في اواخر خمسينيات القرن الماضي من اجل اكتشاف العلاقة التي تربط الام بطفلها قام عالم النفس الامريكي هاري هارلو باجراء ابحاث على
قرود الماكاو Rhesus Macaque حيث عزل مجموعة من القردة عن امهاتهن بعد ساعات قليلة من الولادة..
ووضعهن في مختبر به والدتين بديلتين عبارة عن الات :احداهما مصنوعة من ثياب ناعمة تغطى إطارًا من الأسلاك، والأخرى مصنوعة من الأسلاك فقط ..
وكان لكل منها زجاجة إرضاع في صدرها يستطيع القردة تناول طعامهم منها.
كل القردة تعلقت بالأم الحديدية المغطاة. وعندما وضع شكل مرعب في القفص هربت صغار القردة للاحتماء بالالة المصنوعة من الاسلاك والمغطاة بالقماش!
ثم قام هارلو فيما بعد بعزل قردة اخرى في مجموعتين منفصلتين احداهما كانت تحصل على الحليب من الالة المصنوعة من الاسلاك والمغطاة بالقماش والاخرى كانت تحصل على الحليب من الالة المصنوعة من الاسلاك فقط ..وكانت القردة تشرب بنفس الكمية وتنمو نموا فسلجيا طبيعيا بنفس المستوى ..لكن مالاحظه هارلو ان سلوك القردة في المجموعتان مختلف جذريا !
افترض هارلو بان المجموعة الاولى التي حصلت على الحليب من الالة المغلفة بالقماش حصلت اضافة للحليب على عاطفة ناتجة من الالتصاق مع القماش اما المجموعة الاخرى فلم تحصل .. وما دعم هذا الافتراض ان هارلو قام باخافة مجموعتي القردة عن طريق الشكل المرعب فالمجموعة الاولى التي كانت تحصل على الطعام من الالة المغطاة بالقماش ركضت نحو الالة وتعلقت بها حتى ازالوا الشكل المرعب فعادت الى حياتها الطبيعية بعد ان نزلت عن الالة ..
اما المجموعة الاخرى التي كانت تحصل على الطعام من الالة المصنوعة من الاسلاك فقط فقد اصابها الهلع ولم تذهب للالة او تتعلق بها بل ضلت خائفة في الارض..
وحتى بعد ازالة الشكل عنها ظلت خائفة ومرعوبة ..
هارلو شبه هذه الحالة التي حصلت للمجموعة الثانية بالاطفال المصابين بالتوحد او الذين يعانون من حرمانهم من ابائهم عندما يتعرضون للخوف ..
* وتجارب هارلو هذه وضحت بان العلاقة التي تربط الطفل بامه وتجعله يتعلق بها ليست علاقة بيلوجية فقط (الحصول على الطعام ) بل ايضا عاطفية ..
وليؤكد ذلك اكثر جعل الالة المصنوعة من الاسلاك تحتوي على زجاجة الحليب فقط والالة الاخرى لاتحتوي حيث لاحظ ان القردة حينما خؤفت لجأت الى الالة المغطاة بالقماش بالرغم من انها لاتحتوي على الحليب !
في عام 1950م طلبت منظمة الصحة العالمية WHO من العالم البريطاني جون بولبي تقريراً عن الصحة النفسية للأطفال الذين ليس لهم أسر، وهذا ساعده في الالتقاء بكثير من هؤلاء الأطفال. وتوصل في تقريره إلى أن أهمية حب الأم لطفلها في مرحلة الرضاعة والطفولة بالنسبة لصحته النفسية يعادل أهمية الفيتامينات والبروتينات بالنسبة لصحته الجسمية .
وفيما بعد وضع بولبي نظرية حول التعلق بعد ان راجع التجارب السابقة والتي رأى فيها أن الاهتمام العاطفي دافع إنساني متميز وأولي مثله مثل الاهتمامات والدوافع البيولوجية.
المصادر: هنا