كتبهُ لموقع بغ ثنك: فليب باري
بتاريخ:2018/01/21
ترجمة: أحمد عدي
تدقيق: عقيل صكر ونعمان البياتي
تصميم: حسام زيدان
التفاصيل التي تُحيطُ بعملِ ذاكرتنا أدهشت عُلماء الأعصاب لعقودٍ، فقد تَبيّنَ أن الذاكرة عِبارة عن عملية مُعقّدة تتضمّن عدّة أنظمة دماغية؛ لكن ماذا على الصعيد الجُزيّئي؟ ﻻ تبقى البروتينات داخل المُخ سوى بضع دقائق وبالرغم من ذلك فإن الذكريات تظل باقية طوال حياتنا.مؤخراً تحالف مجموعة من الباحثين من جامعة (يوتاه) وجامعة (كوبنهاغن) ومُختبر البيولوجيا الجُزيّئية التابع لمجلس البحث الطبّي في المملكة المُتّحدة، واكتشفَ التحالف شيئاً غريباً حولَ بروتين يُدعى (أرك)، الأساسي في تكوين الذاكرة طويلة الأمد؛ الشيء الذي تم اكتشافهُ هو أن هذا البروتين لهُ خصائص تشبهُ تلكَ التي توجد في الفيروس الذي يصيبُ مُضيّفه، وتم نشر هذا الاكتشاف في مجلة (سيل). يُبين الباحثون في هذا الشأن “أن الجين أرك” أساسي لخزن المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد في (أدمغة الثدييات والتوسط بين أشكال مُتعدّد في المطاوعة المشبكية) بالإضافة إلى دورهِ في اعتلالات التطوّر العصبي. يقول الباحثون إن المعلوم عن الدور الوظيفي لِجُزيّء “الأرك” والأصول التطوريّة له قليل.
استناداً إلى هذهِ الدراسة يعتقدُ الباحثون أن مصادفة حدثت قبل مئات ملايين السنين، أدّت إلى أن يكون “الأرك” ذو دور مركزي في وظيفة الذاكرة. الأستاذ المُساعد في البيولوجيا العصبية (جايسون شبيرد) الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة (يوتاه) قام بقيادة هذا المشروع وكرّس وقته لدراسة بروتين (الأرك) لمدة خمس عشرة سنة.
يقول دكتور شيبرد: إننا لم نكن نعلم الكثير عن الأصول التطورية وعن الجانب الوظيفي الجُزيّئي لهذا البروتين، ويقول شيبرد “إني فقدت الإهتمام بشأن بروتين (الأرك) ولكن بعد رؤيتنا للقفائص (غشاء يُحيط بالحمض النووي للفيروس) أدركنا أننا ننظرُ إلى شيءٍ مثيرٍ باستخدام المِجهر الإلكتروني”.
قام شيبرد وزملاؤه بدراسة بروتين (الأرك) عن قرب ومن خلال الصور المُلتَقطَة لاحظوا أن (الأرك) يتجّمع بطريقةٍ مشابهةٍ كثيراً لفيروس العوز المناعي الإرتجاعي.
شيبرد وزملاؤه وجدوا أن (الأرك) يتصرف بطريقةٍ مماثلةٍ للقفيصة الفيروسية؛ (القفيصة الفيروسية: غشاوة خارجية صلبة تحمل المعلومات الجينية للفيروس) يستخدمُ الفيروس القفيصة ليطرح المواد الجينية لخليةٍ أخرى مُسبّباً العدوى.
لكن كيف يُحاكي بروتين (الأرك) الطريقة الفيروسية هذه؟
تقول الدكتورة (أليسا باستزوزن) المؤلف الرئيسي لهذهِ الدراسة: ذهبنا في هذا المسار البحثي ونحن نعلمُ أن (الأرك) مُميّز من عدّةِ نواحٍ، ولكن تفاجأنا عندما اكتشفنا أن الأرك يتوسّط في نقل الحمض النووي الريبي من خلية إلى أخرى، وتوضّح (أليسا) أنه لا يوجد أي بروتين فيروسي نعرفهُ يمكنهُ القيام بذلك.
هذه الدراسة تُغيّر نظرتُنا تجاه عملية التطوّر، وبخلاف فكرة الطفرات الجينية العشوائية، تقترح هذهِ الدراسة أن الأحياء قد تستعير من بعضها البعض لكي تتطوّر ولاختبار هذهِ النظرية قام (شيبرد) وزملاؤه بوضعٍ عددٍ من التجارب لمعرفة ما إذا كان (الأرك) سوف يعمل بطريقة مُماثلة للفيروس.
أظهرت التجارب أن البروتين يقوم بتوليد عدّة نسخ منه في القفائص والتي تحملُ بداخلها الحمض النووي الريبوزي الناقل، بعدها قام الباحثون بأخذ هذهِ القفائص ووضعها في أطباق البتري التي تحتوي خلايا عصبية مأخوذة من الفئران، ولاحظ الباحثون أن البروتين (أرك) يقوم بإرسال حمضه النووي الريبوزي الناقل من خليةٍ إلى أخرى وتنشيط خلية عصبية واحدة يستثير بروتين (الأرك) لإطلاق المزيد من القفائص وبالتالي يظهر تأثير الدومينو.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا