كان جوزيف ستالين ـ الذي توفي قبل 60 عاماً ـ رجل قصير القامة نوعاً ما. كان إبناً لأحد الفقراء الذين أُسيئت معاملتهم. والده كان سكّيراً. الاسم الكامل لستالين هو جوزيف فيساريونوفيج جوكَاشفيلي.
رغم ذراعاه الذابلتان، ووجهه الذي تشوبه بثور إصابته السابقة بالجدري، إلا أنه يقف طويل القامة باعتباره واحداً من أشهر القتلة في التاريخ.
إستمر حكم ستالين الوحشي لمدة 30 عاماً كحاكم مطلق للاتحاد السوفيتي. ظهرت أثناء فترة حكمه الكثير من الفضائع، بما في ذلك عمليات التطهير، والطرد، والتهجير القسري، والسجن، ومعسكرات العمل، والمجاعات المصطنعة، والتعذيب، واعمال القتل الجماعي، والمجازر ـ بغض النظر عن الحرب العالمية الثانية ـ أي حصيلة كاملة من قوائم القتل والتي من المرجّح أن لا تُعرف ارقامها أبداً!!
لقد كان ستالين مريضاً نفسياً ومُصاباً بجنون العظمة ويمتلك عقلية عصابات. وقد قضى ستالين على أي شخص يشكّل تهديداً بسيطاً لسلطته بما في ذلك حلفاءه السابقين. لم يكن لديه أي إعتبار لقدسية الحياة البشرية.
ولكن ما هي الأعداد التي قتلها ستالين؟
في شهر فبراير من عام 1989 ـ أي قبل عامين من سقوط الاتحاد السوفيتي ـ كتب المؤرخ الجورجي روي الكندروفيتش ميدفيديف ورقة بحثية نُشرت في الصحيفة الاسبوعية Argumenti i Fakti وجاء فيها أن التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى الذين قُتلوا أثناء حكم ستالين بلغوا حوالي 20 مليوناً، يُضاف لهم 20 مليوناً آخرين قتلى الجنود السوفيتيين والمدنيين الذين لقوا حتفهم في الحرب العالمية الثانية، ليصبح رصيده الإجمالي 40 مليوناً!!
يقول ميدفيديف ناشر البحث لمجلة نيويورك تايمز في ذلك الوقت: “إنه من المهم نشر تلك الأرقام، رغم أن المسألة مرعبة فعلاً”. ثم اضاف ميدفيديف: ” من ضمن المقتولين كان والدي”.
وتضمنت الملفات التي حصل عليها ميدفيديف حلقات مأساوية أخرى. مليون شخص ما بين منفي ومسجون بين عامي 1927-1929. اضافة إلى 11 مليوناً من الأشخاص أُجبروا على ترك أراضيهم. فضلاً عن 3 ملايين آخرين من الفلاحين تم إرسالهم إلى برنامج العمل الجماعي الشامل. يضاف لهم 7 ملايين شخص ماتوا بسبب المجاعة الإصطناعية في السنوات 1932-1934. مليون شخص تم نفيهم من موسكو ولينينغراد عام 1935، ومليون شخص آخرين تم اعدامهم خلال عهد الارهاب العظيم في السنوات 1937-1953.
على الرغم من أن ليس كل المذكورين قد توفي لأسباب غير طبيعية ـ كالمجاعة مثلاً ـ إلا أن تقديرات ميدفيديف عن الـ 20 مليون حالة وفاة من غير المقاتلين يعتبر تخميناً متحفظاً!!
في الواقع، فإن ألكسندر سولجينتسين عملاق الأدب الذي كتب أرخبيل الغولاغ، كتب كتاب بعنوان harrowingly حول نظام المعسكرات السوفيتية، وقد ادّعى أن عدد الضحايا الحقيقي لستالين يصل إلى 60 مليون نسمة.
معظم تقديرات الأكاديميين والمؤرخين ذوي السمعة الحسنة تتراوح بين 20 إلى 60 مليوناً من الاشخاص!!
في كتابه “الوفيات غير الطبيعية في الاتحاد السوفيتي: 1928-1954” يُقدّر آي. جي. ديدكين أن الاتحاد السوفيتي شهد 62 مليوناً من حالات الوفاة غير الطبيعية بينها ما بين 34 إلى 49 مليوناً مرتبطة مباشرة بستالين.
أما في كتاب”أوربا والتاريخ”، أحصى المؤرخ البريطاني نورمان ديفيز 50 مليوناً قتلوا في الفترة بين 1924-1953 بأستثناء الخسائر البشرية في زمن الحرب!. بينما قدّر ألكسندر نيكولايفيتش ياكوفليف، وهو سياسي ومؤرخ سوفياتي، إن 35 مليون حالة وفاة خلال حكم ستالين. إن الذين حاولوا التقليل من التقديرات على اساس البحوث التي اجروها اعترفوا ان حساباتهم غير كافية.
في كتابه “الارهاب العظيم: عمليات التطهير الستالينية في الثلاثينات” يقول المؤرخ الانكلوامريكي روبرت كونكويست: “حصلنا على الرقم 20 مليوناً من القتلى في عهد ستالين، وتكاد تكون أرقاماً منخفضة جداً. ربما يتطلب الأمر زيادة 50% أو نحو ذلك”.
بالاضافة إلى ذلك هناك أقوال منسوبة إلى ستالين تعكس التجاهل التام لهذا الرجل للحياة البشرية: “الموت هو الحل لجميع مشاكل البشرية”، أو “لا رجل، لا مشكلة ـ كناية عن رجل يعارض فكرته ـ” وكذلك: “وفاة شخص واحد مأساة، أما وفاة مليون فمسألة إحصائية”.
هناك مشكلة تواجه إحصاء المجموع الكلي للخسائر والقتلى تقع على عاتق عدم اكتمال وعدم موثوقية السجلات السوفيتية. ومعضلة أخرى هي أن العديد من الوفيات ـ مثل الموت جوعاً في المجاعات ـ قد يكون أو لا يكون متصلاً اتصالاً مباشراً بسياسات ستالين.
على أية حال، إذا كان الرقم هو 60 مليوناً من القتلى فأن ما معدله 2 مليون إنسان قد قتلوا كل سنة في عهد ستالين الرهيب أو 40 ألف شخص كل اسبوع، وهذا خلال وقت السلم. إذا كان أقل تقدير ناخذه وهو 20 مليوناً فأن عدد الوفيات اليومية هي 1830. وهكذا يمثل نظام ستالين أكبر آلة للقتل بأستثناء فترة حكم الرئيس الصيني ماو تسي تونغ.
المصدر: من هنا