خَلَّفَ الإدعاء القائل بأن الرِجال مثليي الجنس يتشاركون “جين مسؤول عن المثلية” ضجة كبيرة خلال فترة التسعينيات. لكن الأبحاث التي استغرقت عقدين من الزمن لم تؤيد هذا القرار فحسب لكن أضافت جيناً مرشحاً آخر قد يكون مسؤولاً عن المثلية الجنسية.
في علم الوراثة التطوري، فِكرة أن يؤثر التركيب الجيني للشخص على طريقة إختياره للشريك غير مستغربة إطلاقاً. نحن نرى ذلك في عالم الحيوان معظم الوقت وعلى الأرجح، هنالك الكثير من الجينات التي تؤثر على الميل الجنسي لدى البشر.
وبدلاً من التفكير بهذه الجينات على إنها “جينات مسؤولة عن المثلية”، يجب علينا أن ننظر إليها على إنها “الجينات المُحبِبة للذكور” وهذه الجينات قد تكون مشتركة لدى الاناث والذكور، ففي الأناث تُهيئ هذه الجينات الأنثى لكي تتزاوج وتنجب الأطفال وفي الذكور فأنها تساعده على أختيار الشريك وتجعلة مستعد للتزاوج.
أدلة وجود جين مسؤول عن المثلية الجنسية
يمكننا الكشف عن المتغيرات الجنسية التي تنتج الاختلافات بين البشر من خلال تتبع السمات في داخل الأسرة تظهر إختلافات في التوجه الجنسي.حيث أن الأنماط الوراثية تبين أنواع من الجينات تسمى ب “الأليلات-Allels” والتي تؤثر في الفروقات الأعتيادية بين البشر مثل لون الشعر والحالات المرضية مثل فقر الدم المنجلي. تتأثر الصفات الكمية مثل الطول من قبل العديد من الجينات المختلفة إضافة للعوامل البيئية.
من الصعب أستخدام هذه التقنيات من اجل الكشف عن المتغيرات الجينية المرتبطة بالمثلية الجنسية لدى الذكور وذلك بسبب تحفظهم عن ذكر معلومات تخص حياتهم الجنسية. حيث كشفت دراستين عن إن الجينات المشتركة هي جزء من القصة فقط حيث تلعب الهرمونات وترتيب المولود والبيئة دوراً كبيرا أيضاً.
في عام 1993، عالم الجينات (دين هامر-Dean Hamer) وجد أسر لديها العديد من الذكور مثليي الجنس من جانب الأم مما يدل على أن الجين موجود على الكروموسوم (X) وأوضح أن زوجين من الأخوة اللذين كانا مثليَّن علناً يشتركان بمساحة مشابهه على طرف الكروموسوم (X)، مقترحاً وجود الجين المسؤول عن المثلية الجنسية على الكرموسوم (X).
كانت إستنتاجات هامر مثيرة للجدل حيث طعن بإستنتاجاته الكثير من الأشخاص الذين لا يتقبلون أن يكون سبب المثليية الجنسية جينياً بدلاً من أن يكون “خياراً لنمط الحياة”.
هذا الأكتشاف يبرر مقولة “ولدت بهذه الطريقة” ولكنة فتح افاقاً جديدة مخيفة للكشف والتمييز. هذا العام، دراسة موسعة حول الأخوة مثلي الجنس تمت بأستخدام العديد من الواسمات الوراثية، وأكد هذا الأكتشاف الدراسة السابقة وكما كشف عن جين مسؤول عن المثليية على الكروموسوم .8 وقد أطلق هذا الأكتشاف العنان لموجة تعليقات جديدة.
يجب علينا نعرف بأن هذا الأتجاه موجود لدى بعض أنواع الحشرات الطائرة بل وحتى الثديات حيث إن المثلية الجنسية شيئ شائع داخل مملكة الحيوانات. على سبيل المثال فأن هنالك بعض المتغيرات التي تؤثر على الأفضلية بالتزاوج لدى الفئران وطفرة ذباب الفاكهة التي تجعل الذكور يفضلون الذكور من فصيلتهم على حساب الأناث.
هل “جين المثلية الجنسية” هو أليل المحبب للذكور؟
اللغز هو ليس ما إذا كان الجين المسبب للمثلية موجود في الأنسان، ولكن لماذا يعتبر هذا الجين شائعاً (موجود بنسبة 5% إلى 15%). إننا نعلم بأن مثليي الجنس لديهم عدد أعقل من الأطفال فيما إذا ما قورنوا بالذين لا يحملون هذا الجين وهنا التساؤل، ألا ينبغي لهذا الجين أن يختفي؟
هنالك الكثير من النظريات التي تفسر إرتفاع وتيرة المثلية الجنسية. قبل عشر سنوات كان التساؤل فيما إذا كانت المتغيرات الجينية قد تعزز فرص ترك ذرية فيما يسمى (“اللياقة التطورية”) ممررا هذا الأليل إلى الأجيال القادمة. هذه الحالة معروفة جداً وتسمى ب (تَعَدُّدُ الأَشْكَالٍ المُتَوازِن) في حالة كون الأليل مفيدأ.
هنالك فئة خاصة هي “الجينات المعادية” التي تزيد من اللياقة الجينية في جنس واحد فقط وقد تكون قاتلة في بعض الحالات. لدينا العديد من ألامثلة المتعلقة بالأنواع والأليل المتعلق بالمثلية الجنسية هو أحد هذه الأنواع.
ربما الأليل المحبب للذكور في الأناث يهيئ الاناث على الاستعداد للتزاوج وإنجاب الأطفال بصورة مبكرة، وفي حال وجود اخوات من جهة الأم لديهن عد اكثر من الأولاد الذين يشتركون بالصفات الجينية، فأن ذلك سيساهم بأنجاب عدد قليل من الأطفال ذوي الميول المثلية.
حيث أظهرت الأختبارات التي أُجريت على مجموعة إيطالية إن النساء اللواتي لديهن صلة قرابة برجل مثلي الجنس لديهن أطفال أكثر من النساء اللواتي لايمتلكن صلة قرابة برجل مثلي الجنس وذلك بنسبة (1-3).
حيث إن هذا الأكتشاف مدهش من حيث قدرته التفسيرية في إنهاء الجدل الحاصل حول الحياة الطبيعية بالنسبة للذين لديهم سلوك جنسي مثلي.
هل إن الأليل الخاص بالمثلية الجنسية “طبيعي”؟
ليس لدينا أي فكرة فيما إذا كانت هذه الدراسات الجينية حددت “أليل المثلية” من جينات مختلفة أم لا ولكن من المثير للأهتمام أن (Hamer) أكتشف ان الجين الأصلي موجود على (X) لان هذا الكروموسوم يحمل أكثر من جين مؤثر على طريقة التناسل ولكن بأعتقدانا أن هنالك الكثير من الجينات في أنحاء الخريطة الوراثية الخاصة بالبشر تؤثر على طريقة إختيار الشريك.
إذا كان هنالك أليلات محببة للذكور ونضيراتها لدى الأناث في العشرات أو المئات من الجينات التي تتصارع من أجل تحديد طريقة توجه الفرد في إختيار الشريك حيث أن جميعها سترث خليطاً من أنواع مختلفة من الصفات بالأضافة الى العامل البيئي حيث أن ذلك سيشكل صعوبة في الكشف عن الجينات الفردية.
وبنفس الطريقة، وفي نهاية كل توزيع مستمر خاص بتفضيل إختيار الشريك فأننا نتوقع وجود أليلات محببة للذكور وأليلات محببة للأناث في كلا الجنسين وببساطة فأن مثلي الجنس من الرجال والأناث سيكونون نهاية ونتاج من طرفي هذا التوزيع الجيني.
المصدر: هنا