وجدَ الباحثون في المركز الطبي الجنوب غربي في جامعة ولاية تكساس طريقةً جديدة تُنظم عن طريقها ساعات الجسم الداخلية وذلك من خلال نوع من الجزيئات تُعرف بال RNA الطويل غير المُرمِّز.
ساعات الجسم الداخلية، التي تعرف بالساعات اليوماوية، تنظم الايقاعات اليومية لوظائف الجسم، من المشي الى النوم إلى درجة الحرارة والجوع. إنها مضبوطة لتكون طول دورتها 24 ساعة وتتأثر هذه الدورة بالاشارات الخارجية كالضوء والحرارة.
“بالرغم من أننا نعلم أن الـ RNA الطويل غير المُرمِّز متواجد بوفرة في كثير من الكائنات، ولكن وظيفتهُ وطريقة عملهُ غير واضحة لدينا الى الان”، كما قال الدكتور (يي ليو) البروفيسور في الفسلجة. “عملنا يُثبت دور الـ RNA الطويل غير المُرمِّز في تغيير مسار الساعات اليوماوية، ولكن يُبَين أيضاً كيف تتحكم جزيئات الـ RNA هذه بعملية التعبير الجيني”.
تحديد طريقة عمل الساعات اليوماوية أساسيٌّ لفهم بضع امراض تصيب الانسان، كإضطرابات النوم والكآبة حيث يصيب الساعة إختلالٌ وظيفي. تأثير الساعة الوظيفية واضح في الإداء المنخفض للعمال الذين يعملون بالتناوب لساعات إضافية وفي التعب الشديد الذي يُصيب المسافرين في الرحلات الطويلة.
دكتور (ليو) وفريقه كانوا قادرين على الاحاطة بمعلومات جديدة عن الايقاعات اليوماوية عن طريق دراسة الشبكات النموذجية المكونة لعفن الخبز (Neurospora crassa). وجدَ الباحثون أن التعبير عن جين الساعة والذي يُسمى (frq) يُنظم بواسطة RNA طويل غير مُرمِّز والذي يُسمى qrf (عكس frq) – وهي عبارة عن جزيئة RNA مُكمّلة أو مضاد إستنساخ ل frq. على النقيض من جزيئات الـ RNA الاعتيادية، (qrf) لا تُشفّر لبروتين معيّن، ولكنها تتحكم في كمية بروتينات (frq) المنتَجة ومسؤولة أيضاً عن إعطاء الضوء الاخضر لعملية الانتاج هذه.
تحديداً، (qrf RNA) يُنتج إستجابةً للضوء، وبعدها يتدخل في إنتاج بروتينات (frq). وهكذا، بإمكان (qrf) أن يعيد تنظيم الساعة اليوماوية بطريقة تعتمد على الضوء. هذا التنظيم يمكن أن يعمل في كلا الاتجاهين: (frq) بإمكانه أن يمنع إنتاج (qrf). هذا المنع المتبادل يضمن أن كلاً من (frq) وجزيئات (qrf RNA) ستكون دائمة التواجد في أطوار متعاكسة من الساعة الداخلية وهذا يسمح لكل نوع منهما أن يتذبذب بشدّة. بدون (qrf)، ستختل الايقاعات اليوماوية الطبيعية، مما يشير إلى أن الـ RNA الطويل غير المُرمِّز ضروري لعمل الساعة الداخلية.
كما قال دكتور (ليو) تلميذ لويس خان في البحث الطبي البايولوجي. “نحن نتوقع وجود انظمة مشابهة لهذا النظام تعمل في كائنات أخرى لأن جزيئات RNA مشابهة تُرمّز لجين الساعة وُجدت في الفئران. بالاضافة الى ذلك، مثل جزيئات الـ RNA هذه بإمكانها أن تعمل أيضاً في عمليات بايولوجية أخرى بسبب وجودها بوفرة في الجينوم (مجموع جينات الكائنات الحي [المترجم])”.
الباحثون في جنوب غرب جامعة ولاية تكساس هم الرائدون في حل خيوط لغز الشبكة الجينية التي تكمن وراء الساعات اليوماوية في الجسم وأثبتوا أن معظم أعضاء الجسم، كالبنكرياس والكبد، لديها ساعاتها الداخلية الخاصة بها، كما تحتوي كل خلية من خلايا الجسم تقريبا على هذه الساعة. تبيّن الان أن هذه الساعات والجينات المتعلقة بها – أُكتشف منها عشرين جين – تؤثر تقريباً على جميع مسارات الخلايا الأيضية، من تنظيم مستوى السكّر في الدم الى إنتاج الكولسترول.
“وتُضاف هذه الدراسة الى أعمالنا البحثية السابقة التي بيّنت الوجود المطلق للساعات اليوماوية عبر ألانواع الحية، بما في ذلك الانسان، ودورها في التنظيم الأيضي في الخلايا، الأعضاء، والكائنات الحية”، كما قال دكتور (مايكل سيمسا) مدير برنامج في شعبة علم الوراثة وعلم الأحياء التنموي في المعاهد الوطنية للعلوم الطبية العامة، التي مولت هذا البحث جزئياً. “هذه النتائج الجديدة من دكتور (ليو) وأصدقائه وسعّت بصورة تتجاوز الفهم وظيفة الـ RNA المضاد للإستنساخ في الضبط الدقيق للإيقاع اليومي للخلايا؛ إن هذه النتائج زودتنا بمثال عن الطريقة التي من خلالها يقوم الاستنساخ المضاد بتنظيم عمليات جزيئية وفيزيولوجية أخرى أساسية في الخلايا والكائنات الحية”.
المصدر: هنا