كتبه لـ(بيغ ثينك): سكوتي هيندريكس
منشور بتاريخ: 4/21/2018
ترجمة:احمد طريف المدرس
مراجعة وتدقيق: آلاء عبد الأمير
تصميم: مينا خالد
يرجع مصطلح نظرية المؤامرة إلى عام 1909 ولكن لم يكن له ارتباط واضح بالبارانويا والوهم حتى الستينيات. وفي الوقت القصير الذي ظهر فيه المفهوم الحديث لنظرية المؤامرة فقد رأينا عدد لا نهائي منها، مثل الادعاءات بأن الحكومة الأمريكية خططت ونفذت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والأدعاء بأن إلفيس بريسلي قد زيف وفاته، وتعتبر فكرة أن الأحداث الكبرى جزء من خطة أكبر فكرة شائعة. ولكن تبين أن بعض نظريات المؤامرة حقيقية، والبعض الآخر ليست كذلك.
وعلى الرغم من أن المصطلح حديث نسبيا، فإن الفكرة الأساسية للمؤامرة، فكرة أن الأحداث خطط لها ونفذت من قبل قوى غامضة وقوية، يعود إلى 2500 سنة على الأقل وفقاً للفيلسوف (كارل بوبر).
يوضح بوبر في مقالته القصيرة (نظرية المؤامرة في المجتمع) وجهة نظر اليونانيين القدامى، حيث كانت الآلهة عندهم مهتمة بالشؤون الإنسانية وكان أي شيء يحدث قد حصل موافقة ضمنية من الآلهة، وأُعتبرت أحداث مثل (حرب طروادة) كنتيجة مباشرة للتدخل الإلهي في الشؤون الإنسانية. يعتقد بوبر أن هذا الاعتقاد لم يتلاشى أبداً، وبدلاً من استخدام الإله يعتقد واضعو نظريات المؤامرة ”أن الأحداث يتم تنظيمها من قبل الأفراد ومجاميع الضغط الشريرة، الذين يجب إلقاء اللوم عليهم بسبب تخطيطهم للكساد وكل الشرور التي تصيبنا.“
ويقترح بوبر أن العديد من نظريات المؤامرة تعتمد على فكرة أن الاحداث الاجتماعية تدل على نظام متعمد، وأن الحوادث العشوائية نادرة، و يفترض أن الناس ينجذبون إلى هذه النظرة عالمياً لسببين؛ أولاً لأن الناس غالبا ًما يكونون غير مدركين للعواقب غير المقصودة للحوادث الدنيوية ويهملونها عند محاولة شرح أسباب الأحداث الكبرى، وثانياً لأن البشر لديهم عادة افتراض أن جميع الأحداث كانت نتيجة مقصودة لحدث سابق.
كيف يبدو ذلك فعلياً؟
يُعطي مثالاً عن رجل يشتري منزلاً مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع المنازل الأخرى. لم يكن المشتري ينوي رفع أسعار المنازل الأخرى، لكنه ما حدث. وهنا يعتقد مُنظّر المؤامرة أن جميع الأحداث الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية مُخطط لها، وأن بعض التنظيمات الخبيثة لوكلاء العقارات قد نفذت خطوات لتضخيم الأسعار. يتطلب الأمر فهماً لكيفية حدوث آثار غير مقصودة على المشتريات في الأسواق لمعرفة أنه لا توجد مؤامرة في العمل وأن التضخم غير مقصود.
كما هو الحال مع المنازل والاقتصاد، فإن الوضع مشابه في المجتمع والعلوم الاجتماعية، يزعم بوبر أن الجهل بالأسباب والبحث عنها يؤدي إلى نظريات مؤامرة كبرى.
هل هو مجرد جهل بأسباب غير مقصودة؟
يتحدث بوبر في الغالب عن نوع واحد من نظريات المؤامرة، وعلى وجه التحديد النوع الذي يزعم أن معظم الأحداث الكبرى، إن لم يكن كلها، يتم التخطيط لها وتنفيذها من قبل عصابة من الأقوياء الذين يستفيدون منها. هذه النظريات تحاول تفسير سبب حدوث الأحداث. ولا يتحدث عن النظريات العلمية الزائفة أو النظريات التي تدّعي تستر الحكومة على الفضائيين.
بوبر لاينفي صحة كل نظريات المؤامرة، ففكرة قيام الأفراد باالتآمر لتنفيذ أفعال معينة ثم قيامهم بتنفيذ هذه الخطط هو أمر محتمل الحدوث لكنه نادر. وهو يصنف تصرفات هتلر “كمؤامرة مضادة” رداً على المؤامرة العالمية المزعومة ضد ألمانيا، قام على أساسها غالبية المجتمع الألماني بحرمان اليهود من حقوقهم، ونبذهم، وقتلهم. ورغم أن الخطة النازية فشلت ولم تكن سرية لكن هذا لا ينفي اعتبارها كمؤامرة.
هل تعتبر كل نظريات المؤامرة خرافة؟ غالباً لا، كما يذكرنا (كاس سانستاين) المساهم في (بيغ ثينك) بأن: ”نطاق تفسير بوبر محدود للغاية“ ولكنه يقدم لنا أداة للمساعدة في فهم سبب تمكن بعض الأفكار الغريبة من الإنتشار. بعض الأشخاص لا يفهمون أو لا يريدون أن يدركوا أن الأحداث العشوائية قد تكون لها في بعض الأحيان نتائج مهمة وأن لا أحد يتحكم بالأحداث.
وفي النهاية قد يكون من المريح أن نعتقد أن شخصاً ما يتحكم بالأشياء من حولنا، على الرغم من أن المعلومات التي لدينا عن المؤامرات التي حدثت بالفعل تشير إلى أن القوى المتآمرة ليست قوية بما فيه الكفاية للحفاظ على الأسرار أو لحياكة المؤامرات التي يتحدث عنها بوبر.
المقال باللغة الانجليزية: هنا