ما يبدأ كعرضٍ للحوت (تيليكوم)، و الذي،على ما يبدو، قام بالقتل سابقا، يتحوّل تدريجياً إلى تهمةٍ ضدّ عالم البحار برمّته.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: إن كان لديك ذكريات من أيام الطفولة في عالم البحار، فاستعد لتفسدها. تبدو الحيتان سعيدةٌ و هي تقدم عرضاً أمام الجمهور، لكن وفقاً للوثائقي، فما تلك إلا خدعة. إن مشاهدة مقاطع فيديو مسجلة لـ (تيليكوم) وهو يلعب مع مدربته (دون برانشو Dawn Brancheau) قبل مقتلها، مع معرفة ما سيحصل لاحقاً بينهما، لأمرٌ مرعبٌ حقاً.
6- عزيزي زكريا Dear Zachary (2008):
لا تقم ببحثٍ على الإنترنت عن هذا الفيلم. من الأفضل أن تبدأ بمشاهدته و أن تعرف أقل ما يمكن عما سيحدث.
دون أن نفصح عن الكثير، فإن الخلاصة هي كما يلي: إن هذا الوثائقي هوه محاولةُ المخرج (كيرت كوين Kurt Kuenne) لتخليد ذكرى صديقه المقرب (أندرو باغبي Andrew Bagby)، و الذي كان طبيباً قد قُتل على يد عشيقته (شيرلي تيرنر Shirley Turner). يقصدُ (كوين) الأصدقاء و العائلة ليحيوا ذكرى صديقه الراحل، و هنا يأخذ الفيلم منحىً مفاجىء. تقوم (تيرنر)، قاتلة (باغبي)، و هي محتجزة لدى الشرطة، بإعلان حملها بالشهر الرابع بطفل (باغبي). يتحوّل فيلم (كوين) حينها إلى شيءٍ مختلفٍ تماماً، حيث يقدّم نقداً للنظام القضائي في مقاطعة نيوفاوندلاند في كندا، و يفضح الصراع على قضية وصاية الطفل بين (تيرنر) ووالدي (باغبي)، و يوجّه رسالة إلى زكريا، ابن (باغبي)، تخبره عن الرجل الراحل الذي كان والده.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: لا يكتفي الفيلم بعرض تفاصيل مروّعة عن مقتل (باغبي)، بل يلجأ (كوين) أيضاً إلى عرض مقاطع فيديو لـ (تيرنر) و (باغبي) خلال فترة علاقتهما القصيرة. إن مشاهدة (تيرنر) و هي تتواصل مع (باغبي) أمام الكاميرا، و سماع ما فعلته بعد ساعاتٍ من موت (باغبي)، و رؤية مقاطع فيديو لها حين تصبح في النهاية أمّاً لطفله، سوف تشعرك بالقشعريرة كلما ظهرَت على الشّاشة.
7- الجسر The Bridge (2006):
يعدُّ Golden Gate Bridge واحداً من أكثر مقاصد السيّاح شعبيةً في العالم، و حسب هذا الفيلم، فهو أيضاً أكثر بقعةٍ يقصدها من ينوي الانتحار. خلال عامٍ كامل، قام المخرج (إيريك ستيل Eric Steel) و طاقمه بإمضاء مئات الساعات في تصوير Golden Gate Bridge، حيث نجحوا بالتقاط لحظات موت ما يقارب 24 شخصاً قاموا بالقفز من الجسر. يبدأ (ستيل) بعدها بإجراء مقابلاتٍ مع عائلات بعضٍ ممن أقدموا على الانتحار، و يحاول أن يكتشف ما الذي يجذب الكثيرين لهذا الجسر، و ما هو السبب الذي يدفع بهم لإنهاء حياتهم هناك.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: يقوم الفيلم بتصوير عددٍ من حالات الانتحار. يكفي قول ذلك.
8- الفردوس المفقود Paradise Lost (1996):
في عام 1993، تمّ اكتشاف ثلاث جثث أطفالٍ و قد تمّ التمثيل بها، في منطقة الغابات في ميمفس، ولاية أركانساس. بعد اعتراف مراهقٍ باشتراكه بالجريمة، سرعان ما يتم اعتقال ثلاث مراهقين لارتباطهم بالجريمة، و تتم محاكمتهم، حيث وُجدوا مذنبين. قد تبدو هذه القضية منتهية، أليس كذلك؟ كلّا. إن الفيلم الذي يتابع عائلات الضحايا و المتّهمين خلال مرحلة المحاكمة و ما بعدها، هو بحد ذاته وثائقيٌ عن جريمة حقيقية، كما يوجه الفيلم تهمةً لنظام العدالة الجنائية في البلدة الصغيرة. هل تمّ إرغام أولئك المراهقين على الاعتراف؟ هل تمّ حقاً إلقاء القبض على القتلة؟
السبب في كونه مرعباً حقّاً:إن لم تكن بداية الفيلم التي تعرض ثلاث طفال مشوّهين مرعبةً بما فيه الكفاية، فإن الفيلم بأكمله يعجُّ بإعاداتٍ مفصّلة لسرد وقائع الجريمة. ولكنّ أكثر جزءٍ مرعبٍ من الفيلم هو إدراك المشاهد المتزايد بأن المراهقين الثلاثة المتّهين بالجريمةـــ (داميان إيكولز Damien Echols)، (جيسي ميسكيلي Jessie Misskelley)، )جيسون بولدوين Jason Baldwin)ـــ قد يكونون في الحقيقة أبرياء. تمّ إتباع الوثائقي الحائز على جائزة إيمي Emmy بجزئين آخرين في عامي 2000 و 2011، حيث وثّق آخرهما إطلاق سراح المراهقين الثلاثة.
9- الدّجال The Imposter (2012):
في عام 1994، عندما يختفي (نيكولاس باركلاي (Nicholas Barclay البالغ من العمر 13 عاماً، تبدأ عائلته تدريجياً بتقبّل إمكانيّة عدم عودته إلى المنزل. لكن بعد ثلاث سنوات، في عام 1997، تقوم عائلة (باركلاي) بتلقّي مكالمةٍ هاتفية تفيد أنّه قد تمّ العثور على (نيكولاس)، وحيداً و مذعوراً، في إسبانيا، التي تبعد آلاف الأميال عن بلدته في تكساس. ترحّب عائلته بعودته، وسطَ ذهولٍ و سعادةٍ غامرة. لكن سرعان ما يتضح أن الصبي الذي اختفى قبل ثلاث سنوات، هو بالفعل شخصٌ مختلفٌ كليّاً عن ذاك الذي عاد للمنزل.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: بما أن عنوان الوثائقي هو (الدجّال)، يتجلّى بوضوحٍ منذ البداية بأن الشخص الذي يدّعي كونه (نيكولاس باركلاي) ليس في الحقيقة (نيكولاس باركلاي). لكن أي نوعٍ من الأشخاص قد يُقدم على انتحال شخصية صبيٍّ مفقود؟ يتمكّن المخرج (بارت لايتون Bart Layton) من القيام بمقابلاتٍ فردية مع الرجل الذي انتحل شخصية (باركلاي). عندما يقوم المشاهدون بسماعه يسرد كيفية قيامه بالتلاعب بعائلة (باركلاي)، حيثُ كثيراً ما يبتسم و يضحك و هو يتلو القصة، فسوف تجري القشعريرة في أجسادهم.
10- ألبيرت فيش: الذي وجد الخلاص في الإثم Albert Fish: In Sin He Found Salvation (2007):
لقد كان (ألبيرت فيش) واحداً من أكثر القاتلين المتسلسلين انحرافاً في الولايات المتحدة الأمريكية، و مع الأخذ بعين الاعتبار أن القاتلين المتسلسلين منحرفون حقاً في الأصل، فإن وصفه بهذه الطريقة يخبرنا شيئاً عنه. لقد عانى (فيش) منذ صغره من اضطراباتٍ عقليّةٍ حادّة، و بدأ في مراهقته بتجريب المحظورات الاجتماعيّة، متّجهاً في نهاية المطاف للدّعارة، التحرّش بالأطفال، و القتل. يقدم هذا الوثائقي تفاصيل فظيعة عن مئاتٍ من جرائم القتل، و التي تمّ ربطها بـ (فيش)، و الطرائق البشعة التي تخلص بها من الجثث بعدها.
السبب في كونه مرعباً حقّاً: لقد كان (فيش) صريحاً جداً فيما يتعلّق بجرائمه، كما أبقى على رواياتٍ مفصّلةٍ حولهم، كتبها بضمير المتكلّم، تمّت قرائتها خلال الفيلم. في مرحلةٍ ما، يقوم (فيش) بذكر تفاصيل جريمة قتل طفلةٍ صغيرةٍ في رسالة، و يبعث بها لوالدتها. من المستحيل الاستماع لما فعله (فيش) أو رؤية تمثيلياتٍ له و هو يمشي مع ضحاياه يداً بيد، دون الشعور بالذعر المطبق.
المصدر: هنا