كتبه لموقع الموسوعة البريطانية (انسيكلوبيديا بريتانيكا): نواه تيش
ترجمة: منار إبراهيم
تدقيق: عقيل صكر
تصميم: مينا خالد
ماذا لو كنتَ آخر شخص يتحدث لغتك؟ تُرى كيف سيكون شعورك حينها؟! لاريب أنّه يستحيل لك تخيل هذا إذا كنت أحد هؤلاء من تجري لغاتهم على ألسن ملايين المتحدثين.
ومع ذلك فمعروف أن العديد من اللغات قد وُلدت واندثرت عبر التاريخ البشري، ولا تزال تمضي حتى يومنا هذا على ذات الشاكلة. إذ يُقدّر اللغويون أنّه بحلول ختام قرننا المعاصر – القرن الحادي والعشرين – ستنقرض أكثر من نصف لغات العالم البالغ عددها 6900 لغة.
أحياناً تتسارع الوتيرة التي تنقرض بها اللغات. والسبب المُحتمل وراء ذلك هو إبادة الجماعات الصغيرة من متحدثيها الأصليين والقضاء عليهم بِفِعل الكوارث الطبيعية أو الحروب. وكمثالٍ على ذلك، دعنا نتناول دولة السلفادور؛ فقد هجر متحدثو لغتي لينكا وكاكوبيرا لغاتهم الأصلية، لتجنّب اتصافهم بالهنود، عقب المجزرة التي شهدوها عام (1932) والتي حُصِدَ فيها عشرات الآلاف من أرواح الفلاحيين الأصليين، على أيدي جنود السلفادور، لقمع إحدى الانتفاضات.
إلا أنّ معظم اللغات – مع ذلك – تنطفأ تدريجياً، إذ تغدو الأجيال اللاحقة ثنائية اللغة، ومن ثمّ تبدأ كفاءتهم في اللغة الأصلية بالأفول والتلاشي شيئاً فشيئاً؛ هذا لما للغة الثانية عليها من طغيان. ولِمَ قد يستعيض المرء عن لسانه الأصلي بلسان أجنبي؟ عادةً ما يكون هذا سعياً لتعلّم لغة جديدة تفوق لغته الأصلية في المكانة والأهمية، وذلك ليحظى بمنافعها الاجتماعية والاقتصادية أو تجنّباً للتفرقة العنصرية وحسب. وخير دليل على ذلك هو الاندثار التدريجي للقبطية كلغة منطوقة في مصر بعد بزوغ فجر اللغة العربية في القرن السابع الميلادي. ولا نغفل عن الدور الفاعل للحداثة والعولمة في تعضيد تلك القوى وتعزيزها. والآن يتعرض الناس لضغوط غير مسبوقة على مستوى العالم لتبني اللغات الشائعة المستخدمة في الحكومة والتجارة والتكنولوجيا والترفيه والعلاقات الدبلوماسية كذلك.
وماذا بعد موت اللغات؟ هل مِن حياة أخرى؟
حسناً في العديد من الحالات، نعم هناك. فغالباً ما يهتم مختصو الحفاظ على البيئة بإعادة إحياء اللغات، نظراً لما تمثّله لذويها من هوية إقليمية أو عرقية. وأوضح الأمثلة على ذلك هي اللغة العِبرية، التي انقرضت كلغة عامية في القرن الثاني الميلادي (مع أنهم أبقوا على استخدامها كلغة للدين والثقافة فقط). إلا أنه إبان القرنين التاسع عشر والعشرين، دبت فيها الروح مرة أخرى وكُتبت لها الحياة من جديد لتعود بصورة حديثة، وتمثل الآن اللغة الأولى لملايين الناس في اسرائيل.
للاطلاع على المقال الأصلي: هنا