لنواجه الأمر، الالتزام بممارسة التمارين الرياضية أمر صعب حقا. لا يتحول غالبيتنا لمدمني لعبٍ في صالات رياضية أو مهووسي سباقات ماراثون ، حتى أولئك الذين ليس بمقدورهم التخلي عن ممارسة التمارين الرياضية ، سينتهي بهم الأمر في مرحلة ما من حياتهم للتخلي عنها إذا ما تعرضوا لظروف معينة كالإصابة مثلاً .. أو ببساطة إذا ما رغبوا في أن يصبحوا كسالى كالبقية.
ليس من الغريب أن نرى الرياضيين يفقدون شكل جسدهم الرياضي حالما يتقاعدون من وظائفهم الرياضية ، هذا التأثير يعرف باسم ( أعراض الانسحاب) ، ويمكن أن يتسبب بالعديد من التغيرات الفسيولوجية في جسم الإنسان.
هناك مجموعة من المقاييس لتحديد مستويات اللياقة البدنية لدى الأشخاص، بعض هذه المقاييس يعد غير دقيقٍ البتّة مثل : كم تمرين ضغط يمكنك أن تؤدي في الدقيقة ؟ أو ما هي المدة التي تستطيع أن تتحمل فيها حمل لوحٍ خشبي ؟ وبعض الاختبارات الأخرى المحدِّدة لقوة العضلات أو قوة التحمّل.
في المقابل، هناك مقاييس أثبتت فعاليتها بصورة أكبر، مثل : قياس أقصى معدل لاستهلاك الأكسجين خلال الأنشطة، بقياس الحد الأقصى لحجم الأكسجين الذي يمكن للجسم استهلاكه للتنفس الخلوي ، والذي بدوره يولد الأدينوزين ثلاثي الفوسفات – الجزيء الذي يوزّع الطاقة على الاحتياجات البيولوجية لدينا.
بعبارة أبسط ، (أقصى معدل لاستهلاك الأكسجين خلال الأنشطة ) يعكس بدقة مقدرتنا الهوائية (التنفسية) وصحة القلب و الأوعية الدموية بشكل عام .
وكما يوضح فسيولوجي القلب والأوعية الدموية أندرياس بيرغدال لجورج ديفورسكي العامل في الإعلام والتوعية “عندما تتوقف فجأة عن أداء تمارينك الرياضية الاعتيادية ، يتوقف جسدك فجأة عن القيام بكثير من الأمور المفيدة.
ممارسة التمرينات المتعلقة بالقدرة على التحمل كالجري مثلا، تزيد من قدرة القلب على ضخ الدم في جميع أنحاء الجسد، و من قدرة الأوعية الدموية على نقل هذا الدم، و من كمية الشعيرات الدموية لدينا. كما أنها تزيد من حجم وعدد الميتوكندريا لدينا (محطات توليد الطاقة للخلايا) . كل ذلك يؤدي لزيادة كفاءة استهلاك جسدنا لكلٍّ من المواد الغذائية و الأكسجين ”
عندما تتوقف أجسادنا عن القيام بالأنشطة البدنية ، فإننا نتسبب في خفض كل تدابير اللياقة البدنية الخاصة بنا والتي تعود علينا بفوائد جمة مثل قوة العضلات و التناسق و المرونة في حركاتنا الأساسية . هذه العملية تعرف باسم (زوال التكيّف – أعراض الانسحاب) . وإذا ما كنت معتاداً على ممارسة التمارين بشكل أكبر فإنك ستميل إلى فقد فوائد الأنشطة البدنية بشكل أسرع، حتى لو بقيت لياقتك البدنية أفضل من المعدل.
أول ما ستفتقده هو (المعدل الأقصى لاستهلاك الأكسجين خلال الأنشطة ) ثم ستفقد تباعاً ودون أن تعرف حتّى قوة عضلاتك، وقدرتك على التحمل وتناسقك الحركيّ. يمكنك أيضاً توقع ارتفاعٍ في مستويات السكر بالدم، و حتى في ضغط الدم .
كما يقول بيرغدال ” هناك دراسات تشير إلى انخفاض بنسبة 7 إلى 10 بالمئة في الحد أقصى لاستهلاك الأكسجين خلال الأنشطة بعد 12 يوم من الخمول المفاجئ ، وانخفاض بنسبة 14 إلى 15 في المئة بعد 50 يوماً ، و16 إلى 18 في المئة بعد 80 يوماً
القيمة العظمى لضخ الدم في القلب، حجم النبضة ( كمية الدم التي يضخها القلب أثناء كل انقباض ) وقدرة الميتوكندريا على استخلاص الأكسجين كل هذه المعدلات تنخفض على ذات المنوال في حين يزداد معدل ضربات القلب ”
كما يقول المدرب الفسيولوجي هاري بينو ” يمكنك أيضاً توقع اكتساب وزن زائد.
تقول الأسطورة الشهيرة ، أنه لا يمكن للخلايا العضلية التحول لخلايا دهنية. لكن ما يحدث في الحقيقة هو أن الخلايا العضلية– والتي تعد مختلفة تماما عن الخلايا الدهنية– تصبح أصغر. لا تنموهذه الخلايا لأنك الآن لا تمتلك القوة اللازمة لذلك. في ذات الوقت، فإن الخلايا الدهنية تنمو بصورة أكبر، مما يسبب تغيّراً في المظهر العام للشخص .”
يشير الخبراء إلى ضرورة سعي الرياضيين على القيام على الأقل بأنشطة بدنية بسيطة حتى عند اتخاذ قرار بشأن التوقف عن العمل، للتخفيف من حدّة ( أعراض الانسحاب ).
و لكن إذا ما كانت أعراض الانسحاب سيئة بالنسبة لك، فهل أنت الآن أفضل حالاً مما كنت عليه قبل أن تبدأ أداء تمارينك في الأساس ؟ بالطبع لا. نمط الحياة المستقر أبعد ما يكون عن إلحاق الأذى بك حتى لو لم تكن تواظب على أداء تمارينك الرياضية باستمرار. لكن إن كنت حقاً تبحث الطريقة المثلى لجني الفائدة الصحية من الرياضة عن طريق التعرّق. فمن المؤكد إيجاباَ، أنه من الأفضل أن تمارس التمارين الرياضية بانتظام ، وبطريقة مثالية بما مجموعه 300 دقيقة في الأسبوع.
المصدر: هنا