خمسة أسباب تجعل من أسرائيل الدولة الأقوى والأنجح

غالباً ما يُشار الى الأمة الأسرائيلية على انها قد شُكّلت على أيدي المحافظين الخانعين واليهود، كمثال للبلد الذي نجح في مواجهة مصاعب كثيرة. بالرغم من انها محاطة بدول معادية، تتعرض لهجمات مراراً وتكراراً، كما وتفتقر الى ثروات النفط خلافاً لباقي دول الشرق الأوسط. بالرغم من كل ذلك، فقد عمد الأسرائيليون على بناء دولتهم وجعلها واحدة من أقوى الدول ذات الأقتصاد المستقر والقوي على مستوى العالم.

لماذا تستمر اسرائيل بالأزدهار بينما نرى انهيار الأمم في الغرب؟ الأجابة هي ان الحكومة الأسرائيلية تضع مصالح مواطنيها في الصدارة. الأسرائيليون يملكون روحاً قومية عالية، كما ان القادة في الحكومة الأسرائيلية يختارون سياساتهم بناء على كمية الفائدة التي سترجع الى مواطنيها الأصليين، خلافاً للأمم الغربية التي تنشد في سياساتها التنوع والتعدد الثقافي.
فيما يلي الأسباب التي تجعل من اسرائيل دولة ناجحة، وكيف لبقية الدول ان تحذو حذوها وتتعلم منها.

١- النشاط الأسرائيلي الفعال من أجل ضمان بقاء اليهود كأغلبية سكانية.

انت غالباً ما تسمع هتافات اليساريين (ونواح المحافظين) لحقيقة ان معظم الدول الأوروبية سوف تملك قريباً أغلبية سكانية من غير اصحاب البشرة البيضاء. فعلى سبيل المثال، غريغور جيسي، وهو سياسي يهودي بارز ذو ميول يسارية متطرفة، أشار الى الشعب الألماني بـ”النازي” وقال ان عدم قدرتهم على أنجاب ذرية، لهو ضرب من الحظ!
اليساريين والمحافظين الخانعين في أميركا وبعض الدول الأخرى يبررون دعمهم للهجرات الجماعية على أساس انها الحل الوحيد من أجل تعويض انخفاض معدل الولادات.
اسرائيل قد تأسست بشكل صريح كبلد يضم المواطنين اليهود كما ان حكومتها قد عملت من أجل بقاء اليهود كأكثرية. على سبيل المثال، فأن اليهود فقط هم المسموح لهم بالهجرة الى اسرائيل باتباع النهج “آليا” (ومعناه الأرتقاء).
لاتكتفي اسرائيل بعدم تسامحها مع الهجرات غير الشرعية، بل قامت حكومتها ببناء حدود جدارية على طول الضفة الغربية والحدود المصرية لكي تردع الغزاة، كما يوجد فيها أكبر مركز لأعتقال الخارجين عن القانون.
رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتانياهو قد رفض أيضاً وبشكل قاطع استقبال اللاجئين السوريين بالرغم من ان اسرائيل لاتتشارك مع سوريا الحدود فقط، بل انها قد احتلت وبشكل غير قانوني بعض الأراضي السورية -مرتفعات الجولان- قبل خمسين عاماً.

اسرائيل لاتقاتل فقط من أجل الحفاظ على غير اليهود ومنعهم من الهجرة خارج الوطن، بل تقوم بتحفيز مواطنيها على الزواج وانجاب الأطفال من أجل خلق أرضية ديموغرافية للأقلية العربية الموجودة هناك. ان معدلات الخصوبة في اسرائيل تعتبر الأعلى من بين الدول المتقدمة، حيث هناك ٣ اطفال لكل امرأة كمعدل عام، كما وارتفعت مواليد اليهود في العقد الماضي والذي شهد بدوره انخفاض المواليد عند العرب. أضافة لذلك، فأن اسرائيل تقوم بخطوات فعالة لمنع الناس الذين يعتاشون على المساعدات العامة وغيرها من الجماعات غير المرغوب فيها من انجاب الأطفال. على سبيل المثال، تطلب الحكومة من المهاجرين اليهود ذوي الأصول الأفريقية، اخذ جرعات من عقار ديبو بروفيرا (عقار يستخدم للسيطرة على الولادات) كشرط للهجرة والحصول على الرعاية الأجتماعية. اسرائيل تصر أيضاً في الحفاظ على مكانتها كدولة ذات اغلبية يهودية عن طريق منع زواج اليهود من غير اليهود، كما ان الدولة لاتشجع الذكور على الزواج من يهوديات كنّ على علاقة سابقة مع رجال عرب.

٢- تطلب الحكومة من المواطنين ان يخدموا في الجيش.

ولأن اسرائيل محاطة بدول معادية قد قامت بالأعتداء عليها مراراً وتكراراً في الماضي، يحافظ الأسرائليون على الأنخراط الأجباري في الخدمة العسكرية. مع بعض الأستثنائات، حيث يجب على جميع الرجال الأسرائيليين ان يخدموا في خطوط الدفاع لمدة لاتقل عن ثلاث سنين والنساء لمدة عامين. كما بأمكانهم الرجوع للخدمة العسكرية في حالات الغزو والتعرض للأزمات. حيث خدم رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتانياهو في الجيش، على النقيض من باراك أوباما!
وعلى الأرجح، ان الجيش الأسرائيلي مبالغ فيه بشكل قليل، وخير شاهد على ذلك هو اذلال الجيش الأسرائيلي على يد حزب الله اللبناني عام ٢٠٠٦ خلال الحرب اللبنانية. لذا فأن التزام الحكومة بالتجنيد الألزامي هو نعمة للمجتمع الأسرائيلي. حيث ان الزام جميع المواطنين في الخدمة، يزرع بداخل شبابها قيماً جيدة، ويعزز وجودهم في المجتمع وأيضاً كخط دفاعي جاهز على الدوام في حالة وقوع كوارث وأزمات.

٣- السياسيين الأسرائيليين يقومون بدعم الأنتاج الوطني

في معظم البلدان الغربية، فأن الأطراف السياسية المهيمنة الداعية للمزيد من الهجرة، المزيد من اتفاقيات التجارة الحرة، والمزيد من التعدد الثقافي، سواء كانوا الديمقراطيين والجمهوريين في أميركا، المحافظين وحزب العمال في المملكة المتحدة، الليبراليين والأحزاب الديمقراطية في كندا، والتي تعتبر اكبر الأحزاب السياسية المتفقة على التنوع والتعدد الثقافي والهجرات الجماعية.

وعلى نحو متناقض، فأن القوى السياسية المهيمنة في اسرائيل، حزب الليكود، لايخجل من الدفاع عن القومية ويضع مصلحة اسرائيل أولاً. وكما ذكرت سابقاً، فأن رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتانياهو قد وضع اجرائيات مشددة جداً ضد اللاجئين السوريين، وقد تمت مكافئته بنصر انتخابي تلو نصر آخر، وهو في الطريق لكي يصبح رئيس الوزراء صاحب اطول فترة خدمة زمنية على الأطلاق، حيث تجاوز فترة ديفيد بن غوريون، اول رئيس وزراء اسرائيلي. بالمقابل، فأن حزب العمال اليساري الأسرائيلي قد فقد شعبيته في العقود الأخيرة.

اسرائيل ايضاً لاتخجل من ابراز عضلاتها على الساحة الدولية. حيث ان عدداً كبيراً من الشتات اليهودي في أميركاً- بالأضافة الى التشريعيين المسيحيين الأنجيليين- قد جعلوا من اسرائيل ذات تأثير قوي على السياسات الأميركية، حيث تحصل اسرائيل على الكثير من المساعدات الأميركية الخارجية، بالرغم من كونها دولة غنية والأولى في الأقتصاد العالمي، حيث ان السياسات الأميركية الخارجية تحركها اسرائيل. مهما كانت تصوراتك وافكارك حول نتانياهو والحكومة الأسرائيلية، لكنك لاتستطيع الجدال حول عدم وضع بلادهم قبل كل شيء آخر.

٤- اسرائيل دولة ذات نظام أبوي، يسمح للرجال ان يتزوجوا وينشئوا عوائل.

ان معظم الدول الغربية تقوم بالتشديد على حرية الرجال في أدارة عوائلهم وأطفالهم وفرض عقوبات عليهم، يقومون بفرض تشريعات ضد الذكور تحت رعاية سياسية سخية. وعبر مكافأة النساء اللاتي يحملن دون تخطيط بغذاء توفره الحكومة، فأن اميركا وبعض الدول، تقوم بتحفيز الأمهات العازبات، في حين تقوم بتثبيط انشاء أسر مترابطة. ومن الأمور السخيفة التي تحدث في بعض الدول، ان الرجل لو قام بالحفاظ على ماله من تبذير زوجته او خليلته على الأشياء التافهة، فأنها تعتبر احدى حالات [العنف المنزلي].

في حين ان اسرائيل ليست بمأمن ايضاً من القوى العقيمة والمخربة، الساعية الى تدمير ماتبقى من الحضارة الغربية. فعلى سبيل المثال؛ تعرف تل أبيب بأنها عاصمة مثليي الجنس في الشرق الأوسط. ان المجتمع الأسرائيلي يعتبر من أكثر المجتمعات تقليدية وأبوية في الغرب. على وجه الخصوص، فأن النمو السكاني يقوده اليهود الأورثودوكس الذين يلتزمون بالشكل التقليدي في توزيع الأدوار الجنسية؛ حيث الرجل هو رب الأسرة ومعينها، في حين ان المرأة هي الزوجة والأم. ان الأورثودوكسية اليهودية أبوية جداً، حيث لايسمح للنساء ان يطلبن الطلاق من غير رخصة الرجال. ليس ذلك فحسب، ان الحركات النسوية قد اصبح صوتها يتزايد في معارضتهم تجاه اسرائيل، جاعلة من سوء معاملة الدولة للفلسطينين كسبب لهم. القوى اليسارية بشكل عام، تتعاطف مع المحنة الفلسطينية منذ سنوات، وهناك ناشطون ضد الصهيونية يدعون الى مقاطعة المنتوجات الأسرائيلية وسحب استثماراتها من البلاد. بنفس الطريقة التي قام بها المجتمع الدولي ضد جنوب افريقيا خلال سنوات الفصل العنصري.

٥- المجتمع الأسرائيلي يضع الدين في المقدمة والمركز

المحرر (روش) في موقع (Return of kings) وآخرون، أشاروا الى ان موت المسيحية هي السبب الرئيسي في تراجع الغرب. فبدون أطار ديني وأخلاقي يقود المجتمع، ينحدر الناس الى مذاهب المتعة والأنحطاط والطيش. وفي حين ان النهضة المسيحية في الغرب هي أمر ممكن وقابل للنقاش، ليس هناك من ينكر ان المسيحية قدمت فوائد جمة للمجتمع الأميركي وباقي الدول الغربية.
وكما ذكرنا اعلاه، ان اسرائيل تدافع وبحماس شديد بكونها وطن يهودي، وهذا يشمل التركيز على الجوانب الدينية اليهودية. حيث ان الله والدين، هي من الجوانب التي لا مفر منها في الحياة اليومية في اسرائيل، وأن الأقليات الدينية المتشددة مثل الآيزيدية تزداد من حيث العدد والأهمية، الأمر الذي جعل من بعض اليهود المتعصبيين ان يدعوا من أجل حضر التبشير المسيحي من البلد.

كما ترون، فأن نجاح اسرائيل كدولة، يرجع الى رفضها للكثير من الأتجاهات التي تسيطر على بقية المجتمع الغربي. وفي حين ان الولايات المتحدة، كندا وبريطانيا متشوقة جداً ليلاقوا مصير مدينة عمورة، فأن الأسرائيليين مايزالون يوقرون الله، ويمجدون الأسرة الأبوية ويعتزون بقوميتهم، ومن الأمور اللافتة للأنتباه هو انه الأسرائيليين يتعايشون مع العدو وان العدو يسكن في وسطهم.

بغض النظر عن شعورك نحو اسرائيل كأمة، او موقفك من الصراع الأسرائيلي-الفلسطيني، لا أحد ينكر ان الغرب يجب ان يتعلم الكثير منهم ومن نجاحاتهم.
عن طريق مقاومة الثقافة الماركسية التي اجتاحت البشر، اعطت اسرائيل لنفسها فرصة كبيرة من أجل البقاء سالمة في المستقبل. ان على اميركا ان تقوم بمحاكاة ماتقوم به اسرائيل اذا أرادت ان تصبح عظيمة مرة أخرى.

 

المصدر: هنا