الرئيسية / تقنية / أربعة أخطاء محرجة يرتكبها المخترعون

أربعة أخطاء محرجة يرتكبها المخترعون

إن تاريخ الاختراع يظهر لنا إنه ليس عبارة عن خط سلس، و لكنه مسار ملتوي، نرى هذا فيما وصلنا إليه من ابتكارات حتى الآن، في كتابي الجديد و في سلسلة الوثائقيات سلطت الضوء على بعض الأخطاء في الاختراع التي ستساعدنا في صقل عالمنا بشكل أفضل. في التاريخ غالباً، يتم صياغة قصص الابتكار عن طريق كتب بواسطة أو عن الذين حققوا النجاح.

من المؤكد أن الخط الزمني التقليدي لتاريخ الاختراعات سوف يتضمن الأخوان رايت و اختراع الطائرة في عام 1903، و تيم بيرنرزلي و اختراعه لشبكة الانترنت في عام 1989. و لكن تاريخ الاختراع مملوء بالكثير من الأخطاء البطولية  و الاختراعات الزائفة، سأقدم لكم هنا القليل من تلك العثرات والدروس المنتقاة لدي:

الاختراع: المسجل الكتابي الصوتي

خطأ المخترع: نقطة عمياء واضحة في مجال الرؤية، في بدايات عام 1850، اخترع المخترع الفرنسي ادوارد ليون سكوت دي مارتن فيل أول جهاز قادر على تسجيل الموجات الصوتية، قبل 20 سنة من اختراع اديسون للمسجل الصوتي. إذن لماذا حصل اديسون على كل  تلك الشهرة؟ لأن سكوت فشل في أن يتضمن اختراعه مفتاح واحد و هو زر التشغيل، لم تكن هنالك من وسيلة للاستماع إلى الصوت الذي تم تسجيله، بإمكانك فقط النظر إلى الموجات الصوتية التي تم رسمها في الورقة. الشيء المدهش في المسجل الصوتي لسكوت أنه حتى لم يحاول أن يضع زر التشغيل في جهازه، ببساطة لم تخطر الفكرة في باله. و بعدسنوات قليلة، اكتشف فريق من المؤرخين أسماءهم دايفيد جيوفانوني، باتريك فيستر، ميغانهينسي و ريتشاد مارتن تشكيلة  للمسجل الصوتي لسكوت في أكاديمية العلوم في باريس، متضمناً واحد من ابريل عام 1860 تم الحفاظ عليها بشكل ممتاز، جيوفانوني و زملائه الطلاب قاموا بنسخ تلك الخطوط الباهتة الغير منتظمة، و قاموا بتحويل الصورة إلى موجات صوتية، ثم قاموا بتشغيلها على سماعات الكمبيوتر، اعتقدوا في البداية أنهم سمعوا صوت امرآة، تغني أغنية فرنسية شعبية “على ضوء القمر”، لكن فيما بعد لاحظوا أنهم قاموا بتشغيلها بسرعة مضاعفة عما تم تسجيلها، و عندما قاموا بتقليل السرعة و ارجعوها إلى الإيقاع الصحيح، سُمع صوت رجل كهمس و طقطقه: لقد كان صوت مارتن فيل و كأنه يغرد لنا من القبر.

phonautograph_1859
An 1859 model of Édouard-Léon Scott de Martinville’s phonautograph.

الاختراع: المسجل الصوتي

خطأ المخترع: اخترع جهاز يغير العالم، و لكنه غير العالم لأسباب عدة  مختلفة حتى أنه لم يتخيلها و لم تخطرعلى باله. قام توماس اديسون بإكمال مشروع سكوت مع اضافة زر التشغيل في اختراع المسجل الصوتي في عام 1877، و لكنه تقريبأ غفل عن شيء و هو كيف بالإمكان استخدام  هذا الجهاز. في مقال مشهور تم نشره في أمريكا الشمالية عام 1878، عرض و أوجز الكثير من الاستخدامات له، يقول: “إن الفائدة الرئيسية للمسجل هي كتابة الرسائل و باقي الأوامر الأخرى”، أي بطريقة اخرى، الشخص يقوم بكتابة الرسائل على الاسطوانة الشمعية و يقوم بارسالها إلى الأصدقاء أو الزملاء في العمل من خلال البريد، و بشكل أكثر حرفية من البريد الصوتي، هو بالإضافة عرض الاستخدامات الأخرى  للمسجل كالكتب الصوتية، ساعات المحادثة و تسجيل اللحظات والذكريات الأخيرة لأفراد العائلة. لقد أوضح بشكل مختصر ماذا سيكون الاستخدام الرئيسي لاختراعه و لكنه لم يذكر الاستماع للموسيقى. أكثر من 11 استخدام قام بتخيلها و وضعها أصبحت تقريباً ليست ذات صلة واستخدام.

phonographpatentedison1880
Patent drawing for Edison’s phonograph, ca. 1880.

الاختراع: الأودون

خطأ المخترع: فشل في فهم الآليات الأساسية لعمل الاختراع، في السنوات الأولى من القرن  العشرين، بدأ المخترع الأمريكي لي دي فورست سلسلة من التجارب لناقل الشرارة، و هو جهاز يقوم بتوليد شرارة، نبضة أحادية النغمة من الطاقة الكهرومغناطيسية التي يتم التقاطها عن طريق هوائي يبعد أميالاً، لقد كانت مناسبة جداً لإرسال   (mors code) و هي رموز أو إشارات صوتية قصيرة أو طويلة، في إحدى الليالي  و بينما كان دي فورست يتتبع سلسلة من النبضات، لاحظ شيئاً غريباً حصل في الغرفة، كل مرة يخلق فيها شرارة، تتحول الشعلة في مصباح الغاز إلى اللون الأبيض و تزداد في الحجم. اعتقد  دي فورست أن النبضات الكهرومغناطيسية تعمل على زيادة و تكثيف الشعلة. زرع ضوء مصباح الغاز الوامض المتردد فكرة في رأسه، ربما الغاز يستخدم في زيادة استقبال الهوائي الضعيف، و يجعله قوي بما يكفي ليحمل معلومات وافرة بالإشارات و الرموز للأحاديث و حتى الموسيقى.

الجهاز الذي قام دي فورست ببنائه كان قائماً على هذه الفكرة الاستنباطية، الأودون أثبت أنه من الممكن أن يقلب الوضع المالي بشكل مذهل.

اتهم المستثمرين دي فورست بالاحتيال، قام دي فورست ببيع براءة الاختراع لمختبرات بيل من أجل كم من المال لدفع ما يترتب عليه من فواتير قانونية، و عندما أكمل الباحثون في مختبرات بيل بعده، استنتجوا شيئاً لايصدق: كان دي فورست مخطئاً من البداية في استنتاجه و اختراعه. الزيادة في شعلة الغاز ليس لها أي علاقة بالموجات الكهرومغناطيسية: كان سببها الموجات الصوتية المنبعثة من الضجيج العالي للشرارة. في العقد التالي من الزمن، قام المهندسون في مختبر بيل بتعديل أقطاب الهواء الثلاثة الرئيسية عن طريق إزالة الغاز من المصباح و تفريغها تماماً و غلقها بإحكام و نقله إلى كل من المرسل و المستقبل، النتيجة كانت أنبوبة فارغة، أنه لاكتشاف مذهل عظيم في دورة الالكترونات.

us841386-1
Patent drawing for de Forest’s Audion, ca. 1907.

الاختراع: شحن الجليد

خطأ المخترع: خطأ في توقع ما هي متطلبات و ردود فعل السوق، في القرن التاسع عشر كان المقاول فريدريك تودور يمتلك رؤية كمقاول شاب يعمل في شحن كتل من الجليد من البحيرات المتجمدة في انجلترا الجديدة (new England) إلى المناطق الاستوائية حيث يتم بيعها بشكل تنافسي و بأسعار مذهلة، استخدم تودور تقنية يمنع بها ذوبان الكتل الجليدية أثناء رحلته البحرية في الشحنة التمهيدية الأولى من بوسطن إلى مارنيك، بقي الجليد في حالة جيدة بعد انتهاء الرحلة. لكن كانت هنالك مشكلة لم يفكر بها تودور على الاطلاق، سكان مدينة مارنيك لم يكونوا مهتمين أبداً بتلك الكتل الجليدية، فهم ببساطة ما لذي سيفعلونه بها؟!

في عام 1800، الغالبية من الناس التي تعيش في المناطق الاستوائية لم تتذوق في حياتها أي شيء بارد، فكرة شرب الماء المثلج تعتبر بالنسبة إليهم فكرة وهمية لم يتخيلوها حتى، تودور اعتقد أنه بتلك الكتل الجليديةي جلب لهم نوع من الحداثة و الرفاهية، و لكن بدلاً عن هذا أُهملت الكتل الجليدية كلياً، قام بلصق منشورات في أنحاء المدينة موضحاً فيها كيف يتم الحفاظ على الثلج و كيفية استخدامه،

ice_harvesting_massachusetts_early_1850s
Ice Harvesting in Massachusetts, early 1850s.

و لكنه حصل على عدد قليل من الراغبين في الشراء، قام بصنع البعض من المثلجات لإبهار بعض السكان المحليين الذين كانوا يعتقدون أن ابتكار مثل تلك النوعية من الطعام هو أمر لا يتواجد في بيئتهم الاستوائية، و لكن بشكل عام رحلة تودور كانت فاشلة، كتب في مذكراته أنه لسوء التقدير خسر 4000 دولار. أخيراً، أقنع تودور الزبائن بقيمة الثلج و بأهميته. قبل وفاته قام بترتيب و تجميع شبكات شحن ضخمة تقوم بتوصيل الثلج من انجلترا الجديدة إلى ريو و مومباي. كانت تجارة الثلج أضخم تجارة أمريكية على امتداد القرن التاسع عشر بجانب تجارة القطن. كان السبب بها النجاح الذي حققه تودور. بدأ المقاولون الآخرون بخلق و اختراع وسائل التبريد الصناعية عن طريق استخدام الوسائل الميكانيكية.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

خلود وحياة مُعززة: هل المستقبل للبشر المتحوّلين؟

كتبه لصحيفة (ذا غارديان): روبن ماكي منشور بتاريخ: 6/5/2018 ترجمة: أحمد طريف المدرس مراجعة وتدقيق: …

كيف ساهم آينشتاين بأختراع السيارات ذاتية القيادة

كتبته لموقع (فروم ذا غرايبڤاين): جين فيرسكوس منشور بتاريخ: 25/1/2017 ترجمة: أحمد طريف المدرس تدقيق: …