كتبه لموقع “براين بيكينغز”: ماريا بوبوفا
نُشر بتاريخ: 8/2/2017
ترجمة: روبيرتو نصرت شوقي
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
“تكمن الثروة الحقيقية للأمة في مواردها الطبيعية؛ التربة، والمياه، والغابات، والمعادن، والحياة البرية. إن الحكومة لا تقوم بدورها كما ينبغي، ولا يمكن أن يكون هذا بسبب السياسة”.
في عام 1953، أي حوالي عشر أعوام قبل أن تحث الحركة المحافظة على البيئة بالانتشار، وذلك بإصدار كتاب (الربيع الصامت)، بدأت عالمة الأحياء الرائدة والكاتبة ريتشيل كارسون (27 مايو 1907 _ 14 أبريل 1964) بتجسيد روح الشعب والتي سوف تحرك حياتها؛ “أن نصمت في الوقت الذي يجب علينا الاحتجاج فيه؛ هو خطأ يجعل الرجال جبناء”.
وبعد تولي آيزنهاور رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت الحكومة بتشريع سياسات حققت تدمير الطبيعة تحت مسمى التجارة، وقد كانت مجلة “خدمة الأسماك والحياة البرية” التي كانت ريتشيل تشغل منصب رئيس تحريرها، هي أولى الأهداف في القائمة، (تذكر، لم يكن هناك جهة حكومية لحماية البيئة في ذلك الوقت، فقد تم تأسيسها عام 1970، بجهد كبير من ريتشيل، لكنه للأسف توقيت مأسوي، إذ إن السرطان قضى على حياتها قبل أن تحصد ثمار عملها).
ومنذ بدايتها في عام 1938، أصبحت المجلة هي الجهة الحكومية المسئولة عن حماية البيئة والمحافظة عليها، وقد كان العالِم المُدرب والمنادي بالحفاظ على البيئة، (ألبرت م. داي) مرافقاً للمجلة منذ البداية حتى أصبح المدير في عام 1946، وبعد تعيين رجل أعمال وزيراً للداخلية، قامت الحكومة بعزل ألبرت م. داي من منصبه وتم تنصيب رجل سياسي غير عالم، والذي سيوقع على إزالة حماية البيئة التي تم الحصول عليها بشق الأنفس وذلك من أجل تحويل الموارد الطبيعية إلى سلعة مربحة؛ وهو قرار تعتقد ريتشيل كارسون أنه “يجب أن يكون مزعجاً للغاية لكل مواطن ذو فكر”؛ فقامت بإرسال خطاب فائق البلاغة إلى رئيس تحرير صحيفة (واشنطن بوست) والذي تم استقباله بواسطة وكالة (أسوشيتد برس)، والتي تم نشره على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، وتمت إعادة طباعته في مجلة (ريدرز دايجست) وانتشر في كل مكان كالفيروس، وبهذا تكون ريتشيل قد غلبت التفريق الثقافي الشديد ضد جنسها وخلفيتها الأقل حظاً لتصبح الكاتب العلمي الأكثر احتراماً في البلاد؛ كان صوتها دعوة واضحة للمقاومة.
جاء لاحقاً في كتاب (الغابات المفقودة) إن الخطاب يدل على الصلة الوثيقة والمثيرة للدهشة، في أن مأزقنا الراهن كما تذكرنا دورات التاريخ في مواجهة الحكومات الأخرى والتي على استعداد لاستغلال هشاشة الطبيعة والمحدودية الثمينة من مواردها لتحقيق مكسب تجاري وسياسي لا هوادة فيه.
مع التركيز على ما قد يتطلبه الأمر حقاً لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، كانت ريتشيل تكتب: “تكمن الثروة الحقيقية للأمة في مواردها الطبيعية؛ التربة، والمياه، والغابات، والمعادن، والحياة البرية، فلكي نستخدمها لتلبية الاحتياجات الحالية مع ضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة، يجب أن يكون لدينا برنامجاً متوازناً ودقيقاً ومستمراً، مستنداً إلى أكثر الأبحاث شمولاً؛ إن الحكومة لا تقوم بدورها كما ينبغي، ولا يمكن أن يكون هذا بسبب السياسة.
وبتقليد طويل، تمت قيادة الوكالات المسؤولة عن هذه الموارد من قبل رجال يتمتعون بمكانة مهنية وخبرة، فهموا، واحترموا، واسترشدوا بالنتائج التي توصل إليها علماءهم.
ولسنوات عديدة ظل المواطنون المولعون بالحيوية في جميع أنحاء البلاد يعملون لسنوات عديدة من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية، مما يدرك أهمية حيوية بالنسبة للأمة، ومن الواضح أن التقدم الذي تم إحرازه بشق الأنفس سيُقضي عليه إذ إن الإدارة ذات التوجه السياسي تعود بنا إلى العصور المظلمة للاستغلال والتدمير غير المقيدين.
بعد قرن من تعليق (وولت ويتمان) في أطروحته الراسخة عن الديمقراطية، “إن أمريكا إذا كانت مؤهلة على الإطلاق للسقوط والدمار، فهي مؤهلة بنفسها، ليس من غيرها”، وتعلق كارسون قائلة: “من المفارقات في عصرنا إنه بينما نركز على الدفاع عن بلادنا ضد الأعداء من الخارج، أن نكون غافلين عن أولئك الذين سيدمرونها من الداخل”.
على الرغم من أن صرخة كارسون الشجاعة لم تحدث سوى القليل من الاختلاف السياسي على المدى القصير، إلا أنها أدهشت وأيقظت الوعي العام بطريقة قوية، وهي حالة من الاستيقاظ المرهفة التي ستزدهر بعد عقد من زمن نشر (الربيع الصامت)، الذي أصبح حافزاً ليس فقط لإنشاء وكالة حماية البيئة فقط ولكن من أجل الضمير البيئي الحديث الذي هو أملنا الوحيد للبقاء على المدى الطويل لكوكبنا الأزرق؛ إن تراث كارسون هو تذكير بأن مردود الشجاعة والمقاومة لا يكون دائماً واضحاً على الفور، لكنهم يعملون كقوة تكتونية قوية يمكنها أن تحول المستقبل بطرق أساسية.
هناك مجموعة لا غنى عنها من حكم ريتشيل كارسون الخالدة، والتي تم جمعها في كتاب الغابات المفقودة، قم بإكمال الحديث بقصة شجاعة “لماذا وكيف كتبت ريتشيل الربيع الصامت”، وهي قصيدة “الاحتجاج القوية” في عام 1914 التي شجعتها على التحدث بالحقيقة المزعجة إلى السلطة، وودعت وداعاً إنسانياً عميقاً لصديقها الأعز.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا