الرئيسية / علوم تطبيقية / لِمَ تقل مستويات التستوستيرون عند الرجال في العصر الحديث؟

لِمَ تقل مستويات التستوستيرون عند الرجال في العصر الحديث؟

كتبه لموقع “بيغ ثينك”: ماثيو دايفس
نشر بتاريخ: 12/10/2018
ترجمة: إبراهيم العيسى
مراجعة وتدقيق : امير صاحب
تصميم الصورة: مثنى حسين

أتذكر اختيال فرانك سيناترا ، ثقة جون واين، وشارب بيرت رينولد المثير للإعجاب؟ كان هؤلاء رمزاً للذكورة بالنسبة لكثير من الناس، وكثر هم من يذكرونهم اليوم عندما يتحسرون على النقص الحاصل في الذكورة في مجتمعنا.
كان فرانك سيناترا ذو مزاج عنيف، وجون واين عنصرياً، أما بيرت رينولد فقد كان زير نساء وكانوا جميعاً يشربون بكثرة. ورغم أن المزايا العتيقة للرجولة لم تتغير كثيراً مثل تغير القيم حالياً. يظل كثير من الناس يعتقدون أنّ الرجال كانوا أكثر ذكورة في تلك الأيام.
أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على عينة كبيرة من الرجال الأمريكيين أن مستويات التستوستيرون تتناقص بمعدل يقارب 1% سنوياً. تنخفض مستويات التستوستيرون عادة مع التقدم بالعمر، لكن وجدت هذه الدراسة أن الرجل الذي كان يبلغ من العمر 65 عاماً في العام 1987 كان لديه معدلات تستوستيرون أكثر ب 17% من رجل يبلغ ذات العمر في العام 2004. ولا يقتصر الأمر على الأمريكيين فحسب، إذ توصلت دراسة دنماركية لنتائج مشابهة. ومن القصص المشابهة لذلك ما ذكره مستشار الأمور الجنسية إيان كيرنر لشبكة CNN الأمريكية أنه قد لاحظ أن أعداداً متزايدة من الرجال يشتكون من مشاكل جنسية، مثل تلاشي الرغبة الجنسية ومشاكل تتعلق بالانتصاب وخاصة عند كبار السن.

ما مدى سوء هذا الأمر؟
ليس الأمر كارثياً بعد، إذ لازال معظم الرجال يتمتعون بمستويات تستوستيرون صحية رغم تناقصها عاماً بعد عام. لكن إن انخفضت مستويات التستوستيرون كثيراً، سنبدأ عندئذ برؤية عدد كبير من النتائج السلبية. يعزز التستوستيرون الانتباه، الذاكرة، المنطق والطاقة وخاصة أنه يجعلك أكثر حدة وبالطبع يزيد من شهوتك الجنسية وكتلتك العضلية. عند انخفاض مستويات التستوستيرون بشدة، قد يشعر المرء بالإرهاق، وفقدان الرغبة الجنسية ويزداد الوزن وتقل الكتلة العضلية. كما أن هناك علاقة بين مستويات التستوستيرون المنخفضة والاكتئاب. وهناك ايضاً علاقة بين مستويات التستوستيرون المنخفضة والأمراض. فقد وجدت إحدى الدراسات المنشورة في الربيع أن الذين يعانون من نقص التستوستيرون (أقل من 300 نانو غرام من التستوستيرون في الديسيلتر) أكثر عرضة للإصابة بالسمنة، الأمراض القلبية الوعائية، ارتفاع ضغط الدم، السكري وأمراض أخرى. لكن من الجدير بالذكر أن هذه البيانات مترابطة. إذ من الصعب الجزم أن مستويات التستوستيرون المنخفضة تؤدي لتلك العواقب السلبية. إلا أن القيام بالنشاطات والتمارين التي تبقي على مستويات التستوستيرون مرتفعة تساعدك في تجنب التعرض لتلك الحالات غير المرغوب بها. وبما أن التستوستيرون يتناقص مع التقدم بالعمر أو نتيجة ظروف طبية معينة، يلجأ بعض الناس للمعالجة بالتستوستيرون ويحقنون أجسامهم بما فشلت في انتاجه.

ما السبب؟
للأسف لا زال سبب تناقص مستويات التستوستيرون عاماً بعد عام غير واضح، لكن هناك بعض الأسباب التي يمكن ترجيحها؛ أحدها يثير الدهشة وهو أن الرجال اليوم يدخنون أقل مما سبق. فكل شيء في السجائر غير هذا هو مضر للغاية، فالتدخين عادة يزيد مستويات التستوستيرون. على أيام فرانك سيناترا كان التدخين هو الأمر المعتاد وليس الاستثناء. لكن لا تدخن كي تبدو أكثر رجولة، رجاء! فهذه فكرة في غاية السوء. كما تسهم معدلات السمنة المرتفعة في انخفاض مستويات التستوستيرون. إذ زادت السمنة بين البالغين الأمريكيين بين 1999 و2016 بما يقارب 10%. فالتستوستيرون والسمنة ينشئان ما يدعى بالحلقة المفرغة، فالرجال البدينون تكون مستويات التستوستيرون لديهم منخفضة عادة وكذلك يصبح الرجال منخفضو مستوى التستوستيرون أكثر عرضة للبدانة، ومرد هذا أنّ الخلايا السمينة تحلل التستوستيرون وتحوّله إلى ستروجن. كذلك تكون مستويات الجلوبولين المرتبط بالهرمونات الجنسية والذي ينقل الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون في الدم منخفضة لدى البدينين. ومع ذلك يبقى التلوث هو العامل الأرجح لانخفاض مستوى التستوستيرون. إذ بينت الأبحاث أنّ المواد الكيميائية الموجودة عادة بالأدوية والمبيدات تثبط التستوستيرون. فهي تتسرب إلى المياه، وتزيد من مشاكل الخصوبة لدى الأسماك، ويعتقد الباحثون أن ذات الأمر يحدث لدى البشر أيضاً. وإضافة إلى ذلك، فقد وجدت أبحاث أجريت على قبائل أمريكية أصلية أن المستويات المرتفعة من مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور -وهو عنصر من المبردات الصناعية، يستخدم كملدن وله تطبيقات عديدة أخرى- عند الذكور لها علاقة بمستويات التستوستيرون المنخفضة. منذ أمد بعيد ونحن نعلم أن مركبات ثنائي الفينيل متعددة الكلور هي مركبات سامة، لكن المادة الكيميائية تدوم طويلاً. لكن هناك مواد كيميائية أخرى، مثل بيسفينول أ –بلاستيك-، أو التريكلوزان (مضاد جرثومي)، تبيّن أنها تعرقل عمل الجهاز الهرموني لدى البشر إما عبر تقليد ستروجن أو عبر إعاقة عمل التستوستيرون. وحالما تدخل مركبات كيميائية مثل تلك في النظام البيئي وتصبح من السلسلة الغذائية، يصبح من العسير إخراجها.
للملوثات الصناعية عدد لا يعد ولا يحصى من الآثار السلبية على صحة البشر، وقد يكون منها حجب التستوستيرون في الجسم.

ما الذي يمكن فعله؟
الخبر السّار: قد تكون الأمور التي تؤدي إلى خفض مستويات التستوستيرون معقدة، إلا أن مواجهة هذه المسألة في غاية البساطة وقد يكون الحل هو ما فكرت به على الدوام. تناول طعام صحي، ممارسة الرياضة أكثر، وزيادة ساعات النوم ليلاً، وإن أردت بذل جهد أكثر، تجنب الأكل والشرب من الأواني البلاستيكية. وأخيراً، كن سياسياً؛ عندما تغيب النظم البيئية، تغيب معها الصحة كذلك. وعلى خلاف العادة، قد تكون أنسب وسيلة للحفاظ على رجوليتك هي أن تصبح من مناصري البيئة.

المقال باللغة الإنجليزية: هنا

عن Ahmed Alwaeli

Designer, Translator..

شاهد أيضاً

فرانكنشتاين: التجارب الحقيقية التي ألهمت الخيال العلمي

كتبه لموقع “ذي كونفرزيشن”: ايوان موروس نشر بتاريخ: 26/10/2018 ترجمة: إبراهيم العيسى مراجعة وتدقيق : …

الأرض كانت أرجوانية بحسب دراسة ناسا الجديدة

كتبه لموقع “بيغ ثينك”: بول راتنر نشر بتاريخ: 17/10/2018 ترجمة: شذا ابراهيم مراجعة وتدقيق: نعمان …