الرئيسية / ثقافة / رسالة ألبير كامو الجميلة والمليئة بالإمتنان لمعلّمه بطفولته بعد فوزه بجائزة نوبل

رسالة ألبير كامو الجميلة والمليئة بالإمتنان لمعلّمه بطفولته بعد فوزه بجائزة نوبل

تقديم: ماريا بوبوفا

قليلٌ من الأشياء التي تكون أكثر حميميةً من مشاهدة إنسان يُعرِب عن إمتنانه العميق لشخص آخر لعِبَ دوراً في تغيير حياته والتأثير فيه.

واحدة من أجمل الأمثلة لهذا الإمتنان الذي يُثلِج الصدر يأتي من ألبير كَامو، الرجل الذي كرّس حياته لتعلّم العيش الهادف والمميّز بمعاني السعادة والحب.

عندما كان كامو بعمر أقلّ من السنة، قُتِل والده في ساحة المعركة في الحرب العالمية الاولى. كان ألبير وشقيقه الأكبر قد تربّيا تحت وصاية أمهما  الصمّاء تقريباً وجدّتهم القاسية الإستبدادية، وفي ظلّ ذلك  لا توجد آفاقٌ لمستقبل مشرق لهما. ولكن هناك دليل أنّ أموراً عظيمةً ستحدث عندما يعيش التعليم أنبل حالاته لتسمو الروح الانسانية ، ويتجسّد هذا في مدرّس يُدعى لويس جيرمين الذي رأى في الشاب ألبير شيئاً خاصاً ، وقام بمهمة صعبة هي اعادة الروح لذلك الشاب وشدِّ أزره ليحقق الشاب اليافع النجاح-وهذه هي مهمة المعلّم العظيم. تحت جناح أستاذه، تجاوز كامو حالته الكئيبة المُزرية ليبدأ تعامله مع الحياة ولتبدأ عبقريته بالأزدهار والتفتّح في المستقبل.

بعد ثلاثة عقود، أصبح كامو ثاني أصغر شخص يحصل على جائزة نوبل ، والتي مُنحت له “للجدّية الواضحة المعالم”لعمله والتي “أنار من خلالها مشاكل الضمير الأنساني”.

في 19 نوفمبر 1957 ، أي بعد أيام من تلقّيه أرفعَ وسام من البشرية, إعترف ألبير كامو بتأثير أستاذه في أكتسابه تلك”الجدية الواضحة المعالم”قي رسالة رائعة، والتي نُشرت في كتاب “كامو والرجل الأوّل”والذي ترجمه ديفيد هابجود.

 

اليكم نص الرسالة:

 

عزيزي مسيو جيرمين..

“كنت بإنتظار الضجّة المُثارة حولي هذه الأيام أنْ تهدأ قليلاً، لأتحدث إليك من أعماق قلبي.  لقد تمّ منحي تقديراً وشرفاً كبيراً، شيءٌ لم أكنْ أسعى إليه أو ألتمسه ,  لكنّي عندما سمعتُ الخبر ،كان أول من فكرْتُ به-بعد والدتي- هو أنت. بدونك، وبدون يدك الحنونة التي امتدّت لذلك الطفل الصغير المسكين الذي كُنْته، بدون تدريسك والأمثلة التي كنت تعطيني إياها، فإنّ أيّاً من كل ما حدث لي ما كان قد حدث. أنا لا آبه كثيراً لهذا النوع من التقدير والشرف، ولكنه أتاح لي -على الأقل-لأقول لكَ مكانتك عندي التي كانت وما تزال، ولأُؤكد لك أنّ تلك الجهود التي بذلتَها، بأنّ عملك، والقلب السخيّ الذي منحتَنا إياه، لا يزال حياً فينا نحن تلامذتك، على الرغم من كلّ تلك السنوات، فلن أتوقف عن أنْ أكون التلميذ الذي يحمل لك كل مشاعر الإمتنان. أُعانقك من كل أعماقي.

 

ألبير كامو : فيلسوف وجودي وكاتب مسرحي وروائي فرنسي-جزائري, ولد في قرية الذرعان بالجزائر، من أب فرنسي، وأم أسبانية، وتعلم بجامعة الجزائر. حائز على جائزة نوبل للآداب.

 

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

كيف تركز على شيء واحد فقط

نشر في: موقع فوكس تأليف: ريبيكا جينينغس بتاريخ: 4 سبتمبر 2019 ترجمة: مازن سفان تدقيق …

هل تجعلنا قراءة قصص الخيال أشخاصاً أفضل؟

تقديم: كلوديا هاموند ترجمة: ياسين إدوحموش تصميم الصورة: امير محمد كل يوم يُباع أكثر من …