بقلم: ستانلي ماك كريستل
ترجمة: رحاب الهلالي
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
يشرح ستانلي بالضبط لماذا يبدو قاسم سليماني بهذه الخطورة.
” القرار وليس الفعل هو الأصعب في العادة “
في ٢٠٠٧ شاهدت موكباً يمر من إيران إلى شمال العراق. كنت أخدم في قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية لمدة اربع سنوات. والتي تتلخص مهامها بتحجيم الارهاب الذي ضرب المنطقة. كنت امارس مهامي المعتادة في اتخاذ القرارات الصعبة. ولكن في تلك الليلة من شهر كانون الثاني كان القرار معقد ودقيق. في الواقع سواء كان ذلك القرار يتضمن مهاجمة الموكب الذي يضم سليماني رئيس فيلق القدس الإيراني (منظمة تمثل خليطاً من جهاز الاستخبارات ووزارة الدفاع في الولايات المتحدة ) أم لا.
كانت هناك أسباب مقنعة لاغتيال سليماني. في ذلك الوقت، كان هناك عبوات إيرانية الصنع تزرع على جانب الطريق الذي تمر فيه العربات الامريكية مما يودي بحيوات الكثير من الأمريكيين. ولكن لتجنب نار المعارك والتعقيدات السياسية التي قد تنشأ قررت أن نراقب الموكب لا أن نقصفه مباشرة. ولكن في الوقت الذي وصل فيه الموكب إلى اربيل إستل سليماني نفسه واختفى في الظلام.
في تلك الأيام كان سليماني لا يزال خارج دائرة الضوء. تدرج سليماني من ضابط في الجيش إلى شبح يحرك اللاعبون في المسرح خلف الستار معتمداً على هدوئه وذكائه ومثابرته في تسيير السياسة الخارجية الايرانية.
عبقريته والتزامه تجاه قضايا بلاده كانت موضع تبجيل من قبل رؤسائه واستنكار من قبل اعدائه بذات القدر. على كل حال فإن ما اتفق عليه الجميع بشأنه، كان أنه القائد المتواضع الذي يبسط يده لقيادة السياسة الخارجية الايرانية لعقود وليس هناك انكار لنجاحه في ساحات المعارك. يمكن القول أن سليماني هو اللاعب الاقوى في الشرق الأوسط اليوم. في تقرير لوزارة الدفاع الامريكية قالت أنه أدار الحرب الأهلية السورية (عبر وكلاء إيران المحليين) لصالحه.
لهجة سليماني الرقيقة الهادئة لا تشي مطلقاً بجذوره الخشنة. نشأ سليماني وسط المنطقة الجبلية الفقيرة شرق ايران. واختبر تجارب قاسية في وقت مبكر من حياته عندما كان والده غير قادر على تسديد ديونه، عمل الفتى سليماني ذو الثلاثة عشر عاماً على تسديدها بنفسه.
كان يمضى وقت فراغه في رفع الاثقال والاستماع لخطب رجل الدين الإيراني المغالي آية الله علي خامنئي. في شبابه كان متأثر بالثورة الإيرانية. في الثانية والعشرين من عمره شارك سليماني في الثورة الايرانية المندلعة عام ١٩٧٩. بدأ سليماني التدرج في الجيش الايراني بعد ستة اسابيع قضاها في التدريب العملي في محافظة اذربيجان الغربية.
ورغم أنه كان غرا بحق في الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في العام التالي فقد قاد عملية دموية على الحدود العراقية. لكن الأهم هو بروزه كقائد واثق وقادر. لاحقاً لم يعد سليماني الجندي الفقير. فقد تحول إلى القيادة الاستراتيجية في الميدان واصبح المعامل الاقوى في معادلة علاقات ايران الخارجية. لا يمكن مقارنة نجاحه بشخص أخر في تمكينه من تقوية حلفاء أيران في الشرق.
وقوف سليماني بجانب بشار الأسد ساعد في ترجيح كفة الميزان لصالحه خلافاً لكل التوقعات حتى بعد ظهور الدولة الاسلامية في العراق والشام. كل ذلك يؤكد بقاء الأسد قوياً وموالياً لإيران. ربما يظهر ذلك جلياً أن فيلق القدس تمكن تحت قيادة قاسم سليماني من توسيع قدراته. دهائه حول الفيلق إلى مؤثر رئيسي في مجال الإستخبارات والمال والسياسة خارج حدود إيران.
على الرغم من غيرتي من قدرة سليماني على انهاء المشاكل العالقة بسرعة، فإني معجب بقابليته على تحمل عواقب افعاله رغم اختلاف القيم التي يحملها كل منا.
لمجلة فورين بوليسي شتاء ٢٠١٩
المصدر: هنا