تقديم: مات دافيس
بتاريخ: 21. نوفمبر. 2019
لموقع: BIGTHINK.COM
ترجمة: هندية عبد الله
تصميم الصورة: حسن عبدالامير
كشف تحليل حاسوبي حديث أنه بالإمكان استخدام ملايين المركبات الكيميائية المحتملة لتخزين المعلومات الوراثية. وهذا بدوره يثير السؤال الآتي- لماذا حمض الـ DNA بالذات؟
- تنص العقيدة الأساسية في علم الأحياء على أن المعلومات الوراثية تتدفق من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA إلى الحمض النووي الريبوزي RNA وصولاً إلى البروتينات. لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن هذه الطريقة قد لا تكون الطريقة الوحيدة التي نشأت على أساسها الحياة.
- كشف تحليل حاسوبي متطور أنه بالإمكان استخدام ملايين الجزيئات الأخرى لتحل محل الحمضيين النوويين الـ DNA والـ RNA والقيام بوظيفتهما.
- ترتب عن النتائج آثار مهمة في تطوير عقاقير جديدة، ومعرفة أصل الحياة على الأرض، واحتمالية وجودها في باقي الكون.
وبعبارة بسيطة، تؤكد ما تعرف بالعقيدة الأساسية لعلم الأحياء بأن المعلومات الوراثية تتدفق من الحمض النووي الـ DNA إلى الحمض النووي الـ RNA وصولاً إلى البروتينات، وبمجرد أن تمر هذه المعلومات وتصل إلى البروتين، فلا يمكن أن تعود على شكل حمض الـ DNA أو حمض الـ RNA مرة أخرى. إن سبب تسميتها بالعقيدة الأساسية لأنها تبدو شاملة لجميع الكائنات الحية. وقد استثنت النسخة المعروفة للعقيدة الأساسية بعض الحالات للتدفق الخطي الموصوف فيها- فيمكن للمعلومات أن تمرر ذهاباً وإياباً بين الحمضين النوويين الـ RNA والـ DNA، أو بين الحمضين النوويين الـ DNA وDNA أو بين الحمضين النوويين الـ RNA وRNA، ولكن ستظل العناصر الفاعلة والأساسية هي ذاتها: حمض الـ DNA وحمض الـ RNA والبروتينات.
ولكن ماذا لو لم تكن تلك هي المسألة؟ فهل يمكن تخزين المعلومات الوراثية في وسائط أخرى غير الحمضيين النوويين الـ DNA والـ RNA؟ يشير بحث جديد نشرته دورية المعلومات الكيميائية والنمذجة Journal Chemical Information and Modeling إلى أن تخزين المعلومات الوراثية لن يكون بمجرد حفنة من الجزيئات البديلة، بل بالملايين من الجزيئات.
الملايين من الغايات المفيدة
تؤكد العقيدة الأساسية في علم الأحياء أن المعلومات الوراثية نُسِخَت من الحمض النووي الـ DNA والحمض النووي الـ RNA، حيث تترجم هذه المعلومات بعد ذلك إلى نواتج مفيدة مثل البروتينات. وعلى أية حال فإن هذا البحث الجديد يشير إلى أن حمض الـ DNA وحمض الـ RNA ليسا سوا خيارين من بين ملايين الأحماض الأخرى.
توجد نظائر للأحماض النووية، ويعتبر الكثير منها أساساً للعقاقير المهمة لعلاج الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز والتهاب الكبد وكذلك لعلاج السرطانات، ولكن حتى وقت قريب، لم يتيقن أحد من عدد نظائر الحمض النووي غير المعروفة التي يمكن أن تكون موجودة هناك.
قال جيم كليفز المؤلف المشارك: “يوجد نوعان من الأحماض النووية في علم الأحياء،”
“لربما 20 أو 30 من الأحماض النووية الفعالة المرتبطة بنظائر الأحماض النووية. لقد أردنا معرفة هل بالإمكان العثور على نوع آخر أو الملايين من الأنواع الأخرى. الإجابة هي، يبدو أن هناك الكثير بل أكثر مما كان متوقعاً.”
قرر كليفز وزملاؤه إجراء تحليل كيميائي للفضاء – في الأساس، تقنية حاسوبية متطورة تولد كل الجزيئات الممكنة التي تعمل وفق مجموعة من المعايير المحددة. في هذه الحالة، كانت المعايير هي العثور على مركبات يمكن أن تكون بمثابة نظائر للحمض النووي وكوسيلة لتخزين المعلومات الوراثية.
قال ماركوس ميرينجر المؤلف المشارك: “لقد فاجأتنا نتيجة هذه الحوسبة”. وأضاف، “سيكون من الصعب جداً التقدير بصورة مبدئية بوجود أكثر من مليون حمض نووي شبيه بالسقالات. ندرك ذلك الآن ويمكننا النظر في البدء في اجراء اختبارعلى بعض منها في المختبر.”
وعلى الرغم من أن البحث لم يستهدف نظائر محددة، لكنه قدم بالفعل قائمة طويلة من المرشحين لاستكشافهم حتى تستخدم كأدوية لأمراض خطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو السرطان. وأشار البحث بأن هنالك احتمال أكثر إثارة للاهتمام وهو بأن الحياة نفسها عندما اتخذت خطواتها الأولى للنشوء، ربما تكون قد استخدمت إحدى هذه المركبات البديلة.
يعتقد العديد من العلماء أنه قبل أن يصبح الحمض النووي الـ DNA الوسيلة السائدة لتخزين المعلومات الوراثية، فقد استخدمت الحياة حمض الـ RNA لتشفير البيانات الوراثية ونقلها إلى الأبناء. يعود ذلك جزئياً إلى أن حمض الـ RNA يمكنه بطريقة مباشرة إنتاج البروتينات، وهو ما يعجز عنه حمض الـ DNA بمفرده, بالإضافة لكونه هيكلاً ذا تركيبةٍ أبسط من حمض الـ DNA. ومع مرور الزمن، من المحتمل أن الحياة بدأت في اختيار استخدام حمض الـ DNA للتخزين نظراً لمقدرته على الاستقرار بشكل أكبر, والاعتماد على حمض الـ RNA كوسيط لإنتاج البروتينات. لكن حمض الـ RNA بمفرده ما يزال مركباً معقداً للغاية وغير مستقر إلى حد ما. أغلب الظن، أن شيء ما أكثر بساطة جاء قبل حمض الـ RNA، ربما باستخدام بعض نظائر الحمض النووي المحددة في هذه الدراسة.
مجرة من نظائر الأحماض النووية
لا يسلط هذا الضوء فقط على كيفية بدء الحياة على الأرض، ولكن له أيضاً آثاراً على حياة الكائنات الفضائية أيضاً. قال جاي جودوين المؤلف المشارك، “من المثير حقاً النظر في إمكانية وجود نظم جينية بديلة تعتمد على النيوكليوزيدات المماثلة – والتي من المحتمل أن تكون قد نشأت وتطورت في بيئات مختلفة، لربما حتى على الكواكب أو الأقمار الأخرى داخل نظامنا الشمسي. قد توسع هذه الأنظمة الجينية البديلة مفهومنا لـ “العقيدة الأساسية” لعلم الأحياء إلى اتجاهات تطورية جديدة، استجابة فعالة للتحديات البيئية المتزايدة هنا على الأرض. “
عندما نبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، غالباً ما نبحث عن دلائل للحمضين النوويين الـ RNA والـ DNA، ولكن قد يكون ذلك نطاقاً ضيقاً للغاية. في نهاية المطاف، إذا وجدت الملايين من البدائل، فمن الضروري أن يكون هنالك شيئاً مميزاً بالفعل يجعل الحياة تفضل فقط استخدام الحمضين النوويين الـ DNA والـ RNA بشكل عام.
المصدر: هنا