قال العُلماء من “المعهد الوطني للمعايير التقنية” «NIST» أنهم تمكنوا من خلق أول جُزيئات في العالم مصنوعةٌ من الضوء. بُني عملهُم على بحث مُسبق حول إمكانية ما يُعرف بالحالة “الفوتونية”، تطوّرت من شكلها البسيط الى هذه التراكيب المُتعددة ذات الأجزاء الجديدة. قالوا أنها حالةٌ جديدةٌ كُلياً من حالات المادة، كانت نظرية فقط في الطبيعة، ويعتقدون بإنها ستكون الأساس لطُرق جديدة في التقنية المبنية على الضوء.
أحد أهمّ المبادئ الأساسية في دراسة الضوء هي الفوتونات، تُمثّل وحدة الضوء، وتكون معدومة الكُتلة ولا تتفاعل مع بعضها البعض. لخلق شيءٍ مثل الحالة الفوتونية، من الضروري أن نكون قادرين على إبقاء الفوتونات في تفاعل مُستمر مع مرور الوقت، وقد أُعتقد تقليدياً إن هذا الشيء مُستحيل.
في عام 2013م، تمكن العديد من نفس المُشاركين في دراسة “المعهد الوطني للمعايير التقنية” من جعل إحدى تراكيب الفوتون مُتداخلة عن طريق رصفهُم واحداً فوق الآخر.
أُطلِقَ الفوتونان نحو سُحابة من ذرات عُنصر “الرابيديوم” فائقة البرودة في غرفة مُغلقة، مما سبب فُقدانهما لـ جزء واسع من الطاقة التي كانا يحملانها للذرات المُبردة حولهما، لذلك قلت سُرعتهُما بشكلٍ ملحوظ. عندما يدخل الفوتون الثاني للسحابة والتي تأثرت بدخول الأول، يَلحق الفوتون الأول ويبدأ التفاعُل.
ما يهُمّ إنّ الفوتونات تتفاعل فقط عن طريق سَحابة بوسط يمتلك ذرات عُنصر الرابيديوم – كُل فوتون يؤثر على السَحابة، والذي بدوره يؤثر على فوتون آخر، ومن ثمَّ يؤثر على السحابة، وتستمر العملية. هذا يقود إلى آلية الدفع والسحب والتي تُسبب للفوتونين الخروج من السحابة كـ فوتون واحد، والأكثر أهمية، بقائهم كـ واحد. إذ يتداخلون بشكلٍ مثالي، يتحركون ويسلكون سلوك وِحدة مُضافة واحدة.
في وقتها، قال الباحثون إنّ هذا لم يكُن كـ سيوف فلم حرب النجوم «Star Wars» الضوئية المُتقاطعة، والتي يقوم فيها مصدرا ضوء فيزيائياً بـ صدّ إحدهُما الآخر. هذا التشبيه لا يُعطي معنىً واضح، حقاً، لكنهُ يصنع النُقطة الأساسية التي نمتلك فيها هُنا محاور من الضوء تتفاعل مادياً، والذي أُعتقد في السابق أنهُ شيءٌ مُستحيل. هذه العملية لازالت تتطلب مكائن كبيرة و درجات حرارة “باردة جداً”، بدلاً من مقبض سيف مصنوع ذاتياً مع بلورات كريستال في داخله.
الدراسة أخذت هذا المفهوم خطوة نحو الأمام عن طريق جعل إثنين من الفوتونات “جُزيئات”، والتي لا يتداخلون فيها بصورة مثالية، لكنهم يتحركون جنباً إلى جنب بتناسُق يشبه إلى حدٍ كبير حركة ذرتين داخل جُزيئة في حالة المادة الطبيعية.
تراكيب الفوتونان الإثنان تنشأ من إختلافات طفيفة أثناء عملية إطلاق الفوتونات، ينشئون ويُسافرون بمسافة ثابتة عن أحدهما الآخر.
النتائج لهذه التقنية يُمكن أن تكون هائلة. العديد من أكثر تقنياتنا الحساسة مُعتمدة على الضوء، من الإتصالات عن طريق أسلاك الألياف الضوئية إلى الفحص المجهري وإلتقاط الصور على نطاق عالمي. القابلية على التحكُم بسلوك الفوتونات بهذهِ الطريقة مُمكن – إذا كان سهلاً بما فيه الكفاية – أن يسمح لكُل موجة أن تحمل المزيد من المعلومات عوضاً عن مُجرّد (نعم\لا، تشغيل\إيقاف) – الحالة العامة من تراكيب الفوتونات المُتعددة يُمكن عندئذ أن تكون إشارة، ومن يعرف كم عدد الحالات القابلة للإختلاف تكون قادرة على حملها؟
إنه لمن المُبكر أن نتحدث الكثير عن التطبيقات المُمكنة، ولكنهُ جزء من خيط أساسي من البحث عن طبيعة الضوء، وإذا أستمرّ مزيداً بما فيه الكفاية، يُمكن لهُ أن يُغير علاقتنا بإكملها مع الفوتونات.
المصدر: هنا