بقلم: بيتر بوغوسيان، جيمس ليندسي، فيل توريس
كيف يمكن لشكلٍ جديد من أشكال الإلحاد أن يتمكن من مكافحة الجهاديين الذين يرغبون في إنهاء العالم.
العالم ليس على وشك أن ينتهي، لكننا نواجه مشكلة كبيرة مع الأشخاص الذين يعتقدون بذلك. على مدى العقد الماضي، أصبحت معتقدات العديد من المتطرفين وعلى نحوٍ متزايد مروعة وتتنبأ بنهاية العالم. إنهم مقتنعون بأن نهاية العالم وشيكة وأن لهم دورٌ خاص في تحقيق تلك النهاية. وسواء أكنت مهتماً بالرؤيا النبوئية الخاص بالنهاية أو لا، فإن الإرهابيين الذين يؤمنون بقدومها مهتمون بك.
من الصعب العثور على حلول. لكن، هنالك وسيلة لمواجهة التطرف، وسيلة من الممكن أن تكون فعالة بقدر إفتقارها للشعبية اللازمة. إنها إستراتيجية إجتماعية وفكرية تهدف لتقويض المعتقدات الدينية المحفزة للجهاديين – وواحدة من مجموعة الأفكار الأكثر إثارة للجدل والتي برزت في الغرب في الربع الأخير من القرن الماضي: الإلحاد الجديد.
ظهر الإلحاد الجديد كإستجابة مباشرة لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة، وهي الهجمات التي أظهرت بأن التصرف وفقاً لبعض المعتقدات الدينية يمكن أن يؤدي لحدوث كارثة. عرضت الحركة وجهات نظر لم تكن موضع ترحيب من قبل، مثل: أن لكل دين عواقب سلبية، وأن حتى المتدينين المعتدلين يسهمون في هذه المشكلة لأنهم، ومن خلال إقرارهم بأن الإيمان سبب مشروع للإبقاء على المعتقدات، يساعدون في تمكين المتطرفين الدينيين.
ولتوضيح هذه المسألة، فقد كسر الملحدون الجدد ببراعة واحدة من المحرمات المتواجدة منذ زمنٍ طويل والمتعلقة بإنتقاد إيمان أحدهم. لكنهم كسروا محرماً ثانٍ في ذات الوقت. إنضم بعض الملحدين الجدد من اليساريين – بما فيهم سام هاريس، وجيري كوين، وريتشارد دوكينز، ومايكل شيرمر – إلى أصوات العديد من الملحدين الجدد من اليمينيين في القول بأن هنالك مخاطر لا نظير لها ترتبط بالجهاد، مثل فكرة الإستشهاد. يقول الملحدون الجدد بأن التركيز على التطرف الديني العام يماثل ذر الرماد في العيون، لأن محتويات معينة من العقيدة الدينية تحدد الطرق التي يتطور بها التطرف، وبالتالي فإن بعض العقائد تشكل تهديداً أكبر من غيرها.
نجح الإلحاد الجديد بالفعل في تحويل المشهد الثقافي للحضارة الغربية، جاعلاً إياها أكثر تقبلاً بكثير لأن يكون المرء ملحداً بشكل علني، لتمنح الملحدين رؤية عامة غير مسبوقة، ومن شأن ذلك أن يدعم الحدود القانونية للعلمانية وتغيير طبيعة الخطاب العام عن الإيمان، والمعتقد، والرب، والدين.
نجحت أفكار الإلحاد الجديد هذه في التسلل إلى المجتمعات الإسلامية التقليدية والمنغلقة، ممّا يمنح تلك الشعوب فرصة للتشكيك في معتقداتهم. ففي البلدان الإسلامية، ساعدت كتابات حركة الإلحاد الجديد – والتي تعتبر غير القانونية هناك – في بذر بذور الشك والمعارضة.
فقد تم تحميل الترجمة العربية لكتاب ريتشارد دوكينز “وهم الإله”، على سبيل المثال، عشرة ملايين مرة، وأصبحت صور الأشخاص الذين يحملونه وهم يطلون على مكة أمراً شائعاً بشكل ملحوظ، آخذين بنظر الإعتبار العقوبات الصارمة للقيام بذلك – والتي تتراوح ما بين قضاء عشرة أعوام في السجن وصولاً لعقوبة الإعدام.
ربما إرتفعت موجة الإلحاد الجديد في العالم الإسلامي، لكنه لم يخلق له جذوراً عميقة بعد. ولا يعتبر نهجه الحالي مناسباً تماماً ليواصل إختراق المجتمعات الإسلامية. لأن الخطاب المتعالي للملحدين الجدد – كوصف الأشخاص المتدينيين بالموهومين، على سبيل المثال – لا يشكل إستراتيجية تواصل ثقافي فعالة لتوليد التغيير.
يحتاج الفصل الجديد من الإلحاد الجديد لأقلام أكثر دقة، إن لم نقل أكثر لطفاً. جادلت الكاتبة الأميركية الهولندية الصومالية المولد أيان هيرسي علي، على سبيل المثال، ببلاغة حول كون الإسلام بحاجة لإصلاح داخلي قبل أن تصبح التعددية الفكرية والدينية أمراً مألوفاً في العالم الإسلامي. لأن الإلحاد، بحسب علي، خطوة منطقية تأتي بعد أن تتواجد قيم التنوير، مثل العقلانية والتسامح، والحريات المتمثلة في مجتمع حر ومنفتح وعلماني.
وتحقيقاً لهذه الغاية، فقد بدأ الملحدون الجدد في التوصل للتعاون مع المسلمين المعتدلين والمسلمين السابقين، وهو الأمر الأهم كما يقولون. فقد أصبح العديد من المسلمين السابقين من الملحدين الجدد وعادوا إلى مجتمعاتهم كدعاةٍ للإصلاح. على سبيل المثال، إنخرط ماجد نواز (المسلم الليبرالي والعضو السابق في إحدى الجماعات الإسلامية المتشددة والذي أصبح مكافحاً للتطرف) وعلي ريزفي (الذي يعرف نفسه على أنه “مسلم ملحد”) بشكلٍ وثيق في حركة إصلاح إسلامي جارية من خلال المساهمة في إزالة قوانين التجديف “الكفر”.
يتطلب الطريق للتقدم قدماً القدرة على التحدث بصراحة عن الدين، وقد أصبح الإلحاد الجديد الجهد الثقافي الأكثر فاعلية للتوسط في هذه النقاشات. مع ذلك، يجب على مساعي الحركة أن تعترف بالإنسانية في الدين مع مواصلة الحوار الصريح حول الصراعات عميقة الجذور بين العقل والإيمان. اليوم وأكثر من أيّ وقتٍ مضى، هنالك حاجة متزايدة لإلحاد جديد ناضج لتقديم بديل فريد من نوعه عن صراعات الإيمان التي لا يمكن التوفيق فيما بينها، وبعضٌ منها يرغب في إنهاء العالم.
بيتر بوغوسيان، عضو هيئة تدريس متفرغ في قسم الفلسفة بجامعة ولاية بورتلاند.
جيمس ليندسي، مؤلف لثلاثة كتب، بما فيها كتاب “كل شيء خاطيء بخصوص الرب”.
فيل توريس، كاتب مساهم في معهد مستقبل الحياة والمدير المؤسس لمعهد X-Risks.
المصدر: هنا