اعتُبر السلوك الأخلاقي من البحوث المميِزة للفلاسفة و خبراء علم الأخلاق، لكن هنالك دراسة حديثة تقترح بأن الطريقة التي نعامل بها الآخرين هي في الحقيقة مرتبطة بكيمياء أدمغتنا.
وجدَ الباحثون من جامعة لندن بأن الأدوية التي توصف بالعادة لمعالجة الإكتئاب يمكن لها أن تؤثر على قابلية الناس في اتخاذ القرار، فيما إذا كانوا يميلون للتصرف بأنانية أو إيثار.
في تجربة شارك فيها 175 من البالغين الأصحاء وقد كان لهؤلاء المشاركين القدرة على تطبيق واستلام الصعقات الكهربائية، كان هدف الباحثين معرفة كم هي كمية الالم التي ينوي المشاركون إلحاقها بأنفسهم أو بالآخرين مقابل المال.
لكن هذه التجربة لم تكن مجرد تجربة مباشرة للتأكد من سيتصرف بأنانية ومن لن يفعل فقد تم تقسيم المشاركين إلى نصفين النصف الأول أعطيَ دواء رافعا لهرمون السيروتونين وهو من مضادات الاكتئاب يحمل الاسم ( سيتالوبرام )، بينما النصف الثاني أعطي دواء رافع لهرمون الدوبامين والذي يحمل الاسم ( ليفودوبا ) والذي يستخدم في معالجة داء باركنسون. بعد ذلك تمت مقارنة المجموعات التي أخذت الدواء مع مجموعة تلقت علاجاً وهمياً ( بلاسيبو ).
كِلا الدوائين كان لهما أثر واضح على المجموعة التي يقع على عاتقها اتخاذ القرار، وكان التأثير على عدد الصدمات التي يجب عليهم تطبيقها على أنفسهم وعلى الآخرين من أجل زيادة المبلغ الذي سيحصلون عليه، فكلما زاد الضرر قابله زيادة بالجائزة النقدية في المقابل .
وجدَ الباحثون، بأن الذين تم إعطائهم الدواء الرافع لهرمون السيروتونين ( سيتالوبرام ) كانوا ينوون دفع الضعف فقط من أجل منع الضرر عن أنفسهم وعن الآخرين بمقارنتهم بالمجموعة التي استلمت العلاج الوهمي ( بلاسيبو ). بالمقابل، المجموعة التي أعطيت الدواء الرافع لهرمون الدوبامين ( ليفودوبا ) تصرفوا بأنانية أكثر، مظهرين رغبة لإيذاء الآخرين من أجل الحصول على الجائزة النقدية.
قال مولي كروكيت المشرف الرئيسي على هذه التجربة : ” تتضمن النتائج إمكانيات محتملة لوضع خطوط علاج للسلوك المعادي للمجتمع، وذلك بعد أن ساعدت التجربة في فهم كيفية عمل هرموني السيروتونين والدوبامين وتأثيرهما على نوايا الناس لإيذاء الآخرين من أجل الكسب الشخصي” وأضاف” لقد أظهرنا في هذه التجربة بأن الادوية التي توصف بالعادة كمضادات للإكتئاب لها القابلية على التأثير على القرارات الأخلاقية في الناس الأصحاء، مما يطرح تساؤلات أخلاقية مهمة حول استعمال مثل هذه الأدوية”
هذه النتائج , التي تم نشرها في مجلة ” Current Biology ” ، وبمتابعة أبحاث أخرى تظهر بأن الأدوية يمكن أن يكون لها تأثير في جعل الناس أكثر رحمة. هنالك دراسات متعددة في هذا المجال يمكن أن يكون لها تداعيات مهمة في كيفية اختبار الأدوية المضادة للإكتئاب وغيرها من الأدوية المؤثرة على المزاج، مع محاولة الباحثين في وضع نموذج أشمل يستطيع أن يتضمن رؤية شاملة لأنواع مختلفة من السلوكيات في العالم الحقيقي والتي من الممكن أن يظهرها مستعملو هذه الأدوية على المدى البعيد.أوضح كروكيت لهانا ديفلين في جريدة الغارديان ( The Guardian )
“المرضى (الذين يأخذون هذه الأدوية) يتم متابعة حالتهم عن طريق كيفية تحسن الأعراض التي يعانون منها، لكن ليس دائما ما يتم متابعة التغيرات التي تطرأ على سلوكياتهم”
وأضاف ” في علاج داء باركنسون،عدد من المرضى يبدأون بإظهار سلوكيات قهرية كالقمار وممارسة الجنس. هذه الأدوية لها تداعيات تؤثر على العالم المحيط بالمريض وليس على المريض لوحده “
المصدر: هنا