ترجمة: علي ادهم
تدقيق وتصميم: بهاء محمد
——————–
إن الذاكرة قد تبدو شيئا هزلياً، فبإمكانها أن تخزن أدق تفاصيل الطفولة، ومع ذلك تتركنا نتساءل أين وضعنا مفاتيحنا.
هناك عدة أنواع من الذكريات، كما أن لدى الدماغ طريقة فريدة فى نسيان كل نوع منهم، لقد صنف علماء النفس مختلف طرق النسيان، في حين درس علماء الأحياء آلياته على المستوى الخلوي.
لقد وجدوا أن النسيان أمر طبيعي، بل هو شىء مهم للدماغ من أجل تأدية وظائفه. لنلقِ نظرة على بعض الحقائق الغريبة عن كيفية نسيان الناس للأشياء.
1. الأبواب وتدميرها للذاكرة:
هناك شىء مشترك وغامض بخصوص المصابين بفشل الذاكرة قصير الأمد، فهم يجدون أنفسهم فى غرفة ما، دون أن يتذكروا كيف انتهى بهم الأمر إليها، ويقول الباحثون أنه في هذه الظروف يتم إلقاء اللوم على الأبواب، فالدخول عبر الباب قد يوحى للدماغ بأن مشهداً جديداً قد بدأ، فينتهي به الأمر بتخزين الذكريات السابقة بعيداً مما يتسبب فى حدوث هفوات الذاكرة الغريبة.
وقد صرح Gabriel Radvansky – طبيب نفسانى بجامعة نوتردام – فى حوار دار عام 2011 بينه وبين مجلة (Live Science)، بأن الدخول والخروج من خلال باب هو بمثابة (حدود الحدث) بالنسبة للعقل، وبالتالي يقوم بتقسيم الذكريات إلى أجزاء ويخزنها بعيداً، كما أنه من العسير تذكر أى نشاط أو قرار تم أخذه فى حجرة مختلفة، حيث انه قد تم تجزئته بالفعل.
ورغم ذلك، فإن (حدود الحدث) شيء مفيد أيضاً، فهى تساعدنا على تذكر الجداول الزمنية العقلية التى لدينا، فهي لا تساعدنا فقط فى تذكر مكان وقوع الحدث، بل وزمن حدوثه أيضاً.
2. أنشطة محو العقل:
على الرغم من ندرة هذه الظاهرة، إلا أن هناك بعض الأنشطة من شأنها أن تسبب فقدان الذاكرة المؤقت وضبابية الدماغ، وهو ما يُدعى (فقدان الذاكرة الكُلّي العابر)، ومن هذه الأنشطة على سبيل المثال: الجنس، فقد تم تسجيل بعض الحالات تسبب فيها الجنس بحدوث مشكلة الذاكرة هذه، حيث ينسى المرضى أحداث اليوم السابق أو نحو ذلك، ويواجهون صعوبة فى تشكيل ذكريات جديدة.
يعاني المصابون بهذه الظاهرة من أعراض جانبية خطيرة، غير أن هذه الظاهرة تختفي خلال بضعة ساعات، كما أن سبب حدوث هذا النوع من فقدان الذاكرة غير واضح، والمسح الدماغي لمرضاه لم يُشر إلى أن وجود ضرر بهم أو إلى أى علامة على الإصابة بالسكتة الدماغية.
3. قد تبقى ذكرياتنا حتى ولو لم نستطع الوصول إليها:
هل يمكن أن تبقى الأغاني المَنسيّـة فى دماغنا دون أن نعرف! حسب تقرير منشور فى (the journal Frontiers) فى مجال الأعصاب، ذكر الباحثون حالة غريبة لامرأة مصابة بالهلوسة الموسيقية لأغاني لم تستطع تمييزها، في حين ميّزها الأخرون. حيث قال الباحثون: “على حد علمنا، هذه أول حالة هلوسة موسيقية معروفة يتم الاعتراف بيها من قِبَل الأخرين الموجودين فى بيئة المريض”.
كما قال العلماء أنه من المرجح أن تكون هذه المرأة قد عرفت هذه الأغنية فى وقت ما، ولكن نسيتها بعد ذلك. إن هذه الحالة تثير التساؤلات حول ما يحدث للذكريات المَنسيّـة، فيقترح العلماء أن هذه الذكريات قد تكون مُخزنة بشكل ما فى الدماغ، والذى يسمح بالوصول إليها ولكن لا يسمح بالتعرف عليها، فمن الممكن أن تكون هذه المرأة قد خلطت بين ذكرياتها الموسيقية المخزنة وبعض الذكريات الأساسية المنسية الأخرى، وكنتيجة لذلك قالت أنها لا تستطيع تمييز هذه الموسيقى.
4. الدماغ قد يكون مُبرمج على نسيان أحداث الطفولة:
يقول العلماء أن ذكريات طفولتنا المبكرة تتلاشى، ومن المرجح أن هناك سبباً لذلك. ففى معظم الأحيان لا يسترجع الناس ذكريات السنوات الأولى من حياتهم، عادة تكون ما قبل السنة الثالثة أو الرابعة، وهذا ما يُدعى (فقدان الذاكرة الطفولي).
اعتقد العلماء فيما سبق أن الذكريات المبكرة كانت موجودة عند الأطفال، ولكنهم لم يكن لديهم المهارة اللغوية للتعبير عنها. إلا أن الأبحاث الأخيرة تُظهرأن الأطفال بالفعل يُكوّنون ذكريات فى سنواتهم الأولى، ولكنا تُنسى لاحقا بآليات مدروسة. أحد التفسيرات المحتملة لهذا هو أن الدماغ تمحو هذه الذكريات خلال تزايد نموه وتكوينه للخلايا.
6. إصابات المخ قد تسبب النسيان:
من الممكن أن نفقد الذكريات قبل حتى أن تتسنى لها فرصة التخزين، وذلك عن طريق إصابة هياكل الدماغ التى تشارك بوجه خاص فى بناء الذاكرة والمحافظة عليها واسترجاعها. فتعرُّض هذه المناطق للضرر من شأنه أن يتسبب فى أنواع غريبة من فقدان الذاكرة.
ففي إحدى حالات فقدان الذاكرة الشهيرة التى تم دراستها، فقد المريض المدعو (هـ. م.) قدرته على تكوين أية ذكريات جديدة بعد إزالة جزء من دماغه يُدعى (الحُـصَين) أثناء إجراء عملية جراحية له لعلاجه من الصرع. وهناك أيضاً حالة شهيرة لمريض أخر يُدعى (إ. ب.) والذى واجه نفس المصير بعد إصابته بفيروس تسبب له فى إلتهاب الدماغ.
المصدر:-
http://bit.ly/1ijiLDZ