علانيةً، يُعرف لورنس كراوس (Lawrence M. Krauss)، أُستاذ مؤسس في جامعة أيرزونا، بِجعلهُ العِلم أكثر برودة من الخيال العلمي في كِتابهُ «فيزياء ستار تريك» The Physics of Star Trek (الكُتب الأساسية، 2007). ولكن على الصعيد العلمي، يُعرف كراوس بِطرحهِ للسؤال المُطلق: لمَ هُناك شيء بدلاً من لاشيء؟
يقول كراوس، يَنبعُ العالم من لاشيء. هذا يجعلُنا نشعُر بعدم الإرتياح، جُزيئياً لأن ذلك خروجاً شاسعاً لما إعتدنا الإعتقاد بهِ. ولكن «الكون لم يوجد لجعلنا سُعداء».
لذلِك تذكر عندما تشعُر بالصُغر والخوف.
كم من المُذهل والمُستبعد ولادَتكَ
والصلاة لوجود حياة ذكية على كوكبٍ ما في الفضاء
والسبب وجود فتى هُنا على الأرض.
التوتُرات التي سببتها أغانية المجرة Galaxy Song¹ لمونتي بايثون، وتأخذ بالسُخرية من أهمية وجود الإنسان. ويدوي صداها خلال قاعة المُحاضرات في صالة الألعاب الرياضية رادكليف. هذه الأسطر من المُقدمة مناسبة للمُحاورة التي نحنُ على وشك سماعها من الأستاذ لورانس كراوس من جامعة أيرزونا. يُجيب عالم الكونيات التهكُمي الرائع الأسئلة الاساسية- من أين أتينا وإلى أين ذاهبون- بكلمة واحدة، إلى لاشيء..
تلكَ الأسئلة وإجابتها هي مِحور إهتمام أُستاذ علم الفلك في هارفرد والمُستشار السابق في مجلة رادكليف العلمية ديميتار ساسيفو (Dimitar Sasselov). عندما قَدم ساسيفو كراوس، لاحظ إهتمامتهما المُشتركة في إصولنا: وجه كلا الإستاذان مبادرات مُتعددة الإختصاصات في فهم أصولنا الكونية والكيميائية، مبادرة أصول الحياة في هارفارد و مشروع دولة أريزونا لإصول الحياة (Harvard’s Origins of Life Initiative and Arizona State’s Origins Project.)
من لاشيء إلى لاشيء
قبل 100 سنة فقط، كُنا نعتقد أننا نعيش في مجرة وحيدة مُحاطة بفراغ أبدي واسع. ولكن إكتشاف مجرات خارج مجرتنا مُؤخراً بيّن أن كوننا بحالة تمدُد. مما يدُل على وجود أصل. والكون الذي تكون لهُ بداية ستكون له نهاية بالطبع. يُفسر كراوس «أصبحَ السؤال المحوري في الكونيات في القرن العشرين هو: هل سينتهي الكون بدوي مفاجيء أو بأنين مُنخض؟». محاولات الكونيين للإجابة على هذا السؤال لم تجلُب سوى المزيد من الأسرار مثل الطاقة المُظلمة والقوة الطاردة التي تعُم الكون وتجعلهُ يتمدد بِسُرعة أسرع مما مضى.
ويُفسر كراوس، الطاقة المُظلمة، كما تبين، تأتي من الفراغ. وأوجه الشك في ميكانيكا الكمّ تحول ما يُدعى بالمساحة بين المَجرات إلى «فقاقيع شراب مُهتاجة من جُسيمات إفتراضية التي تُنبثق للداخل وللخارج إلى الوجود في فترات زمنية قصيرة جداً. حيثُ إنكم لا تروهم».
ينطَبق المفهوم نفسهُ على الكون، خارج الفجوة الفارغة تماماً، كوننا بأكملهُ إنبثاقات عشوائية لداخل ولخارج الوجود، جاعلةً حتى قوانين الفيزياء عرضية أيضاً. وقدّ صادف إننا نعيشُ في كون مُزوداً بمجموعة حقيقية من القوانين لدعم الحياة البشرية- ولن نكون موجودين لولاها.
لذا كيف سينتهي كُل هذا؟ في حين أنه بدأ من لاشيء. بعد فترة طويلة من تلاشي كُل نجومهِ ومجراتهِ، سيستمر الكون بالتوسع بارداً وفارغاً. ويُضيف كراوس «الجواب على السؤال، لمَ هُناك شيء بدلاً من لاشيء، هو في الواقع بسيط» ويُضيف أيضاً «ليس علينا سوى الإنتظار، لن يطول الأمر». بهذا النوع من الفُكاهة قد يُدرك معجبوا مونتي بيثون (Monty Python) ذلك. يغلق كراوس المُحاضرة من خلال النظر إلى الجانب المُشرق من الحياة قائلاً «بدلاً من الإكتئاب بتفاهة مُستقبلنا البائس، دعونا نستمتع بلحظة وجيزة في الشمس».
الهوامش:
(1): Galaxy Song هي أغنية لمونتي بيثون كتبها إيرك ايدل الذي ألفها مع جون دو بيريز . ظهرت الأغنية لاول مرة في العام 1983 وأعيد إطلاقها في البوم مونتي بيثون الجديد للعام 2014. وتحتوي كلمات الأغنية على عدد من الحقائق والأرقام الفلكية.
المصدر: هنا