ترجمة: اسلام نجم
تدقيق : امير صاحب
تصميم: احمد الوائلي
ان ذلك النمط الجديد من العلاج بالتحفيز العصبي بمقدوره الوصول الى تسكين طويل الأمد لآلام الظهر المزمنة، التي لم تبدِ استجابة لطرق العلاج الاخرى، بما فيها التحفيز العصبي للحبل الشوكي. كما بمقدور ذلك النمط من العلاج ايضا مساعدة هؤلاء الذين يحتاجون شكلا من العلاج غير العلاج بالأدوية.
نحو ذلك الأمر، تمت دراسة في المركز الطبي لجامعة راش بولاية شيكاغو، الينوي، والتي برزت مؤخرا في الملتقى السنوي لعام 2018 للجمعية الأمريكية لأخصائي التخدير بسان فرانسسكو، كاليفورنيا.
يطلق على ذلك العلاج الجديد مصطلح التحفيز العصبي للعقدة الجذرية الظهرية.
آلية عمل ذلك العلاج تتم عن طريق استهداف الالياف العصبية فقط التي تحمل الإشارات من مصدر الألم. على عكس نمط التحفيز العصبي للحبل الشوكي فانه يتجنب الالياف العصبية التي تنقل الرسائل من مناطق اخرى غير مناطق الاحساس بالألم.
وقد قامت دراسة حديثة مؤخرا بتقييم التأثير على الألم ودرجة القصور للمحفز العصبي للعقدة الجذرية الظهرية المزروع داخل اشخاص لديهم آلام مزمنة في الاطراف السفلية والظهر.
يقول روبرت جي مكارثي الكاتب العظيم والذي يشغل منصب استاذ علم التخدير بكلية الطب بجامعة راش، “ان هؤلاء الذين تلقوا ذلك التحفيز العصبي للعقد الجذرية الظهرية قد جربوا العديد من الطرق العلاجية، بداية بالأدوية ومرورا بالتحفيز العصبي للحبل الشوكي ووصولا الى العمليات الجراحية. الا انهم لم يحصلوا الا على تسكين خفيف غير مستمر للألم”.
وقد أعلن هؤلاء بعد مرور عام من العلاج أن هناك بشكل منتظم تحسن ملحوظ للألم. و يستكمل مكارثي حديثه قائلا “ان التحفيز العصبي للعقدة الجذرية الظهرية قد حسن بكل تاكيد طبيعة حياة الأغلبية منهم.
آلام الظهر المزمنة
بالرغم من أن ألم الظهر المزمن يصاحبه العديد من الأعراض الطبية المتكررة، الا أن العلماء يعتقدون بأن الألم المزمن ما هو الا قلق صحي بحد ذاته.
فالألم المزمن هو ذاك الألم الذي يستمر مدة 3 شهور على الأقل، فهو ينتج من استمرار عملية انتقال الاشارات الى الدماغ عبر الألياف العصبية حتى بعد تلاشي التأثير من مصدر الألم.
تشير الإحصائيات الصادرة من مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، أن تقريبا فرد من كل 5 افراد بالغين في الولايات المتحدة يعانون من ألم مزمن مصاحب له في حياته، و أن 8 بالمائة من هؤلاء يصاحبهم آلام مزمنة ذات تأثيرات كبيره للغاية.
التكلفة الكلية السنوية التي تتكبدها الولايات المتحدة جراء تلك الوقاية من الآلام المزمنة بما تتضمنه من علاجات طبيه، و برامج للإعاقة، وخسائر إنتاجيه، تقدر بنحو ما يقارب 560مليار دولار.
فأكثر من 25 بالمائة من الأشخاص في الولايات المتحدة يعانون كل عام من بعض آلام أسفل الظهر، تستمر تلك الآلام للبعض وتصبح مزمنة، وهذا يكلف ما يقارب 100مليار دولار سنويا.
التحفيز العصبي للحبل الشوكي والعقد الجذرية الظهرية
يتطلب التحفيز العصبي للحبل الشوكي زرع جهاز صغير الحجم يرسل ذبذبات كهربيه ذات جهد منخفض عبر سلك مثبت بطول الحبل الشوكي. تعمل تلك الذبذبات على صد إشارات الألم من الوصول للدماغ.
العقدة الجذرية الظهرية، هي عباره عن حزم من الألياف العصبية الواقعة على كل جانب من فقرات العمود الفقري، والتي تنقل الألم والإشارات الحسيه القادمة من مختلف أنحاء الجسم، مرورا بالحبل الشوكي وصولا للدماغ.
ويقوم التحفيز العصبي بحجب تـأثير تلك الإشارات بواسطة توليد ذبذبات كهربية خفيفة عبر سلك مثبت جنبا إلى جنب بالعقدة المحددة والمرتبطة بمصدر الألم. وتقوم تلك الذبذبات باستبدال إحساس الألم المزمن بآخر يمكن تحمله، كإحساس الخدر (التنميل) أو الوخز.
يتم زرع ذلك الجهاز من قبل العلماء في أسفل الظهر تحت الجلد. ويقوم أخصائيو الألم بتحديد مقدار التدفق المطلوب من الإشارات وفقا لمقدار الألم الذي يعانيه الشخص المصاب.
تعتبر فكرة التحفيز العصبي للعقدة الجذرية ملفتة للانتباه لأنها وبخلاف التحفيز العصبي للحبل الشوكي تقوم باستهداف الأعصاب المصابة فقط. كما أنها تتطلب مستويات منخفضه من التيار الكهربائي نظرا لأن سيل الذبذبات القليل هذا يغطي العقدة الجذرية الظهرية المستهدفة أكثر مما يغطيه سيل الذبذبات للحبل الشوكي.
حقق البروفيسور مكارثي وفريقه حول فعالية التحفيز العصبي للعقدة الجذرية الظهرية على 67 شخص يعانون من آلام ظهر مزمنة وذلك بمتابعتهم لمده 3-18 شهر بعد عملية الزرع. تبين لاحقا أن 17 منهم قد احتفظوا بالجهاز المنزرع مدة 12 شهر على اقل تقدير.
وقد قام هؤلاء الأشخاص بتقييم مستويات الألم الذي يعانونه بشكل ذاتي- عبر مقياس مؤشر ب 10 مستويات 1-10 (المستوى 10 يمثل أسوأ ألم يمكن تحمله) -وذلك سواء قبل عملية الزرع أو خلال لقاءات المتابعة.
قبل تلقي الزرع، قيم معظم الأشخاص محل الدراسة آلامهم من المستوى 8، بعد ذلك كان مستوى الألم الأكثر شيوعا هو المستوى 5، وهو ما يمثل هبوطا بنسبه 33%.
كان هناك أيضا هبوطا مماثل في نواحي القصور التي تضمنته الدراسة نفسها، كان متوسط الهبوط يقدر ب 27%.
وعندما تم سؤال الأشخاص محل الدراسة بشأن إفادة العلاج كانت إجابة 94% ممن تلقوا العلاج بنعم.
وقد اضطر شخص واحد إلى إزالة المحفز بسبب المضاعفات، واضطر آخران إلى إزالة أجهزتهما بسبب تلفها، كما اضطر خمسه آخرين إلى اعادة ادخال الاسلاك مره اخرى.
رأى البروفيسور مكارثي إن جهاز تحفيز العقدة الجذرية ليس خيارا سهلا بسبب تلك الصعوبات التي تتضمنها عملية تثبيت الجهاز في مكانه بشكل دقيق. ورغم ذلك يبقى بمقدور ذلك الجهاز ان يكون البديل لهؤلاء الذين لم يلقوا استفادة من طرق العلاج الأخرى.
ويختتم مكارثي حديثه قائلا ” ان ذلك العلاج بمقدوره ايضا تقليل الحاجة او التخلص النهائي من استخدام المسكنات الافيونيه”.
المصدر: هنا