دراسة تحليلية تؤيد نظرية مفادها أن مستويات السيتوكينات “المعروفة بتعزيزها للالتهاب” ترتفع في اجسام وادمغة الذين يفكرون بالإنتحار، أو اولئك الذين حاولوا الإنتحار. وهذا صحيح حتى عند مقارنتهم بأُناس آخرين مصابين بنفس الإضطراب النفسي ولكن ليس لديهم تلك الميول الإنتحارية.
مستويات السيتوكينات من الممكن ان تساعد في التمييز بين المرضى ذوي الميول الانتحارية وبين المرضى الذين لايفكرون بالإنتحار.
وقال الدكتور في جامعة جورج ريجينتس براين ميلر في بيان صحفي: “إن اختلال عمل الجهاز المناعي، بما في ذلك الإلتهاب، من الممكن أن يساهم في الفيزيولوجيا المرضية لعدد من الاضطرابات النفسية الكبيرة “. السيتوكينات هي في الأساس عبارة عن إشارات كيميائية في الجهاز المناعي، تتواصل الخلايا مع بعضها البعض عن طريق ارسال واستقبال هذه السيتوكينات. وتتألف هذه السيتوكينات من فئة من البروتينات، وهي تضم ايضاً تشكيلة متنوعة من الانترلوكينات، الانترفيرونات، وعوامل النمو التي تساعد في تنسيق استجابات الجهاز المناعي.
الإلتهاب، الذي هو عبارة عن اضطراب في عمل الجهاز المناعي، يشتمل هذا الاضطراب في جزء منه على السيتوكينات. وهو يؤثر على جميع اعضاء واجهزة الجسم. إن المستويات العالية من السيتوكينات تساهم في الاصابة بعدد من الاعتلالات ومنها التهاب المفاصل، تصلب الشرايين و الربو. هنالك العديد من الدراسات تشير إلى أن هذه الإشارات الكيميائية التي يفرزها الجهاز المناعي (السيتوكينات) من الممكن أن تفرز في حالات الاجهاد النفسي وتؤدي بدورها إلى حدوث التهاب في الدماغ يساهم في اصابة الشخص بالكآبة.
ميلر وزميله في البحث الدكتور كارمن بلاك قاموا بجمع وتصنيف المعلومات من 18 بحث منشور بخصوص هذا الموضوع، بعد ذلك قاموا باختبار المعلومات في هذه الأبحاث على 583 من المرضى النفسيين الذين كانوا يحملون ميول انتحارية، وعلى 315 من المرضى النفسيين الذين لا يحملون هذه الميول، وعلى 845 من المشاركين الأصحاء الذين يسمون بمجموعة السيطرة (وهي مجموعة تشترك بالأبحاث الاحصائية من دون تطبيق المعلومات المراد اثباتها عليها لكي يقارنوا بين النتائج التي يحصلون عليها من تطبيق المعلومات على المجاميع الأخرى وبين النتائج التي يحصلون عليها من عدم تطبيقها على هؤلاء) وبعد اجراء الحسابات الرياضية على النتائج، وجدوا بأن المرضى ذوي الميول الانتحارية كان لديهم ارتفاع ملحوظ لنوعين من السيتوكينات وكلاهما من الانترلوكينات (IL-1β) و (IL-6) وكلاهما موجودان في دمهم وفي ادمغة المرضى بعد موتهم.
مع معرفة العلامات البايولوجية المرتبطة عادةَ بالإنتحار، يؤمن الباحثون بأن في يوم من الأيام سيكون هنالك امكانية كشف هذه الميول الانتحارية بإجراء تحليل بسيط للدم، وهذا سيساعد الأطباء من اجل التنبوء بخطر تدمير الذات عن طريق الإنتحار على المدى البعيد، تماماً كما اليوم، فإن ارتفاع ضغط الدم يساعد على التكهن بالمشاكل الجسدية التي من الممكن ان تحصل في السنوات المقبلة من عمر المريض.
يقول ميلر: “بما أن الانتحار من المشاكل العظمى التي تواجه الصحة العامة وتثير قلقها، فانه من الضروري أن يتم دراسة العلامات المحتملة التي تؤدي للإنتحار ونشوء الميول اليه ويمكن بعد ذلك الاستفادة من هذه الدراسات من اجل التقدم في مجال الوقاية من الإنتحار”.
من الضروري قيادة دراسات ذات عينات كبيرة ومتنوعة من المرضى من اجل تأكيد وجود تغيرات تطرأ على السيتوكينات في الأشخاص الذين لديهم ميول للإنتحار. اضافة لذلك، فإن على العلماء تقييم ومتابعة فيما اذا كان للسيطرة على الإلتهاب في السنوات المبكرة من العمر تأثير وقائي على المدى البعيد.
المصدر: هنا