أميركا الآن هي في مخاض عملية الإنتقال النوعي، الخلافات والتصدُّعات بدأت بالظهور للعلن، حيث كان يُـعتقَد سابقًا أنّها لا يمكن إختراقها، كإمبراطورية. البلد الذي بُـنيَ على المِـثالية والرومانتيكية منذ الأجداد يواجه الآن هزّةً مستقبليّة. مع خروج باراك اوباما من الحكم في نهاية السنة القادمة، ويُـعتقَد أنّ هذا هو الوقت المثالي لتقييم موقع الولايات المتّحدة من القمّة.
ولقد تحدّثنا مع البروفيسور في العلوم السياسية الدولية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ستيفين فان إيفيرا “Steven Van Evera” لمناقشة كيفيّة وصول الولايات المتّحدة إلى هذه النقطة المقلقة، ولماذا يعتبر تغيُّـر المناخ على قمّة جدول أعماله ولماذا يعتقد أنّ الإنسانية ليست لها فرصة في القرن الــ 21.
و يبدو أنّ الكثير من الأشخاص لديهم آراء مختلفة عن المسار الذي تتّبعه الولايات المتّحدة. روبرت ريج “Robert Reich” واحد من خبراء الإقتصاد الدوليين قال: ’’أنّ أميركا تتوجّه بأقصى سرعة لها إلى القرن التاسع عشر!‘‘ ما رأيك بالصورة العامة للأمم المتّحدة في الوقت الحالي؟ على ما يبدو أنّ هنالك صراع عقائدي وأخلاقي عميق.
أنت تسألني ماذا يعتقد العالم أنّنا نريد؟؟ حسنًا سوف أجيبك ماذا أنا أريد، أنا أريد تغيُّـر كبير للنهج الأمريكي في مجال الأمن. ولكن هل سوف أحصل على هذا التغيير الكبير؟؟ لا، لا أعتقد هذا.
وإذا أردْت أن تفهم ماذا تفعل أمريكا بالعالم اليوم، عليك دراسة حركة المحافظين، الذين يُـعتبرون جماعةً مسيطرة، أنا أتكلّم عن كوكبة من المنظّمات التي تحيط مؤسّسة أمريكان انتربرايز “American enterprise institution” ومؤسّسة الهرتج للنشر “Heritage – foundation” مثلًا، الويكلي ستاندرد “weekly standard” (وهي مجلة أسبوعية) ومجلّة الوول ستريت “wall street”. وكل الأحزاب في أمريكا المنظّمة بشكلٍ جيد جدًّا والتي لديها قدرة سياسية عالية. والنظر إلى طريقة تفكيرهم بالسياسة الداخلية والخارجية؛ بنظري يعتبرون مرتكزًا ذهبيًا للحركة السياسية الأمريكية.
لقد حدث أنّي لم أتّفق معهم في الكثير من الأمور، لكن أنتبه إلى ماذا يقولون ويفعلون، بسبب قدرتهم على التعاون والعمل الجماعي، حيث أنّهم يبذلون قصارى جهدهم لينجحوا.
واحدة من النقاط التي تبدو مثيرةً هي تلك التي أشار إليها النائب البريطاني شيرلي ويليامز “Shirely Williams”، حيث قال أنّه وبدون أمريكا سوف نصل إلى حالةٍ من الفوضى، ولكن أيضًا قال أنّه يتم تغذية أمريكا حاليًّا على نظام غذائي خطير بالنسبة للنزعة الفردية، حيث أنّ السياسة الفردية أهم بكثير من السياسة الكل.
لنعود إلى تعليقي حول حركة المحافظين، عندما قلت (حركة المحافظين) كنت أقصد الحركة التي بدأت منذ سنة 1940 م وأصبحت على شكلها الحالي سنة 1970 م بعدما تأسّست مؤسّسة الهرتج، وهنالك حوالي 40 منظّمة في واشنطن تُـعتبر جزءًا منها.
يجب أن تفهم من هم، وطريقة تفكيرهم، ومن أين يأتون بأفكارهم. وهم يتبعون التراث اللّينيني (أي يؤمنون بالمذهب اللّينيني)، الأشخاص أمثال اريفينك كريستول “Irving Kristol” ومن حوله يأخذون عنوانهم السياسي بالعودة إلى عمر الشباب السياسي لهم عندما كانوا أتباع لتورتاسكي “Tortasky” وإقرارهم بإتّباعهم للينين.
أنا أعتقد أنّ لينين كان شخصًا ذكيًّا جدًّا أراد أن يفكّر في كيفية إمتلاك وتولّي السلطة، ولكن أيضًا هو شخص شرير جدًّا. حركة المحافظين عندهم فكرة تتمحور على أنّ السياسة هي حرب، أنت لا تشارك في العملية السياسية لتنافس ثم تشارك في الحكم، ونظرتهم هذه هي نفسها نظرة لينين. والتي تعتبر السياسة هزيمةً وتدميرًا وإنتصارًا كاملًا، هذه نظرية جديدة في أمريكا.
و بالنسبة لي – وإذا صحَّ التعبير – تُـعتبر هذه الطريقة في التفكير (غير مقبولة بالنسبة للأمريكان). دستورنا يتّخذ الحلّ الوسط بين الأطراف والمؤسّسات. وهذه طريقة مرتّبة لتقاسُـم السلطة. المؤسّسون الأوائل حاولوا تأسيس نظام يجعل الأطراف المختلفة تمتلك مؤسّسات مختلفة. وكان الإفتراض ينصّ على أنّه في نهاية المطاف يجب على الأطراف فصل الأمور إلى النصف لإيجاد الحل الوسط. ولكن حاليًّا لدينا أطراف في سياستنا لا يؤمنون بالحل الوسط، وهذا يعتبر سببًا جوهريًّا للأفُـق المسدود الذي نراه في الوقت الحاضر.
منذ متى وُضِـعَ ذلك النظام؟؟
أنا أعتقد أن آثاره تعود إلى بداية عام 1980 م، ولكنّه أصبح أقوى خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث أنّنا لم نرَ أشخاصًا منتسبين إلى مجلس الشيوخ الأمريكي يعترفون وبكل صراحة أنّهم ضد الحلول الوسطى لحد عام 2010، عندما رأينا المرشّحين الجمهوريين يقولون: (أننا ضد الوسطيّة وأنّنا نفتخر بذلك).
السياسة ليست حول الوسطية. أنت تشارك في إغتيال الشخصيات وتكذب وتغشّ وغير ذلك. الكل يعترف بدرجة الهمجية التي وصلتها العمليّة السياسية، وهذا صحيح. نحن نرى درجة الإنحطاط في مستوى اللّين واللّطف للسياسية الأمريكية.
قبل ثلاثين سنة، أعتبر دان روستنكوسكي “Dan Rostenkowski” وبوب مشيل “Bob Michel” أشهر شخصيّتين من أعضاء الكونكرس، كان روستنكوسكي مسؤولًا ديمقراطيًّا (أي ينتمي للحزب الديمقراطي) وميشيل كان زعيمًا جمهوريًّا. والإثنان كانا من ولاية إلينوي “Illinois” حيث كانا معتادين على أخذ سيارة معًا من العاصمة إلى إلينوي، والتوقّف عند الهاوس ستيك “steakhouse” (وهو مطعم لبيع شرائح اللحم). لقد كانت علاقة صداقة، وهذا حاليًا يعتبر أمرًا مستحيلًا.
مستحيل أن نجد زعيمًا جمهوريًّا مثل ميشيل، لأنّ القيادات التي جاءت لاحقًا تنظر إلى السياسة على أنّها معركة، بالإضافة إلى أنّ قيادة السيارة مع زعيم ديمقراطي سوف تقود إلى شيءٍ واحد هو المشاجرة معه إلى ما لا نهاية.
هنالك مسألة كبيرة نشير إليها هنا عن حركة المحافظين الأمريكية، وأنا أنقد زملائي المحلّلين الذين يدرسون السياسة ولا يتكلّمون حول هذا الموضوع.
هذا أمرٌ مقلق جدًّا، كيف تتوقّع أنّنا نستطيع توقيف عملية سرد الحقائق، وخاصّةً عندما يوجد ظرف مشدّد أو نهج عسكري؟ هل يجب علينا القلق من أجل المستقبل؟
عندما يتم سؤالي عن هذا، سوف أجيب أنّنا لدينا السيطرة على خطاباتنا السياسية، وعلى حياتنا السياسية عن طريق حركة المحافظين حتّى أن حركة المناظرين غير الصحيحة تتساوى في المهارات والإستراتيجية. اليوم لا يوجد شيء في الأفُـق يدل على منافسة المناظرين لهذه الحركة. حركة المحافظين هي القوّة الماحقة.
ومثل ما ذكرت، هنالك 40 منظّمة لا تُـظهِر أي علامة على ضعُـف جودة عملها، تعمل على تعبِـئة المواهب وتدريب شعوبها طوال طريقها من التأسيس إلى الإنتهاء .
حقيقةً هو لا يبدو عسكريا
حسنًا، هو مائل للينين، يؤمن بالمبدأ اللّينيني بأنّ السياسة لديها من 6-8 بديهيات، وواحد منها أنّ الصراع السياسي يكون على المدى الطويل، أنت لا تفعل أي شيء مخزي، أنت مريض. وهذا يشمل تجنيد الشباب وتدريبهم جيدًا للمحافظة على ولائهم وإعطائهم سبب للبقاء معك.
وحين يتعلّم الناس كيف يكونوا فعّالين، فإنّك لن تسمح لهم بالخروج والإنضمام للوول ستريت والبدء بالأعمال التجارية. أنت تريد منهم البقاء، والقيام بما تريد لبناء الأساسات التي توفّر لهم وظائف على المدى الطويل، وحركة المحافظين تقوم بذلك. حيث أنّ الخريج لا يستطيع أن يقول: (أنا أريد أن اكون سياسيًّا غير محافظ) لأنّه لا يوجد أي جهة مناسبة يمكن أن ينتسب إليها.
باراك أوباما لم يكن يحب التسكُّـع ومصاحبة الطبقة الراقية في واشنطن، بل كان يفضّل التسكُّـع مع أصحابه القدامى من شيكاغو. ’’يا باراك! فقط لأجل هذه السنوات الثمانية سوف تزجّ بنفسك في هذا المكان المقرف المُـسمّى واشنطن وتتسكّع مع هؤلاء الأشخاص لتناوُل البيرا‘‘.
حسنًا، سوف نتحدّث على الدبلوماسية العامة، والتقييم للولايات المتّحدة؛ أين تظنّ في إعتقادك كان الخطأ الذي إرتكبَـته أمريكا؟ وأنا أعلم أنّ مشروع التوبين ”Tobin project“ تهدف إلى تعريف الناس بالمواضيع كنت قد كتبت عنها على مرّ السنين.
وهذا يعود بنا إلى نقطة النزعة الفردية في الولايات المتّحدة وارتفاع قِـيَم جديدة في الجشع كأسلوب للحياة والحاجة إلى إستبدال هذه القِـيَم بقيمٍ أخرى تدعو إلى المساهمة ورعاية المصلحة العامة.
أنت طرحت سؤالين منفصلين، والسؤالين تحت عنوان الفكرة، وهي أن مختلف الأمور تنبع من الأفكار وليس الحقائق، والقوّة العسكرية لن تحلهم – عليك تغيير مصطلحات النقاش.
لقد أُصبْتُ بالإحباط عندما أصبح النهج الأمريكي تجاه القاعدة لا يعالج الأفكار؛ وكل من أوباما وبوش غير كفوئين في المحاولة للتأثير على شروط النقاش في الخارج. ولم يستثمرا فتراتهما على الإطلاق في التعامل مع وجهة النظر العالمية لتنظيم القاعدة. أنا أعتقد أنّ هذه هي النظرة البشعة والتي ليس من الصعب هزيمتها، ولكنّنا ننفق ما يُـقارب المليار والنصف على الدبلوماسية العامة.
وكانت وجهة النظر الإدارية لبوش حول الشرق الاوسط تتمحور على أنّ الشيء الوحيد الخطأ في المنطقة هوأنّ الناس ليسوا خائفين من الولايات المتحدة. وأنّ هذه البلدان الصغيرة المقرفة يتصرّفون بهذه الطريقة لأنّهم ليسوا خائفين.
وكانت الحرب على العراق محاولةً لتخويف المنطقة وإثبات أنّ أمريكا تسطيع السيطرة على هذه البلدان السيئة وغير المنضبطة بيدٍ واحدة مربوطة. وأعتقد أن أحد الأسباب التي أراد رامسفيلد ’’Rumosfeld“ إثباتها في الحرب على العراق وأفغانستان أنّنا نستطيع إجتزاز الناس من دون كسر أي عرق.
لكن العالم لم يتفاعل بالشكل المطلوب مع هذا التنمّر، لأنّك بحاجة للأثبات لهم أنّك تهتم لمصالحهم مثلما تهتم لمصلحتك.
هل تتوقّع هذا المستوى من الحسّ الفكري أو درجة معيّنة من الإنتصار و خصوصًا في تلك المرحلة؟
أنت تصف الشخص المثقّف، حيث يكون واعيًا ومتنوّرًا فكريًّا، يبحث دائمًا على قدراته ويحاول تحسينها. لكن هذه ليست الطريقة التي يسير بها العالم دائمًا، العالم يعمل عن طريق المنظّمات التي تقاوم التقييم لأنّها تهدّد فرص العمل؛ فإذا وُجِـدَ أي عيب في الأداء، فسوف يتم إستبدال الأشخاص أو تكليفهم، ولهذا أفضل شيء أن لا يتم تقييم العمل.
وجهة نظري أنّ المجتمع يعمل بنفس الطريقة، والذي يجب أن تُـقيَّم فيه الأفكار القومية والثقافية والسياسية، أهذا هو السبيل الواسع للقيام بهذه الأمور؟
إنّه في الحقيقة يخص الأوساط الأكاديمية والصحفية. وفي الحقيقة أنا أعتقد أنّها وظيفة سيئة، لأنّهم يواجهون الكثير من المقاومة. وهم معرّضين للرشوة وفي بعض الأحيان يُـدعَون إلى تقييم الشخصيات الإجتماعية الفعّالة والذين يكونون أقوياء ولا يتقبّلون الإنتقاد على الأغلب. ولهذا تم إنشاء مشروع توبين ليكون موازنًا لذلك، ولسحب الأكاديميين فيه وطُـلِبَ منهم أن يقوموا بتقييم الأمور السياسية العامة.
ولقد رأينا تفجيرات الإرهابيين في سيدني ومدريد وبالي وغيرها من الأماكن. ولقد ذكرت سابقًا أنّ تنظيم القاعدة الإرهابي يسير وفق (أنّه في القرن الأخير قام العالَـم المسيحي بهجمات قويّة جدًّا على العالَـم المسلم)، سوف تذهب إلى التفكير بأنّ بعض هذا العدوان قليل التأثير. والسؤال الأهم كيف يمكن للولايات المتّحدة إحتواء هذا النوع من الإرهاب الذي يُـعرَف بــ (إرهاب العصر الجديد) – والذي يبدو أنّه مراوغ جدًّا – بطريقةٍ فعّالة؟
حسنًا، أنا أعتقد أن درجة الإرهاب في الوقت الحالي مروّعة، ولكن إذا إستمرّينا على نفس النهج الذي إتّبعناه من قبل 14 عام، فسوف يكون ذلك جيدًا، أعتقد أنّنا سوف نسمع أخبارًا محزنة كل 4-5 أشهر، ولكن عدد القتلى من الناس سوف يكون أقل مما نخسره في حروبنا العالمية المختلفة.
بالنسبة لي فإنّ المنطق كله حول ردّة الفعل إستند إلى أحداث 11/9 والتوقّع بأنّنا سوف نواجه المزيد. للعلم أنّ عددًا من الأمريكان يُـقتَلون على الطريق السريع كل شهر بنفس عدد الأمريكان الذي قُـتِلوا في 11/9.
أنا أقصد أنّه إذا أردت الحفاظ على أرواح الأمريكان، فإنّه سوف يكون من الأفضل أن نقلّل معدّل السمنة أو وضع ضرائب على أجهزة الماكنتوش الكبيرة، هذا سوف يحمي حياة الأمريكان أكثر من التركيز على منع المزيد من 11/9.
الخطر هو نووي الـ 11/9. الخطر هو إرهاب أسلحة الدمار الشامل، الخطر هو أن العناصر السيئة سوف تحصل على عقدٍ من الوكلاء الأقوياء والذي سوف يجعلهم يتقوّون أكثر. هذا هو السيناريو الذي يجب على الناس التركيز عليه، لقد سألت عن القرن الــ 21 وإلى أين سوف نتّجه؟ أنا متشائم، لأنّني لا أجد نهاية لمشكلة إرهاب أسلحة الدمار الشامل.
وكانت وجهة النظر الإدارية لبوش حول الشرق الاوسط تتمحور على أنّ الشيء الوحيد الخطأ في المنطقة هوأنّ الناس ليسوا خائفين من الولايات المتحدة. وأنّ هذه البلدان الصغيرة المقرفة يتصرّفون بهذه الطريقة لأنّهم ليسوا خائفين.
هل تعتقد أنّ الصين والدول الناشئة مسؤولة؟
حقيقةً أنا لا أعرف، ولكن سوف أخبرك بأن هذه الأسئلة لم تُـطرَح حتّى من قِـبل نخبتهم. والفكرة هي أنّ لديهم المشتركات العالمية للمساعدة في الحماية جنبًا إلى جنب لم تُـخترَق خلال طرقهم الحكومية والفكرية وتفكير النخب السياسي الدولي.
وإذا إستمعت إلى ما يقولونه عن مشكلة التغيّر المناخي، فكل أقوالهم سوف تكون: ’’أنا.. أنا.. أنا‘‘. وأنا أركّز على ما إذا كانت مشاركتي في الحل عادلة أو غير عادلة. حيث أنّه إذا طُـلِبَ مني المساعدة في شيءٍ غير عادل، فسوف لن أقدّم أي مساعدة. الصين والولايات المتّحدة عقدوا إتفاقية حول تغيّر المناخ الخريف الماضي. وكانت جيدة جدًّا للمستقبل ولقد رأينا الصينيين يرقصون بفرح على شيء يبدو أنّه يحسّن حالهم. ولكن بصفةٍ عامة كِـلا البلدين ركّزا على مصلحتهما الخاصّة، ونرى أنّ الإعتراف قليل جدًّا بأن هنالك مُـشاعات عامة مشتركة بين البلدين يجب حمايتها معًا.
أعتقد أنّ مشكلة ظهور أسلحة الدمار الشامل أصبحت أكثر تعقيدًا بعد التطوّر المعقّد للعلم في الهند والصين. لأنّه بعد ذلك أصبحت سياسة بلد واحد – سوف نحتاج إلى نوعٍ من الإدارة الدولية للتكنولوجيا الناشئة.
ولكن في إعتقادي أنّ هذا يعيدنا إلى خطر النزعة الفردية، فإذا ذكرت تغيّر البيئة للناس فسوف يتّفقون بأنها سيئة للغاية، ولكنّهم سوف يقولون أنّهم لا يريدون التخلّي عن مصلحتهم.
نعم، أنا أعتقد أنّها مُـشتركات مأساوية. الجميع يرى مصلحته العاجلة مثل قيادة سيارات الدفع الرباعي، يجب أن تقدّمها مع الحل.
بالنسبة لي التكلفة المُحصّلة تكون قليلة عند إنفاقها. عندما تتولّى برنامجًا ملموسًا للتعامل مع تغيّر المناخ، وهو لا يفرض الكثير من الضرر على الناس. إنّها الأسطورة التي انتشرت بواسطة صنّاع الكاربون في الولايات المتّحدة؛ حيث تجري عملية نقل الإشاعات عندهم بشكلٍ جيد جدًّا. وإذا فكّرت بشكلٍ جيد، سوف تجد أنّ مشروع تحويل مجموع الطاقة في العالم بعيدًا عن الكاربون هو أبسط بكثير من تحويل إقتصاد الولايات المتّحدة في الحرب العالمية الثانية إلى إقتصاد حرب.
وما بين عامي 1941-1944 قامت الولايات المتّحدة بتحويل إقتصادها من تخصيص 1.5% من نِـتاجها المحلّي للدفاع إلى 45% من نِـتاجها المحلي للدفاع. ومجموع الطاقة يشكّل حوالي 8% من الإقتصاد وأكثر من ذلك يمكننا التخلّص منه على مرّ السنين. مع بنية تحتية تشبه تلك التي تحاول التخلّص منها دائمًا، الذي يجب عليك فعله هو إستغلال أي فرصة لإستبدال هذه البنية التحتية بشيءٍ ناضج، لا تحتاج إلى رميه للتخلّص منه بين عشيّةٍ وضُـحاها.
أنا لا أعرف إذا كان لديك علم بمعهد الهارت لاند ”heartland“ – (أرض القلب) ومعهد جورج س. مارشال ”George C. Marshall“؟ كلاهما يعتبران مصادر للدعايات المروّجة لحجّة أنّ التغيّرات البيئية لا تحدث وحلولها سوف تكلّفنا.
يبدو أن حجّة التبغ تعود للثمانينيات
نعم، هذا صحيح وهو شيء رائع. وإذا تعمّقت أكثر لوجدت أنّ بعض الأسماء هي نفسها، مؤسّسة جورج مارشال استُـخدِمت للمشاركة في عمل الدعاية المؤيّدة للتبغ. وهذه ليست بصدفة، لأنّ الإستراتيجية التي أُستخدِمت لصناعة التبغ وتلك التي أُستخدِمت لصناعة الكاربون هي ذاتها. إنّهم يزرعون الشك. هم لا يحدّدون الهدف لإقناع الناس بأي شيء. إن إستراتيجيتهم تتمحور حول زرع الشكّ الكافي عن حجّة التغيّرات المناخية ولجعل الناس تتقبّل فكرة أنّنا يجب أن نتوقّف عن العمل، وعدم صرف الأموال لأنّنا لسنا متأكّدين بعد.
لست متأكّدًا إذا كانت هذه الإستراتيجية حكيمة لأنّنا في النهاية محكومون جميعًا. لا يوجد شخص يجلس في الطابق العلوي لشركته الخاصة، و سوف يحارب من أجل البقاء.
أنت وصلت إلى الجزء الغامض الذي لطالما فكّرت فيه، وهو ما يظنّ هؤلاء الناس أنّهم فاعلوه لأحفادهم وما تحدثه مناقشاتهم في عيد الشكر داخل بيوتهم؟ إنّه حقًّا شيء مخيّب للآمال، وسوف يكون أحفادهم مواطنين سيئين.
هل فكّرت يومًا بإدارة منصب؟
عندما كنت صغيرًا، تمنّيت ذلك. كنت أتمنّى أن أصبح عضوًا بمجلس الشيوخ. لكن المشكلة في تلك الأمنية أنّي أجد صعوبة بتذكّر أسماء الأشخاص، لذلك كان محكوم علي بالفشل وعليّ أن أتخلّص من هذه الأمنية نهائيًا.
متى كنت تجمع الأصدقاء؟
أنا شخص حالم، هنالك دور بالنسبة لكل شخص. لقد قابلت أشخاصًا عديدين في الحياة العامة وأنا معجب بهم كثيرًا، وأحد أصحابي القُـدامى وهو زميلي بنفس الغرفة أصبح عضوًا في الكونغرس في ولاية فيرمونت وهو شخص رائع. الحياة العامة لها دور كبير جدًّا وفعّال، حيث أن عليك العمل مع الأشخاص الآخرين والتعامل مع أفكارهم وأن لا تتعدّى الحدود.
ما هي نظرتك لأوباما كشخص؟
أنا أعتقد أنّه شخص لديه عقل سياسي ممتاز وحسّ عالٍ، وقد وضع أحكامًا جيدة في وقتٍ مبكّر من إستلامه الإدارة للسياسة الداخلية والخارجية للولايات المتّحدة. ولقد أدرك أنّ حل الأزمة المالية له الأفضلية، وقد كان محقًّا في تحقيق العناية الصحية في الوقت ذاته. وقد كان محقًّا في طريقته لإعادة تشكيل السياسة الخارجية، والتركيز على الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وعلى الإنسحاب من الحروب مثل الحرب على العراق.
وبعد ذلك فشل في العملية التنفيذية، فهو ليس بالمنقِـذ الجيد، فقد وضع المسار الصحيح وانحرف عنه، إنّه ليس بالمدبّر؛ وبهذا إتّجهت سياسته الخارجية نحو أوكرانيا ورسم الخطوط الحمراء في سوريا، والتي لا ينبغي أن نتدخّل فيها.
محلّيًا، فقدَ زخمه الجماهيري لأنّه فشل في تطوير إستراتيجيّته لتشكيل المناقشات في الولايات المتّحدة، فلقد كان سيئًا في تقديم نفسه للشعب الأمريكي. كان يجب عليه أن يتعلّم من رونالد ريجين “Ronald Regan”. لقد قام بإرتكاب بعض الأخطاء الأساسية. على سبيل المثال هو لم يستخدم النوّاب أبدًا، بينما كانت هذه طريقة رونالد حيث كان يتجنّب إلقاء الخطابات طوال الوقت، وقام بجمع كل حكومته، وقام الجميع بترديد نفس الرسالة، حيث انتشرت على جميع المستويات.
أوباما متمسّك بفكرة أنّه يجب أن يقوم هو شخصيًّا بإلقاء الخطابات وسوف يقوم جميع العالم بالإستماع له. وبالطبع، لن يقوم أحد بالإستماع. لأنّ العالم ممتلئ بالضجّة ولا أحد يصدّق أي شيء. استراتيجيّته الإعلامية كانت سيئةً لأبعد الحدود.
برأيك كيف سوف يتم تذكّر أوباما في كتب التاريخ؟ ماذا تأمل أن تفعل أمريكا خلال الأربع سنوات القادمة تحت القيادة الجديدة؟ أي خطوات تظنّ أنّ أمريكا ستخطوها؟ كيف ستلعب الأشياء دورها بإعتقادك؟
أنا أخشى من أن تبقى حركة المحافظين تحدّد السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتّحدة. وكما قلت أنا لا أرى أي منافسة سيئة تظهر في الشؤون الداخلية، وأنا قلق من أن تلحق هذه الحركة الضرر بالولايات المتّحدة والعالم.
وهذه الحركة تتّجه أكثر فأكثر نحو الأفكار البرامجية والتكتيكيّة المتطرّفة. وهم معزولون تمامًا عن بقيّة المجتمع، وأعتقد أنّ هذا هو سبب تطرّفهم. وأنا أخشى أن يقوموا بأفعال متطرّفة إذا ما أمسكوا بزمام الامور في كل أجزاء الحكومة. وأتوقّع منهم أن يقوموا بإلغاء تعطيل مجلس الشيوخ من خلال برنامج جذري.
حسنًا، إذًا علينا أن ننتظر لِـنرى ما إذا كان التاريخ سوف يكون رفيقًا بأوباما
وأعتقد أنّه سوف يكون له ذلك، بكل ما قاله وفعله، لقد قام بعمل أشياء كبيرة وصحيحة وأعتقد أنّ هذا أهم شيء.
المصدر: هنا