تزعم دراسة حديثة أنه على الأرجح تم التزاوج بين إنسان نياندرتال والإنسان العاقل في فلسطين منذ 50,000 -60,000 عام.
توصلت دراسة حديثة إلى أن أول لقاء وزواج مصيري بين إنسان نياندرتال وجنسنا البشري حدث في فلسطين منذ 50,000-60,000 عام، أما الدليل الرئيسي على هذا الاكتشاف فقد تم نشره في مجلة the journal nature العلمية، وهو جمجمة متحجرة تم اكتشافها حديثاً تعود لإنسان عاقل تعايش مع إنسان نياندرتال ومن ثم فمن المحتمل أنهما أنجبا أول طفل ناتج عن التزاوج بين النياندرتال والإنسان العاقل، ومن الجدير بالذكر أنه وحتى يومنا هذا لايزال الأشخاص من أصول أوروبية وآسيوية يحتفظون بحمض نووي يعود إلى إنسان نياندرتال نتيجة للّقاءات التي حدثت بين أسلافهم.
وقد تم تسمية الجمجمة الجزئية، والتي يعتقد أنها تعود لأنثى، “مانوت” نسبة إلى الكهف الذي عثر فيه على الجمجمة في شمال فلسطين، كما تم تقدير عمر الجمجمة ب55,000 عام وذلك باستخدام وسيلة عالية التقنية.
صور: هل يعود أصلك للنياندرتال؟
وفي مقابلة مع برنامج ديسكفري نيوز قال المؤلف المشارك في جامعة تل أبيب “إسرائيل هيرتشكوفيتس” أن “مانوت تبين بوضوح أن النياندرتال عاش جنباً إلى جنب مع الإنسان العاقل في فلسطين منذ زمن طويل”، كما أن “جميع الدراسات الوراثية والأثرية الحديثة تنبأت بحدوث عملية تهجين بين النياندرتال والإنسان العاقل في الفترة منذ مابين 50,000 -60,000 عام في الشرق الأدنى”.
هذا وقد قام هيرتشكوفيتس مع علماء إسرائيليين آخرين بالإضافة إلى علماء في علم الإنسان من جامعة فيينا ومعهد ماكس بلانك في لايبتزيغ باستخدام العديد من الوسائل عالية التقنية، من بينها التصوير المقطعي على الحاسوب، لدراسة مانوت بالتفصيل، وبعد ذلك قاموا بمقارنة هذه المعلومات ببيانات لمئات من جماجم الإنسان البدائي من أجل ملاحظة الاختلافات وأوجه الشبه بينها.
يقول المؤلف المساعد في جامعة فيينا “غيرهارد فيبر” أن “تحليل الشكل يبين وبشكل واضح أن مانوت كانت إنساناً عاقلاً، إنه لمن المثير للاهتمام أن أكثر الجماجم شبها لمانوت هي تلك التي تعود إما لأشخاص أفارقة أو لبشر عاقلين عاشوا في أوروبا منذ 20,000-30,000 عام.”
من الواضح أن مانوت أكبر بكثير من جماجم أخرى أوروبية، بل هي أكبر من أول إنسان عاقل معروف لدينا عاش في أوروبا منذ 10,000 عام، الأمر الذي يضعف النظريات التي تفترض أن جنسنا البشري تقابل مع النياندرتال لأول مرة في أوروبا.
كيف غير حمض النياندرتال الوراثي البشر
يعتقد “فيبر” أنه إذا ما أخذنا كلا من التوقيت ومجموعة الخصائص المميزة لمانوت بعين الاعتبار “فمن المحتمل أن مانوت تعد إحدى البشر المهجنين،” بمعنى أنها خليط من الإنسان العاقل والنياندرتال، كما أن هنالك أجناسا بشرية قديمة أخرى عاشت في أوروبا وآسيا في ذلك الوقت، ما يجعل الاحتمال قائما بأن عمليات تهجين حدثت بين تلك المجموعات.
تعد مانوت مهمة كذلك لأنها تلقي الضوء على مسار رحلة هجرة رئيسية قامت بها أجناسنا انطلاقا من إفريقيا، ففي البداية كان يعتقد أن أسلافنا المباشرين سافروا من إفريقيا مرورا بالطريق الساحلي الجنوبي عبورا بالبحر الأحمر إلى شبه الجزيرة العربية، أما الآن فيعتقد الباحثون أن مانوت وأسلافها من البشر العاقلين سافروا شمالا من شرق إفريقيا إلى الصحراء النوبية قبل أن يكملوا رحلتهم إلى شبه جزيرة سيناء ومن ثم إلى فلسطين.
يعتقد “فيبر” أنه كان للإنسان العديد من الهجرات ما قبل التاريخ والتي انطلقت من إفريقيا حتى أوروبا وآسيا، وقد بدأت هذه الهجرات منذ 100,000 عام، إلا أن “موجة الهجرة الأكثر نجاحا”، والتي استطاعت فيها إحدى المجموعات أن تستوعب أو أن تحل مكان كافة المجموعات الأخرى عند وصولها، حدثت في وقت أقرب للعصر الذي عاشت فيه مانوت.
يؤيد كريس سترينغر من متحف التاريخ الطبيعي النظرية القائلة بأن مانوت قد تكون نموذجا لإحدى أولى حالات اللقاء والزواج بين جنسنا البشري والنياندرتال، وقد صرح سترينغر لديسكفري نيوز بأن” مانوت تعد أول إنسان عاقل من منطقة غرب آسيا تم تحديد زمن وجوده بدقة وقد قدر بالإطار الزمني الذي حدثت فيه عملية تهجين بين الإنسان العاقل الأول والنياندرتال”، كما أضاف أن “مانوت قد تمثل نموذجا لبعض المهاجرين الأوائل الذين هاجروا ضمن الهجرة المفترضة التي انطلقت من إفريقيا منذ ما يقارب 60,000عام، حيث انتشرت سلالة هؤلاء المهاجرين أخيرا في آسيا وأوروبا.”
وعلى هامش الدراسة، فقد تم نشر هذه النتائج خلال الأسبوع الذي شهد الذكرى ال70 لتحرير سجناء مخيمات الاعتقال النازية في منطقة أوشفتس، يقول فيبر” إن التعاون بين علماء علم الإنسان “الإسرائيليين” والنمساويين كان يسير على نحو جيد للعديد من السنوات، كما أنه مبني على الإيمان المشترك، وبالنظر إلى الوضع المعضل لعلم الإنسان في السابق، فإن هذه الخطوة تعد نموذجا إيجابيا على تطوير العلاقات.”
المصدر: هنا