ترجمة : نورالهدى عباس التميمي
تدقيق : ريام عيسى
تصميم : مكي السرحان
اختبار مفاجئ: أي نوع من الخلايا تشكل دماغ الإنسان؟ إذا قلت أنها الخلايا العصبية، فلن تحصل على علامة كاملة – أن الدماغ لن يكوّن نصف جهاز اذا لم توجد الخلايا المساعدة التي تسمى الخلايا الدبقية.
لكن لا تشعر بالاستياء. ففي الماضي، كان العلماء يركزون ايضًا على الخلايا العصبية بشكل رئيسي في تطوير الدماغ خلال المراحل الجنينية. الآن اتضح أن تلك الخلايا الدبقية يجب أن تأخذ الجزء الأكبر من الإهتمام.
بدأ فريق صغير من الباحثين بقيادة علماء من جامعة نيويورك إلى تشكيل يستخدم التمنية الحيوانية لدراسة كيف ينمو الجهاز العصبي – بأستخدام ذبابة الفاكهة المتواضعة.
درس الباحثون بالتحديد النظام البصري لذباب فاكهة يسمى دروسوفيليا (Drosophila) لرؤية كيف اصبحت الخلايا المنقسمة دوائر مكلفة لرسم الضوء الساقط على الأعصاب الحسية. يرتبط هذا النوع من العمليات عادة فقط مع خلايا معروفة سابقًا بأستجابتها للتغيرات الكيميائية من خلال تمرير الإشارة _ والملقبة ايضًا بالخلايا العصبية.
بدلًا من ذلك، وجد الباحثون خلايا عادةً ما تبقى خلف الكواليس والتي لها دور نشط الى حدٍ ما للقيام بهذه العملية.
قال الباحث فيليوان فرناندس (Vilaiwan Fernandes) من جامعة نيويورك :(تقودنا النتائج الى مراجعة وجهة نظرنا حول الجهاز العصبي ودوره في تطوير الدماغ لنقدّر الآن قيمة مساهمات الخلايا اللاعصبية مثل الخلايا الدبقية).
تأتي الخلايا الدبقية بأشكالٍ متعددة، لكنها كلها مكرسة لمساعدة الخلايا العصبية في دورها المهم لنقل الموجات الكهربائية الكيميائية. طاقم الدعم هذا ليس فريقًا صغيرًا، وإنما، يشكل ما لا يقل عن نصف العدد الإجمالي للخلايا الدماغية.
اسم الخلايا الدبقية (Glia) جاء من الكلمة اليونانية (glue) وتعني الغِراء، لكن في السنوات الأخيرة أصبح واضحًا أنها تقوم بأكثر من كونها هيكل لربط الخلايا العصبية ببعضها، مثل تطهير الخلايا العصبية من المواد الكيميائية الشاردة او غير المرغوبة وتوفير الوصول الى المغذيات وتوفير الحماية.
وعلى الرغم من الاعتراف بعدد كبير من الوظائف الجانبية، لا يزال الباحثون يلاحظون التمييز بين الدوائر النشطة من الخلايا العصبية والخضوع البسيط من الخلايا الدبقية.
يشير هذا البحث الجديد إلى أن الحدود أكثر غموض بكثير مما كان يُفترض.
قال د. فرناندس :“في الواقع، وجدت دراستنا أن الأسئلة الأساسية في تطوير الدماغ بالنسبة للتوقيت والتجانس وتنسيق ولادة الخلايا العصبية لا يمكن فهمه الا عند حساب مساهمة الخلايا الدبقية.“
يتطلب تطوير الدماغ في الكائنات الحية البسيطة مثل ذبابة الفاكهة تنسيقًا شديدًا في ضبط الأرقام وروابط الخلايا وفقًا لذلك.
وعلى الرغم من أن هناك فرقًا بين البشر والذباب، إلا أن كلاهما يتكون من دوائر صغيرة ترتبط معًا لأداء مهمة، مثل جمع الضوء وتحويله الى خريطة مفيدة.
بدلًا من هذا التنسيق القادم من الخلايا العصبية، وجد الباحثون أن الخلايا الدبقية تشرف على البناء وزيادة الإشارات الصاخبة وارسال رسالة تشبه الأنسولين بين شبكة العين والمناطق البصرية الناشئة في الدماغ للحث على تغيرات معيّنة.
ولم يكن واضحًا تمامًا لماذا اتخذت الخلايا الدبقية هذا الدور الهام، خصوصًا ربط التراكيب المختلفة للخلايا العصبية ومرور الإشارات من خلالها. افترض الباحثون أن الخلايا الدبقية ساعدت في ضمان التغيرات الضرورية في الفصوص البصرية للدماغ التي لا تحدث الا بعد إنشاء المسارات الصحيحة.
اختبر الباحثون ذلك من خلال امرار إشارات تشبه الأنسولين خلال الخلايا الدبقية في مراحل تطور ذباب الفاكهة اي قبل نضجها، مما يدل على دور الخلايا الدبقية في الحصول على توقيت تغيرات صحيحة محددة.
قال الباحث كلود ديسبلان (Claude Desplan):“ بوصفها مرسلة للإشارات بشكل تلقائي، فالخلايا الدبقية تمارس مراقبة دقيقة ليس فقط في متى واين تتولد الخلايا العصبية، ولكن ايضًا نوع الخلايا العصبية الذي ستتمايز اليه.“
هذا ليس سوى مثال للخلايا العصبية التي توجه التطور العصبي لجزء واحد من الجهاز العصبي. لكنه يضع إمكانية أن ما اعتبرناه ليس سوى خلايا مربية يمكن أن تكون أشبه بالمسؤول الرئيسي لتطور الدماغ في مناطق معيّنة.
نُشر هذا البحث في مجلة العلم (Science).
رابط المقال بالانكليزية: هنا